النحل | رحلة مذهلة إلى عالم الذكاء والتنظيم الاجتماعي

 النحل: رحلة مذهلة إلى عالم الذكاء والتنظيم الاجتماعي

النحل

 

إن النحل حشرة ذات قداسة، فلقد اختاره الله عز وجل ليطلق اسمه على إحدى سوره، كما اختاره سبحانه كي يوحي إليه ، وإذا كان سبحانه قد أوحى إلى غيره فإن الأمر مختلف، فالوحي إلى غيره قد انقطع أما الوحي إلى النحل فهو مستمر دائم.

إن أمة النحل التي أكرمها الله قد صارت مظهراً من مظاهر الخير، فهي لا تُقدم للناس إلا خيراً حتى لدغها الذي ظنه الناس أذى وشر تبين أنه نعمة من الله وفضل، وأن ما يقدمه النحل للناس أجل من يُبصر، وأوفر من أن يُعد ويُحد.

بيوت النحل

إن قدرات النحل في بناء مساكنه وفي تحصيل أرزاقه يتجلى فيها حجم الكرم الإلهي الكبير لهذه الأمة من خلقه، التي اختصها الله بالرعاية والتكريم. وإن تكريم الله لأمة النحل لهو مظهر من مظاهر عطائه وكرمه للناس، لأن ثمرة جهد النحل في النهاية رزق لهم. 

تُجمع أراء المتخصصين وتؤكد تقارير العلماء ، على أن بيوت النحل هي أكمل وأجمل وأدق وأرق وأنسب بناء يقيمه كائن حي لـ لنفسه في كل أنحاء الدنيا. وأن الإنسان مهما أوتي من علم في الهندسة لو شاء أن يقيم للنحل بيتاً أو يُعد له تصميماً لما استطاع أن يصمم أو يؤسس أفضل مما يقيم النحل لنفسه من بيوت.

فالنحل من أقدر المخلوقات على بناء بيت يبنيه مما يصنع من شمع، مصدره ومصدر كل ما يقدمه النحل هو رحيق الزهر.

ومجتمع النحل عدده كبير؛ إذ قد يزيد سكان الخلية عن ٨٠ ألف نحلة, يتعاون أفراده في بناء البيت الذي يسعهم جميعاً، أو هي بيوت صغيرة داخل الخلية قد يبلغ عددها عشرات الألوف. كل بيت صغير له أركان ستة وأضلاع ستة.

فالشغالات تبني البيت مسدس الشكل وفي أوسط هذه البيوت بيت الملك أو البيت الذي تقيم فيه الملكة، كما يعيش من حولها من يقوم على خدمتها من الأعوان والأتباع. ولقد اختار النحل أن تتوسطهم الملكة حتى تكون في القلب مشمولة بالرعاية والحراسة والأمان.

وتمتلك النحلة الشغالة تحت معدتها جيوباً أربعة صغيرة كل جيب له فتحة تفرز الشمع، ويتم ذلك في يوم التأسيس، وهو يوم يرفع النحل فيه درجة حرارة الخلية، إلى أقصى حد فيبدو جوف الخلية وكأن فيه ناراً موقدة إلى أن تظهر طبقات الشمع بيضاء شفافة.

تبدأ نحلة بوضع حجر الأساس بإحدى طبقات الشمع المنزلية من بطنها، ثم تواصل جموع النحل عملية البناء الذي تتجلى فيه روعة الفن وجمال الذوق وإبداع الهندسة، وذلك كله حسب خطة مرسومة إذ يقيم عيون اليرقات مثلاً في مكانها الطبيعي فلا تكون عالية أو منخفضة، قريبة أو بعيدة عن باب الخلية وإنما في المكان المناسب تماماً. 

والنحل يبني ويراعي قوانين التهوية والمتانة وخصائص الشمع وطبيعة الطعام الذي سيقوم بتخزينه، وتتميز مخازن الشتاء على أن تكون قريبة من مناطق الحرارة المنبعثة من النحل ، كما يختار مواقع كهوف التفريغ كما يتم إنشاء الممرات والطرق التي تشمل كل الاتجاهات فتحول دون الزحام وتكفل التهوية لجميع بيوت الخلية.

ويُلاحظ أن سقوف البيوت مختلفة، فإذا كان النحل يعده كمخازن فإن السقف يكون كثيفاً ، وإذا كان يعده مكاناً لليرقات يكون خفيفاً, وإذا كان للتخزين و اليرقات, يكون متوسط الكثافة لأن الكثيف يقتل اليرقات، والخفيف لن يتسع للتخزين.

ويُنشئ النحل أربعة أنواع من الغرف:

  1.  فيقيم الغرفة الملكية
  2. ثم الغرف الصغيرة وهي مهود للعمال 
  3. ويقيم المخازن العادية التي تشمل أربعة أخماس سطح الخلية 
  4. ثم يقيم غرف الانتقال للوصل بين الغرف الكبير والصغيرة. 

وكل غرفة من هذه الغرف هي أنبوبة مسدسة الأضلاع على قاعدة هرمية، أي كل بيت صغير له أضلاع ستة وأركان ستة، إذ إن الشكل المسدس أصلح من حيث المتانة والراحة، ويجعل أرض الغرفة مؤلفة من ثلاثة أسطح تلتقي في نقطة قد تيسِّر للبنائين أن يُقصدوا في المادة أو خامات البناء كما يُقصدوا في الجهد المبذول.

 والشيء الغريب أن النحل في كل أماكن الدنيا يبني بيوته بمواصفات ومقاييس واحدة. ولم يتوصل فكر الإنسان إلى تصميم بيت أنسب منها لتربية النحل.

تكييف بيت النحل

إذا زادت درجة حرارة الخلية فإن النحل يقف عند مدخلها ويحرك أجنحته بقوة فيسبب تلطيفاً في الهواء القادم من خارج الخلية إليها، كما يرش الإطارات بالماء للتقليل من حدة الحرارة. 

وإذا هبطت درجة الحرارة يتجمع النحل ويؤلف شكلاً كالكرة الجوفاء، يصد الهواء البارد الذي يدخل الخلية، ويولد أيضاً حرارة تنتج من الحركات العضلية التي يقوم بها النحل. ولذلك فالنحل على خلاف باقي الحشرات لا يدخل في البيات الشتوي إذ تظل درجة حرارة الخلية ٣٥ درجة.

أعمار النحل

عمر ملكة النحل حوالي ٥ سنين وعمر الشغالة شهران تقريباً، بينما يقل عمر الذكر عن ذلك لأن مهمته في الخلية تقتصر على تلقيح الملكة الجديدة، وبعدها تموت جميع الذكور القديمة أو تُطرد من الخلية.

لا تجتمع ملكتان في خلية

إذا ظهرت ملكة جديدة مع وجود ملكة عجوزة فإن إحداهما تأخذ جزءاً من أفراد الخلية وترحل عنها. وتختار مكاناً جديداً تبني فيه مملكة جديدة.

المجتمع المثالي

يتمتع النحل بأخلاق حسنة فهو محب للعمل. ولذلك لا يقبل أن يبقى في الخلية عاطلاً عن العمل ومن لا يعمل يطرد من الخلية خوفاً من أن يُعلّم غيره الكسل.

تقوم النحلة بأربعمائة رحلة خلال أسبوعين وذلك من أجل صنع ۷ جرامات من العسل. يبلغ مدى هذه الرحلات حوالي ۸۰۰ كيلو متراً. أي أن كيلوا العسل الواحد يتكون من رحلة تزيد عن مليون و ٤٠٠ كيلو متراً، علماً بأن سرعتها تبلغ ۱۱ كيلو متراً في الساعة أي أن المسافة التي يقطعها النحل من أجل كيلو واحد تساوي محيط الكرة الأرضية ٦ مرات. 

أما اللقاح اللازم لصنع العسل فإن النحلة تزور أكثر من ثمانية ملايين زهرة, والنحل فيه ذكاء إذ يستطيع التمييز بين مختلف الأزهار ويختار الزهور التي تحتوي على الرحيق الذي يفضله. 

وهو يحب النظافة ذلك أن النحل لا يتبرز مطلقاً في الخلية وهو حريص على نظافتها. وهو مجتمع يسوده الحب والتعاون ومحب لوطنه ويدافع عنه. ويضحي بروحه في سبيله لأنه يلدغ من يعتدي على الخلية ويموت بسبب ذلك.

وهو يحب النظام ويدخر قوته إلى الوقت الذي يحتاج فيه هذا القوت. 

لماذا يموت النحل بعد أن يلدغ؟

يموت النحل بعد اللدغة، ذلك لأنها تحدث بواسطة أنبوب حاد. ترسل النحلة خلاله قطرة مادة سامة فينفصل الأنبوب عن الزبان (جسم النحلة) فتموت.

قدرة النحل على التذوق

يمتلك النحل قدرة تذوق ضعف قدرة الإنسان أكثر من عشرة آلاف مرة، إذ يستطيع أن يتذوق السكر في محلول به جزء من السكر في ٣٠٠ ألف جزء من الماء وهذا لا يعقل حدوثه من الإنسان.

الشهد

إذا ذكر السكر، فإن المقصود به هو سكر القصب رغم أن العنب به سكر، ورغم أن الفواكه بها سكر غير سكر القصب وغير سكر العنب. وسكر العنب وسكر الفواكه يختلفان عن سكر القصب في الصفات وفي التركيب وفي المذاق. 

إنما عسل النحل فهو يجمع بين الأنواع الثلاثة لكنه يتميز عليها جميعاً بأنه أسهل هضماً لذلك أطلق الناس عليه الشهد.

كيف يتفاهم النحل؟

النحل يتفاهم بوسائل مختلفة تعتبر هذه الوسائل هي لغة النحل : 

  • الرائحة: عندما يعود عامل النحل إلى الخلية بعد جمع الرحيق، يقوم بإفراز رائحة خاصة تسمى الفيرومون، والتي تساعد النحل الآخرين على التعرف على نوعية الرحيق والمصدر الذي تم جمعه منه. وبالتالي، يمكن للنحل استخدام الفيرومون كدليل لتحديد مصدر الرحيق والعودة إليه مرة أخرى.كما يستخدم النحل الرائحة في التعرف على الملكة وبين النحل المختلفين في الخلية، حيث تفرز الملكة أيضً رائحة خاصة تساعد النحل على التعرف عليها والحفاظ على التنظيم الاجتماعي داخل الخلية. لذلك، يعتبر التواصل بالرائحة والفيرومون جزءاً مهماً من نظام التواصل المعقد الذي يستخدمه النحل للتعاون والتنظيم داخل مجتمعاتها.
  • الرقص : وسيلة كذلك للتفاهم. يقوم النحل بالتواصل مع بعضها البعض باستخدام لغة خاصة تسمى "لغة الرقص". عندما يجد نحل واحد مصدراً جديداً للطعام، يعود إلى الخلية ويقوم بالرقص لإخبار النحل الآخرين في الخلية عن موقع المصدر وجودته. وتختلف طريقة الرقص حسب المسافة بين الخلية والمصدر. فعلى سبيل المثال، إذا كان المصدر قريباً، يقوم النحل بالرقص في دائرة صغيرة، أما إذا كان المصدر بعيداً، فيقوم بالرقص بطريقة تشبه الشكل الهرمي الذي يعبر عن اتجاه المصدر بالنسبة للشمس. ويمكن للنحل الآخرين في الخلية تفسير هذه الرقصة والتعرف على موقع المصدر وجودته، ومن ثم يقومون بالتوجه إليه.
  • صوت الطنين: كما يمكن للنحل أيضاً استخدام أصوات الطنين للتواصل فيما بينها، والتي يمكن أن تنقل معلومات حول المصادر الغذائية والخطر والتعرف على الملكة وغيرها من المعلومات الهامة.
  • التواصل البصري : وتستخدم النحل أيضاً التواصل البصري، حيث يمكن للنحل التعرف على الألوان والأشكال والأنماط المختلفة، ويستخدمون هذا التواصل لتحديد المواقع والتوجه نحو المصادر الغذائية، وبالتالي يستطيعون تحديد الاتجاهات والمسافات والتعرف على الأماكن التي يحتاجون إليها.

في المجمل، يستخدم النحل نظاماً شاملاً من التواصل المعقد يستخدم الرقص والرائحة والاهتزازات والتواصل البصري وغيرها من الطرق للتواصل مع بعضها البعض والتعاون والتنظيم داخل المجتمعات النحلية.

كيف يُصنع العسل؟

يجمع النحل رحيق الأزهار ويحمله في أكياس داخل جسمه إلى الخلية بعد أن يتحول داخل جسمه إلى سكر العسل. يضعه النحل في الخلايا الشمعية فيتبخر الماء الزائد بالهواء الناتج من تحريك النحل لأجنحته، فيصير عسلاً يُغلق عليه ليأكله عند الحاجة، فهو يدخره لوقت لا يجد فيه الأزهار.

ومن الأزهار الغنية بالرحيق البرتقال والبرسيم، ويكتسب العسل لونه من لون هذه الأزهار.

تعقيم العسل

إذا كان الإنسان يقاوم الحشرات بالكيماويات، كأن يخيف العتة برائحة النفتالين وبالـ (د د ت) وبغير ذلك من المبيدات الحشرية السامة كي يحمي حاجاته، فإن النحل قد سبق الإنسان في هذا المجال. 

يعتبر النحل بلا منازع سابق على الإنسان في استخدام سلاح الدفاع الكيمائي، حيث اكتشف وجود النباتات السامة في الطبيعة فهو يعرفها ويعرف رحيقها، فيمتص هذا الرحيق ليضيفه إلى العسل رغم تهديد حياته بالخطر تماماً مثلما تهدد المبيدات حياة الإنسان فيضع النحل إضافات سامة بتركيز لا يشكل خطراً على النحل وبذلك يحفظ النحل العسل بتعقيمه حماية له من الحشرات المغيرة. 

علاقة العسل بالدم

أثبت العلماء أن العسل: 

  1. يزيد من كمية الهيموجلوبين في الدم
  2. وأنه له القدرة على منع النزيف
  3. وأنه له القدرة على علاج حالات فقر الدم الناتج عن سوء التغذية.

مجتمع الخلية

خلية النحل مملكة تقودها الملكة وتشمل الذكور والشغالات، وقد يصل عددهم جميعا ٣٠ ألف نحلة.

ملكة النحل

حياة النحل: رحلة مذهلة إلى عالم الذكاء والتنظيم الاجتماعيbee life

 

والخلية لها ملكة واحدة وظيفتها الرئيسية وضع البيض، إذ تضع في اليوم الواحد 2500 بيضة في أيام النشاط وذلك بعد تلقيحها من الذكر مرة واحدة, فتحتفظ بالسائل المنوي في حوصلة خاصة وتقوم هي بتلقيح البويضات بطريقتها فتصير شغالات أو ذكوراً - فبالضغط على الحويصلة بطريقة خاصة تصبح إناثاً وإذا لم تضغط تصير ذكوراً -. 

والملكة الأم دون خلق الله جميعاً تستطيع أن تتحكم في الذرية من حيث العدد والنوع، فالشغالة إذا أمرت بإطعامها من غذاء الملكة تصير ملكة بدلاً منها إذا تقدم بها السن. 

ومن الأمور الطريفة أن وزن ما تضعه الملكة من بيض يومياً أكثر من ضعف وزنها. ومن الطريف أيضاً أن زواجها من الذكر لا يدوم أكثر من ساعة واحدة تحصل خلالها على جميع عناصر الإخصاب الذكرية اللازمة لتلقيح بويضاتها مدى حياتها التي قد تستمر ٥ سنوات تنتج خلالها نحو مليون ونصف مليون بيضة.

وعند ظهور ملكة جديدة أول ما تصنعه تُشيّد ملكاً لنفسها، وهي تخرج شابة قوية لذلك تبادر الملكة القديمة بالهجرة ومعها الكثير من أعوانها وتؤسس لها مجتمعا ً جديداً، تاركة المجتمع القديم لتقوم عليه الملكة الجديدة فتتجنب صراعاً سينشب حتماً بين الملكتين إذا بقيتا في الخلية لأنه لا يمكن أن يكون بالخلية إلا ملكة واحدة.

وإذا بقيت الملكة القديمة في الخلية فإنه ينشب صراع بين الملكتين ينتهي بمصرع إحداهما حيث تقوم الملكة الشابة غالباً بقتل الملكة المسنة القديمة بزبانها الذي لا يُستخدم بعد ذلك لأنه لا يقتل إلا ملكة.

ذكر النحل

اسمه اليعسوب واسمه التنبل لأنه ليس له دور في الخلية إلا تلقيح الملكة ولذلك فإنه يُطرد أو يُقتل. وتنتهي حياته بعد لقائه بالملكة، وعينه مركبة بها ١٣ ألف عدسة ويستخدمها في لقاء الملكة يوم الزفاف حيث تغني الملكة وتطير إلى أعلى فيتابعها.

الشغالة

يتناسب جسم الشغالة مع كثرة أشغالها ومهماتها. و يتم توزيع الأعمال على الشغالات حسب السن من تنظيف الخلية و بناء المسكن وجمع الرحيق ورعاية الصغار وخدمة الملكة وإحضار الماء وحبوب اللقاح والحراسة.

وفي العادة تبدأ الشغالة يومها بالاستحمام ثم تغذي اليرقات وتؤدي بقية الأعمال.

ويمكن أن تختار الملكة منها واحدة إذا كبرت لتتحول إلى ملكة تخلقها في قيادة الخلية. 

والنحل حشرة اجتماعية ولا تحتمل النحلة حياة الوحدة، فهي يكفيها رفيق واحد أو اثنين وهي إذا رأت نفسها وحيدة، أو في مجموعة قليلة تتوقف عن التغذية وتموت بسرعة لكن إذا أدركتها جماعة أو إذا بلغ حجم المجموعة درجة معينة تبدأ حياة هذه الحشرات في السير في دائرتها العادية. والحد الأدنى للنحل والنمل أن تتكون المجموعة من نحو ٢٥ فرداً ولذلك إذا وجدت نفسها في مجموعة أقل فهي تُصاب بالاكتئاب.

صوت النحلة

أعلن العلماء أن رقص النحل يصاحبه صوت لها ولا يعرف مبعثه هل هو من الأجنحة أم الأقدام أو الحركة أو الفم، غير أنها أصوات مميزة، وتختلف درجاتها وذبذبتها وفقاً لنوع الحديث المطلوب من إبلاغ معلومة أو إنذار بخطر، أو إنارة لبهجة، أو إشاعة لهدوء فهذه الحالات ،وغيرها، كل له الصوت الذي يناسبه.

حواس النحلة

النحل له عيون بسيطة يرى بها القريب وعيون مركبة يرى بها البعيد وتحتوي على ١٣ ألف عدسة وله قرن استشعار به ٢٦٠ ثقب سمع (ذلك أنها أدوات سمع) وأيضاً هي وسيلته للشم ووسيلة للمس.

ساق النحلة

ساق النحلة به سبت تجمع به حبوب اللقاح وبها فرشاة لتمشيط جسمها ومخلب يمسك به الشجر.

معدة النحلة

للنحل معدتان واحدة خاصة بها. وواحدة خاصة لإعداد العسل وهي مصنع فريد إذ حاول العلماء أن يجمعوا كل مكونات العسل بالنسب الموجودة فيها وحاولوا صنع العسل لكنهم لم يوفقوا من خلال أجهزتهم ومعاملهم. وتستطيع النحلة فقط أن تصنع العسل في بطنها وتخرجه للناس فيه غذاء وشفاء

عسل لا يتعفن

مما يثير حيرة العلماء الوسيلة التي يتمكن بها النحل من المحافظة على العسل المخزون دون أن تتلفه البكتيريا إذ أنه من المعروف أن أية مادة غذائية معرضة للتلف مع الوقت و ما لم يتم حفظها بإحكام شديد كي يتعذر على البكتيريا أن تتسرب إليها.

ولكن النحل يتمكن من المحافظة على العسل دون غليه ، ولآلاف السنين يعيش العسل دون أن يتعفن وحتى الآن لم يعرف العلماء السر.

حل شفرة لغة النحل

لغة النحل هي نظام تواصل معقد يستخدمه النحل للتواصل داخل المجتمع النحلي، ولقد استطاع العلماء حل شفرة هذه اللغة عن طريق الدراسات والتجارب المكثفة.

اكتشف العالم الأمريكي كارل فون فريش نظام الرقص الذي يستخدمه النحل للتواصل عن مواقع المصادر الغذائية الجديدة. ولذلك استحق جائزة نوبل عام ۱۹۷۳ 

حشرة مقدسة

أدرك الإنسان منذ قديم الأزمان المثاليات التي تسود مجتمع النحل فاتخذها رمزاً لجميع الفضائل، ففي:

  • مصر لعبت دوراً هاماً في حياة كثير من آلهتهم. 
  • وعبدها الرومان وسموها الآلهة ميللونيا.
  •  وكذلك كان لها أثر في حياة آلهة الإغريق (اعتقدوا أن آلهة القمر تشبه ملكة النحل).
  • وأظهر المسيحيون تقديرهم لها في العصور الوسطى وأشاعوا أنها تتمتع برعاية خاصة من الوزراء وقالوا إنها خادمة الإله، كما كانوا يعطون الأطفال شيئاً من العسل عند تعميدهم.

النحل حشرة عادلة

تمتص النحلة رحيق الأزهار وتمتلئ بطنها حتى تكاد أن تتفجر، ورغم ذلك فإن ما تحمله ليس لها وحدها إذ لا تحتفظ لنفسها إلا بجزء يسير كي توزع الجزء الأكبر على النحل الصغير الذي لا يستطيع الخروج لجمع العسل , فيتم توزيعه بشكل عادل حسب احتياجات النحل الغذائية.

النحل حشرة حكيمة

النحل من الحشرات الحكيمة التي تقدر ظروف الأيام وما يطرأ فيها من متغيرات لذلك تعلمت الحرص الشديد على الطعام الزائد عن احتياجاتها فتدبره لوقت الحاجة إذ تقوم بحفظه وتخزينه, وعرفت كيف تحفظه صالحاً كي تستعين به أوقات الجفاف التي يندر فيها الغذاء. 

ومما يروى عن معرفة القدماء للعسل وتقديرهم لحلاوته أن الأزواج والزوجات منذ خمسة آلاف عام كانوا ينادون بعضهم بعضاً في قائلين يا عسل. وقد عثر على لوح أثري مصنوع من الفخار نقشت عليه قصيدة يخاطب فيها أحد الملوك عروسه بقوله :

يا أحلى من العسل

النحل حشرة نظيفة

يشير علماء النحل الذين داوموا مراقبته إلى أن النحلة تتميز بحرص شديد على النظافة فهي تبدو بصفة دائمة حريصة على نظافة بيتها من خلال عملها في إزالة القش وذرات الرمل والورق. 

وإذا كانت أغلب الكائنات لا تُلقي بالاً أن تتبرز خارج بيوتها، فإن النحل في أشد أيام الصقيع يؤثر أن يموت بالآلاف من داء يصيبه إذا خرج من الخلية على أن يلوث خليته بالفضلات. 

والنحل دائماً يفحص الخلية بشدة ويتأملها بدقة ليمارس تنظيفها وتنقيتها، فيسد الشقوق بمادة كالشمع ويطلي الجدران، ويراعي قواعد التهوية التي هي إحدى الوسائل المعينة على النظافة. 

النحل عموماً غاية في النظافة التي هي مظاهر من مظاهر الذوق والجمال.

النحل حشرة الملوك

لم يجد الفراعنة أفضل من النحلة كي يضعوها على تيجانهم أما بابوات أوربا فقد وضعوها على أسلحتهم واختارها نابليون بونابرت كي توضع على الأردية الأمبراطورية لعائلته.

أنواع النحل

أنواع النحل كثيرة وهي منتشرة في كل بقاع الأرض، ويقدر العلماء أنواعه بنحو عشرة آلاف نوع يوجد منها نحو ألفان في أوربا وكذلك نحو ألفان في أمريكا الشمالية يمارس منها نحو 500 نوع حوالي (5٪) الحياة الاجتماعية أما الأنواع الأخرى فإن النحلة فيها تعيش حياة منفردة. 

ومن النحل نوع يُسمى أوزميا: تعيش النحلة حياة منفردة تحفر عشها في الأرض ثم تصنع العسل وحبوب اللقاح وتبيض بيضة واحدة. وتغطي العش بالتراب وإذا فقست البيضة وجدت الحشرة طعامها, وتقوم النحلة بترك العش لتعد غيره, وهكذا عدة مرات في الموسم الواحد ولا تتصل الأم بذريتها على الإطلاق وتتركها ترعى نفسها بنفسها.

وهناك نوع اسمه اللوداب: تبني النحلة أعشاشها داخل جذوع النباتات الجافة المجوفة وتمون الأعشاش بالغذاء ثم تهجرها وإن كانت تأتي بالطعام وتلقيه أمام اليرقات.

وهناك نوع اسمه النحل الطنان: يبني خليته من قشور الشمع الذي تفرزه من سطحها البطني وتخزن الطعام المكون من خليط من العسل وحبوب اللقاح ثم تصنع البيض وترقد عليه لتسهم حرارة جسمها في سرعة فقسه.

وهناك أنواع أخرى عديدة تحيا حياة منفردة وتتنوع فيما بينها من حيث الوداعة والشراسة.

الاهتمام بالنحل

لم يحظ أي كائن حي بالاهتمام الذي حظي به النحل، لذلك كثرت الكتابات والمؤلفات التي تتحدث عن عالم النحل الغريب وعلى سبيل المثال فإن المكتب الحشري في واشنطن بالولايات المتحدة الأمريكية يوجد فيه بقائمة المراجع الخاصة بالنحل عشرون ألف مرجع.

تكاثر النحل

تقوم الملكة فقط بوضع البيض الذي يفقس ويصير نحلاً، ويسبق عملية البيض تزاوج يتم بين الملكة وذكر النحل فتغادر الخلية وتطير عالياً في الجو بسرعة كبيرة فيتتبعها أعداد كبيرة من سكان الخلية وكأن المشهد حفل زفاف كبير وتحاول الذكور اللحاق بها، لكن يفوز بها في النهاية أقوى الذكور الذي يكون أسرعها في الطيران، ولكن الفائز السعيد يلقى بعد ذلك حتفه إذ يموت بعد ذلك مباشرة حيث تقتله الملكة بزبانها.

ويتم تلقيح الملكة مرة واحدة فقط في بداية حياتها إذ تحتفظ بالحيوانات المنوية داخل كيس خاص، ويلحق بجهازها التناسلي. وتستطيع الملكة التحكم في خروج حيوانات منوية من الكيس فتستطع أن تتحكم في نوعية البيض المطلوب حسب حاجة الخلية إلى الشغالات أو إلى الذكور فإذا أرادت وضع بيض مخصب تقوم بفتح الكيس أما إذا كانت الخلية في حاجة إلى ذكور تفقس من بيض غير مخصب فإنها تغلق فتحة الكيس فتسد بذلك الطريق أمام الحيوانات المنوية .

وغذاء الملكات مغذ لدرجة كبيرة وله دور كبير في مساعدة الملكة على أداء دورها، ورسالتها هي وضع البيض من أجل تكاثر النحل، ولذلك فهي تتغذى عليه طوال حياتها خلافاً لبقية النحل الذي يتغذى عليه في طور اليرقة فقط فيكسبه القوة والنماء. 

ولذلك تستطيع الملكة أن تضع أكثر من ألفي بيضة في اليوم. أي أن وزن كمية البيض التي تضعها في اليوم الواحد أكثر من وزن النحلة الملكة نفسها والأمر الطريف أنها لا ينتقص وزنها رغم أنها تقدم قدر وزنها بيضاً.

والشغالة تقدم للملكة الغذاء المناسب فهي تعطي الملكة الطعام الكثير أثناء فترة وضع البيض وتعطيها الطعام القليل عندما يقل البيض ذلك أن الذي يقدر عدد البيض هو الشغالة من خلال تقديرها لحالة الخلية وحاجتها من السكان. أي أن الشغالة بفطرتها تهتدي إلى الكم المطلوب من النحل حسب ظروف الطعام المتاح وبالتالي فهي قد توصلت إلى ما يطلق عليه اليوم تحديد النسل. وتقديم الطعام هو الوسيلة الفعالة في ذلك الشأن.

أنواع العسل

قال الله تعالى عن النحل : ( تَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ) . ولذلك فنحن نلاحظ أن من العسل ما هو أبيض ومنه ما هو أحمر كما يوجد الجامد والسائل وذلك توكيد لقدرة الله عز وجل على الإبداع والخلق والاختراع فالأصل واحد لكن ينتج عنه أنواع مختلفة كي يتنوع الغذاء والفائدة وكي يتنوع الطعم.

أما الاختلاف فمرجعه تنوع المرعى حيث يتغذى النحل.

حضنة نحل العسل غذاء

حياة النحل

 

حضنة النحل من اليرقات والعذارى هي الأخرى صارت طعاماً شهياً ومغذياً بعد أن اكتشف العالمان الكنديان هوكينج وماتسوفرا أنها تحتوي على 18% بروتين كما أن الجرام الواحد يحتوي على 119 وحدة دولية من فيتامين (أ) وأيضاً 700 وحدة من فيتامين (د) وكان ذلك في عام 1960ولذلك تُحفظ وتُباع في العلب بكندا.

طنين النحل لعلاج الغيبوبة

نجح الأطباء في الصين في استخدام طنين النحل الذي سجلوه على كاسيت لعلاج أحد المرضى الذي ظل في غيبوبة لمدة ٢٤ يوماً عقب استبدال صمامات القلب له إذ حاولوا إفاقته باستخدام الموسيقى المفضلة لديه ولما لم يُوفقوا استخدموا أصوات النحل لأنه كان يُربي النحل في مزرعته ويعشق أصواته.

الدب والنحل

يوجد بالقرب من فتحة خلية النحل حرس من الشغالات لا يغفل عن المراقبة المستمرة ليلاً ونهاراً ليصد أي هجوم لسرقة العسل ولذلك لا يستطيع أن يتسلل أحد إلى الخلية.

لكن الدب فقط هو الذي يجرؤ على الدخول مع النحل في معركة شرسة رغبة منه في أن يأكل العسل. ولكن كثيراً ما ترغمه جموع النحل الشجاعة على الهرب.

الحشرة التي تخدع النحل

رغم أن الدب على قوته لا يستطيع أن يقدر على النحل ويأكل عسله فإنه توجد فراشة صغيرة اسمها الجمجمة تتسلل إلى داخل خلية النحل وتشرب كمية كبيرة من العسل، ثم تعود هاربة إلى بيتها دون عقاب.

وثبت أن هذه الفراشة تصدر طنيناً تُقلد به صوت ملكة النحل لذلك تسلب عقل الحراس وتفعل فعل السحر في النحل وبذلك تصبح هي الحشرة الوحيدة القادرة على أن تتسلل داخل خلية النحل.

حاسة الوقت عند النحل

اكتشف العلماء أن النحل لا يتمتع بالخمس حواس المعروفة فقط بل لديه الحاسة السادسة ,أطلقوا عليها حاسة الوقت, وقد أعلنت هذه الحقيقة الباحثة بيلنج عام 1929 حيث توصلت إلى أن النحل يخرج إلى الأزهار في وقت بعينه من النهار هو الوقت الذي تفرز فيه الأزهار الرحيق أو تطلق حبوب اللقاح وهي لا تفعل ذلك إلا في أوقات محددة من اليوم وبذلك يوفر النحل على نفسه عناء العمل في غير هذه الأوقات.

وقد قال فون فريس: أن شغالة النحل التي تخرج لجمع الغذاء في وقت محدد من اليوم ومن نوع معين من الأزهار تقضي بقية يومها مسترخية داخل الخلية تستمتع بالراحة والاستقرار. 

قدرة الإبصار لدى النحل

قدرة النحلة على الإبصار خارقة، فهي لا تتأثر إذا غابت الشمس أو وضحت, صحت السماء أم امتلأت بالسحب لأن ما وهبها الله من جهاز للإبصار به نحو 13ألف عدسة رؤية يمكنها من أن تعرف طريقها كما يمكنها من أن ترى أشعة الشمس فوق البنفسجية التي تخترق السحب.

أجهزة النحل

حتى تؤدي الشغالة عملها، فإن جسمها مُغطى بشعر كثيف كي تلتصق به حبوب اللقاح وفي أرجلها الخلفية جهاز لتجميع تلك الحبوب.

 أما رحيق الأزهار فإن جسم النحلة أيضاً قد أُعد بحيث يمكنها أن تحتفظ به في حوصلتها التي تتسع لذلك, ولذلك يُطلق عليها كيس العسل. وتفرز الحويصلة خمائر (أنزيمات) تحول الرحيق داخلها إلى عسل.

وللشغالة أيضاً غدد شمعية لإفراز الشمع اللازم لبناء البيوت, هذه الغدد موجودة عند سطحها البطني. 

ولها أيضاً غدد بلعومية جانبية تفرز الغذاء الملكي وهو سائل لبني غني بالبروتين والشغالة مزودة بالزبان الذي تلسع به من يحاول الاعتداء عليها أو على بيت النحل.

 ولكثرة ما تؤديه الشغالة من أعمال فقد قصر عمرها لذلك تعيش من ستة أسابيع إلى ثمانية. 

ولأن الملكة لها دورها الذي يختلف عن دور الشغالات, فإن بطنها أطول من بطون الشغالة وهي بصفة عامة أكبر أفراد مستعمرة النحل حجماً لأنها هي التي تضع البيض الذي يصير مجتمع النحل. فهي الأم الحقيقية والجميع ابناؤها, ولذلك لا يوجد في جسمها الأجهزة الموجودة في جسم الشغالة.

 و الملكة لا تجمع حبوب اللقاح ولذلك لا يوجد على أرجلها الخلفية جهاز تجميعها، وهي لا تسهم في بناء البيت لذلك ليس لها غدد شمعية. ولا تسهم في فرز الغذاء الملكي لذلك ليس لها الغدد البلعومية الجانبية التي تقوم بفرزه. ولا تشارك في حراسة الخلية ومن هنا لا نجد لها الزبان الطويل الموجود في جسم الشغالة إذ أن زبانها أقصر.

أما الذكور فهي الأخرى يتوقف دورها عند تلقيح الملكة, لذلك توجد لها أعضاء شم قوية جداً لتساعدها في التعرف على الملكة عند طيرانها خارج الخلية, وعيونها المركبة أكبر حجماً من عيون الملكة والشغالة، أما أجنحتها فهي أقوى من أجنحة الملكة كي تتمكن من اللحاق بها في الجو أثناء عملية التلقيح.

مراحل حياة الشغالة

حياة شغالة النحل تتألف من ثلاثة مراحل رئيسية: العاملة الشابة، والعاملة المتوسطة العمر، والعاملة الكبرى في السن. وتختلف مهامها ونشاطاتها في كل مرحلة من هذه المراحل. 

  1. العاملة الشابة: تفقس شغالة النحل من بيضة وتبقى في هذه المرحلة لمدة 3 أيام تقريباً. وفي هذه الفترة، تعمل على تنظيف الخلايا وإطعام اليرقات. وبعد ذلك، تتحول إلى مرحلة اليرقة لمدة 6 أيام، حيث تعمل على النمو والتطور. وفي المرحلة الثالثة، تتحول إلى حشرة مكتملة النمو وتبدأ بالعمل في الخلية.
  2. العاملة المتوسطة العمر: تستمر شغالة النحل في هذه المرحلة لمدة 2-3 أسابيع. وتعمل في هذه المرحلة على نقل الرحيق وتسخين الخلايا وصنع شمع النحل وتنظيف الخلايا ورعاية اليرقات.
  3. العاملة الكبرى في السن: تعمل العاملة الكبرى في السن على جمع الرحيق واللقاح وتخزين الطعام وبناء الشمع وحراسة الخلية وتبريد الخلايا في الصيف وتدفئتها في الشتاء. وتعمل في هذه المرحلة لمدة 2-6 أسابيع قبل أن تموت.

وعندما تصل شغالة النحل إلى نهاية عمرها، تموت ويتم إخراجها من الخلية من قبل النحل الآخرين. ويتم استبدالها بشغالة نحل جديدة.

طعام النحل

اختار الخالق العظيم للنحل أن يأكل أحلى ما في الوجود وهو العسل الذي صار مضرب المثل في الحلاوة.

والعسل من إنتاج النحل وصنعه فهو يعده طعاماً لنفسه وإن كان الإنسان ينافسه في أكله وإنه في عرف النحل ظالم ومتعد على طعام الآخرين وحقوقهم.

والنحل من الحشرات الصانعة لطعامها فإذا كانت الحشرات الأخرى تلتقط طعامها فيما حولها فإن النحل يشاركها في التقاط رزقه لكن ليعده ويحيله إلى الغذاء الذي يشتهيه ويستسيغه (أي لا يتناوله مباشرة)، وإنما يتناوله ليصنعه ويجعله عسلاً.

والنحل يكوِّن العسل من ثلاثة أشياء في الطبيعة، هي رحيق الأزهار وحبوب اللقاح والماء.

رحيق الأزهار

يعيش النحل بين الأزهار بحثاً عن رحيقها وهو المصدر الأساسي لصناعة العسل. وهو عبارة عن سائل حلو المذاق تفرزه (غدد الرحيق) الموجودة في كثير من النباتات الزهرية, ويتكون الرحيق من محلول مائي به ثلاثة أنواع من السكر:

  • السكروز وهو سكر القصب. 
  • الجلوكوز : وهو سكر العنب. 
  • الفركتوز وهو سكر الفاكهة.

كما يحتوي أيضاً على أنواع من المركبات الكيماوية تمنح كل نوع من العسل مذاقه ورائحته الخاصة.

و لكي يقبل النحل على الرحيق, لا بد من أن تتراوح نسبة السكر فيه ما بين 35%-40%. وتركيز هذه النسبة لا يختلف فقط من نبات إلى آخر بل يختلف في النبات الواحد من يوم إلى يوم، ومن ساعة إلى ساعة بسبب تغير نسبة الرطوبة في الجو، ذلك أن الرحيق يمتص الرطوبة من الجو فيزداد حجمه وبالتالي يقل تركيزه.

الفرق بين الرحيق والعسل

إذا قارنا بين الرحيق والعسل نجد أن الرحيق يحتوي على نسبة تتراوح بين ٦٠-٦٥٪ من الماء بينما نجد العسل يحتوي من الماء على نسبة تتراوح بين ١٧ - ٢٥٪، أي أن نسبة الماء أقل في العسل.

كما نلاحظ أن السكر الموجود في الرحيق قد تحلل معظمه إلى كميات متساوية من الجلوكوز والفركتوز.

كيف يتحول الرحيق إلى عسل؟

عسل النحل هو منتج طبيعي يتم إنتاجه عن طريق تحويل رحيق الأزهار الذي يقوم به النحل بجمعه وتخزينه في الخلايا. وعندما يجمع النحل رحيق الأزهار، يقوم بإضافة إنزيمات خاصة إليه ويتم تخزينه في خلايا الشمع حتى يتحول إلى عسل.

يتم تحول الرحيق إلى عسل عن طريق عملية تُسمى التخمر والتجفيف. حيث يتم تخزين الرحيق في خلايا الشمع ويتم تعريضه للهواء والرطوبة وحرارة الخلية. وتعمل إنزيمات النحل على تحويل السكريات الموجودة في الرحيق إلى جلوكوز وفركتوز، وهما أنواع من السكريات البسيطة التي يمكن هضمها بسهولة.

تتم عملية التخمر والتجفيف تحت درجة حرارة معينة وتهوية مناسبة، حتى يتم تجفيف الرحيق ويتحول إلى عسل. وعندما يصبح العسل جاهزاً، يقوم النحل بغلق الخلية بشمع جديد ويترك العسل لاستخدامه في وقت لاحق.

حبوب اللقاح

تدخل حبوب اللقاح في تكوين غذاء النحل إذ أنها ضرورية لأنها تُسهم في تربية يرقات النحل فترة طويلة من أجل أن تنمو نمواً طبيعياً تستطيع أن تكون قادرة على إنتاج الغذاء الملكي في الأدوار المتقدمة من نموها الذي تطعمه لصغارها وإلا تعرضت للموت.

وفضلاً عن ذلك فإن حبوب اللقاح ضرورية من أجل أن تعيش الملكة وأن تكون قادرة على أداء رسالتها في تكاثر النحل إذ يدخل في إنتاج الغذاء الملكي الذي يمكِّن الملكة من أن تبيض في اليوم الواحد كمية من البيض قد تعادل وزنها ولا ينقص ذلك من وزنها شيئاً ما دامت تأكل الغذاء الملكي. 

ويرى العلماء أن الملكة التي تُنتج ٤٠ ألف نحلة تحتاج رطلاً من حبوب اللقاح، أي أن الخلية تحتاج خلال الموسم حوالي ٤٠ رطلاً لأن الخلية ينشأ بها نحو مائتي ألف نحلة في العام.

كما و يرى العلماء أن المواد الغذائية التي يستخلصها النحل من حبوب اللقاح هي البروتينات والدهون والسكر. وتقوم الشغالات التي تقوم بجمع حبوب اللقاح من الأزهار بالاستعانة بالشعر الغزير الذي يحيط بجسمها ثم تستخلصه من الشعر وتجمعه في كتل وتضعه في (سلة حبوب اللقاح) الموجودة على أرجلها الخلفية وعند عودتها إلى الخلية تضعه في مكانه المناسب.

دور الماء في حياة النحل

الماء ضروري للنحل للأسباب الآتية : 

  1. من أجل إتمام العمليات الحيوية كالهضم والتمثيل الغذائي والإفراز وغيرها وهي عمليات تتم داخل الجسم في وسط مائي.
  2. تخفيف الرحيق الذي تحصل عليه النحل من الأزهار إذا ما كان مركزاً كي تطعم به اليرقات.
  3. في حالة عدم وجود رحيق في الأزهار يكفي للطعام فإنها تخرج العسل الذي أخزنته في الخلية وهذا بدوره يحتاج إلى الماء لتخفيفه. 
  4. والماء ضروري أيضاً من أجل تكييف البيت إذ يستعين به النحل لخفض درجة حرارة الخلية وللاحتفاظ بكمية من الرطوبة اللازمة لمنع اليرقات والغذاء من الجفاف.

كيف يتعرف النحل على مكان الماء؟

يعتمد النحل على حواسهم الحسية المختلفة للعثور على مصادر الماء. وتتضمن هذه الحواس الحس البصري، والحس الحراري، والحس الكيميائي، والحس اللمسي.

عندما يحتاج النحل إلى الماء، يقوم بالبحث عنه في محيط الخلية. ويستطيع النحل استشعار وجود الماء بسبب الرائحة التي يصدرها، ويستطيع أيضاً الكشف عنها باستخدام حاسة الطعم التي تمكنه من تذوق الماء.

ومن المعروف أن النحل يفضل الماء النقي والصافي، ويتجنب الماء الذي يحتوي على أي شوائب. وعندما يجد النحل مصدراً جيداً للماء، يقوم بجمعه باستخدام فمه ويتم نقله إلى الخلية باستخدام الشمع.

تخزين الماء

يقوم النحل بتخزين الماء في أوائل العام وذلك له أثره في سرعة نمو الخلية لأنه يوفر على الشغالات جهداً ووقتاً. فلا تخرج للبحث عن الماء. وتدخر الوقت للحصول على الغذاء وبذلك تزداد قدرتها على تأدية الوظائف الأخرى كما تطوّل أعمارها. 

تقوم بعض الشغالات بإحضار الماء إلى الخلية فتجد من يستقبلها فتفرغ الماء من بطونها إلى بطون الشغالة الثانية لتغادر الخلية لإحضار الماء من جديد وتصبه في بطون شغالات أخر. تصبح كأنها صهاريج حية لذلك يطلق عليها (خازنات الماء) وتمتلئ هذه الخزانات الحية بالماء حتى أنها تفقد القدرة على الطيران بل وعلى الزحف أيضاً وتصبح هي مصدر الماء في الخلية.

فوائد النحل

النحل لا تُحصى فوائده, فقد كان يُنظر إليه على أنه يقدم لنا العسل وهو طعام. ولكن أثبتت الأيام أن النحلة فعلاً حشرة مباركة ولها عطاؤها المبارك. 

  • وإذا كان العسل قد اقترن بالنحل كطعام وغذاء، فقد أكد خبراء التغذية أنه طعام غير عادي حيث أكدت بحوثهم أن كيلو جرام العسل يساوي خمسة كيلو جرام من اللبن واثنين من اللحم، ويساوي ۱۲ كيلو من الخضروات أو ٥۰ بيضة أو ٦۰ برتقالة، أو ٢٦ موزة وذلك لأن الجرام الواحد من العسل يساوي ٣ سعرات حرارية.وقبل أن يتمكن الإنسان من تصنيع السكر كان هو الوسيلة الوحيدة للتحلية.
  • وهو فضلاً عن ارتفاع قيمته الغذائية فهو طعام يسهل هضمه حيث يحتوي إضافة إلى سكر الفراكتوز، والجلوكوز على كميات من فيتامين (ج) وفيتامين (ب المركب) وعلى بعض المعادن مثل البوتاسيوم والكالسيوم والماغنسيوم والحديد والنحاس والمنجنيز وبعض البروتين والأحماض.
  •  وهو طعام حلو المذاق حتى لقد صار مضرب المثل في الحلاوة، وإذا أردنا أن نضرب المثل بالطعام الجميل فهو العسل، وإذا أردنا أن نصف طعاماً بالجمال فهو يشبه العسل. 
  • وللنحل فوائد عديدة في الحياة العامة فهو يقضي على كثير من الحشرات الضارة بالإنسان ويؤثر في ٥٠٪ من المحصولات الزراعية تحسيناً طيباً. لذلك فإن كثيراً من المزارعين في الولايات المتحدة الأمريكية يؤجر أصحابها النحل لتلقيح الفواكه والخضار حيث يؤدي أكثر من ۸۰٪ من هذه المهمة، ويقول رجال الزراعة إنه لولاه لحُرِمنا عدداً كثيراً من الفواكه مثل الخوخ والتفاح
  • وللنحل في عالم الصناعة أثر يزداد مع الأيام، فشمع النحل يصنع العديد من مواد الزينة، مثل أحمر الشفاة وأدهنة الوجوه وغيرها، كما أنه يُصنع منه الشموع التي تضيء المساجد والكنائس ومنه أيضاً تُصنع أقراص A منه الفوتوغراف وتصنع شموع التلميع ومستحلباتها.

النحل والطب

أدرك الإنسان منذ عهود سحيقة الأثر الطبي لعسل النحل، فلم يتعامل معه على أنه غذاء فقط، وإنما أدرك أنه دواء إلى جانب كونه غذاء. ولقد اكتشف المصريون القدماء أنه مادة حافظة فاستخدموه في التحنيط ، وأدركوا أنه لا يَفسُد ، ولذلك يوجد في الأهرامات المصرية عسل، وضع بها منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة.

ولاحظ الإنسان منذ القدم أن له أثر في الشفاء من الأمراض، وله تأثير كبير على الصحة، حيث يمد الإنسان بالقوة والنشاط بل ويعمل على وقايته من الأمراض.

وفي العصور الحديثة حينما تم تحليل العسل والتعرف على مكوناته اكتشف العلماء أنه يتكون أساساً من سكر العنب الذي يتم امتصاصه في الدم مباشرة بلا أية عمليات من الجسم لهضمه، هذا النوع من السكر يسمى الجلوكوز، وهو يُعطى حقناً في الوريد ليتجه إلى الدم مباشرة كما يتضمن سكريات أخرى هي سكر الفاكهة وسكريات ثنائية وأخرى مركبة لا يتم تحليلها إذا كانت في أطعمة أخرى إلا بمجهود من الجسم أما في العسل فالجسم يستفيد منها بلا مشقة. 

كما أدرك الباحثون أن العسل يتضمن الأحماض العضوية التي تٌُعتبر حجر الزاوية في بناء الجسم، هذا خلافاً للمعادن والأملاح الأخرى الموجودة به وهي الكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والحديد والكلور والفوسفور، والمنجنيز والسليكون والألومنيوم والبورون، والكروم والنحاس والليثيوم، والنيكل، والرصاص والقصدير، والتيتانيوم والخارصين ،والأزميون.

وأيضاً يوجد بالعسل خمائر هاجمة، تحول المواد الغذائية في الجسم إلى مواد سهلة الهضم وصالحة للتخزين. 

وأيضاً يوجد به البروتينات اللازمة لبناء الجسم وبه الفيتامينات الضرورية للإنسان.

وحديثاً أضاف العلم تواجد مادة سميت (انهيبين) لها خاصية فريدة في وقف نمو الميكروبات ثم القضاء عليها. 

وقد أكدت الأبحاث الطبية العالمية أثر عسل النحل في علاج الكثير من الأمراض إذ هو ينظف الجسد من أي تلوث ويطرد البلغم وعلاج أكيد للزكام ونزلات البرد، ويفيد العيون ويعالج أمراض الرئة والسل الرئوي، وأمراض الكبد وكسله، وآلام حصوات المرارة ويعالج قرح المعدة والأمعاء وينظم إفرازاتها.

وبالنسبة لأمراض القلب أكد الأطباء أن العسل ضروري لأنه يعوض ما يفقده القلب من مجهود، فضلاً عن أن العسل يرفع نسبة هيموجلوبين الدم، فيؤدي ذلك إلى كفاءة الجهاز الدوري. 

وللعسل أيضاً تأثير سريع على الصداع والأرق والاضطرابات العصبية. 

والعسل يعالج الأنيميا الناتجة عن سوء التغذية كما يعالج السكر والسرطان ويفيد في التئام الجروح ويؤدي إلى سرعة التئامها كما يؤدي إلى التئام الخراريج والدمامل والجمرات.

وله دور كبير في علاج الأمراض الجلدية ويصنع منه كريمات للوجه ، ومراهم للعيون.

والعسل يحفظ حرارة الجسم الطبيعية ومطهر وقاتل للميكروبات، وهو دائماً معقم، فهو لا ينقل العدوى، ولا يعيش فيه أي مكروب، وذلك لأنه يمتص الرطوبة تماماً ولذلك فهو يمتص الرطوبة من الميكروبات والجراثيم فيقضي عليها.

وما زال العلم يقدم الجديد بالنسبة للآثار الطبية للعسل ودوره في علاج الأمراض.

ومما أكدته الأبحاث الطبية أثر سم النحل في شفاء الأمراض، وهذا أمر حديث لم يتوصل إليه العلماء إلا في أوائل القرن العشرين. 

وسم العسل سائل شفاف ذو رائحة تشبه رائحة العسل لكنه لاذع النكهة مر الطعم ويخرج عن طريق آلة اللسع التي في النحلة وقد أكدت الأبحاث أنه يحتوي على العديد من الأحماض مثل الفورميك، والأيدروكلوريك، والهستامين والكولين وغيرها، وبه قليل من المعادن كالنحاس والكالسيوم كما يحتوي على البروتينات كما يوجد به زيوت طيارة وإليها يُعزى ما يشعر به الملدوغ من ألم.

ولقد أكدت أبحاث العلماء أن سم العسل من أقوى المطهرات الفعالة وأنه يكفي وضع جزء واحد إلى خمسين ألف جزء ماء فيصبح الماء معقماً، وبذلك يصبح تأثير سم العسل أقوى من تأثير المضادات الحيوية.

ولقد ثبت نجاح العلاج بسم العسل في مجال أمراض المفاصل والروماتيزم ولذلك افتُتحت مراكز العلاج بلدغ النحل مباشرة كما تم تعبئة حقن بسم النحل لعلاج الحمى الروماتيزمية والتهاب الأعصاب وأمراض الجلد، وسل الجلد وتضخم الغدة الدرقية والملاريا، وعلاج العيون خاصة التهاب القزحية. 

كما تعالج المراكز الطبية أيضاً ارتفاع ضغط الدم بسم العسل بسب احتوائه على مادة (الهستامين) وهي مادة تؤثر على الأوعية الدموية فتسبب اتساعها. 

وفي منتصف القرن العشرين توصل العلماء إلى التعرف على الآثار الطبية لغذاء الملكة أو الغذاء الملكي، حيث أكدت الأبحاث الطبية أنه يقي من الأمراض ويعالجها، ويكسب الإنسان القوة والنشاط والحيوية ويعيد بعض طاقات الشباب للشيوخ والكبار.

و أخيراً:

أجمعت البحوث على الأهمية الكبرى للنحل في جميع المجالات و منها المجال الطبي ولذلك لا تعجب حين تقرأ قول الله عز وجل ( فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ ) وحين تعلم أن رسول الله ﷺ كان يشرب كل يوم قدحاً من الماء ممزوجاً بالعسل على الريق. 

ولا تعجب حين تسمع ما قرره العلماء بعد طول تجارب وبحوث من أن النحل كله خير ولا يأتي الإنسان منه إلا خير حتى لدغة السم فيها الخير والنفع. وهكذا تجلت قدرة الله في النحلة إذ جمع فيها العسل والسم، والسم ضار إلا من النحل. 

ولقد صدق من قال عن النحل إنه الصيدلية المجنحة وإنه الشفاء الطائر.


نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-