يشكل الصداع Headache أحياناً عرضاً لمرض أو اضطراب ، مثل الأنفلونزا ، و مع ذلك فإن معظم الصداعات تحصل مستقلة عن أي اضطراب و تحدث دونما سبب ظاهر ( غالباً ) ، و تزول في غضون بضع ساعات و لا تترك أية آثار لاحقة ، و بمعنى آخر فإن غالبية الصداعات ، و مهما كانت مؤلمة ، فالمُرجّح أن تكون عابرة ، و يجلبها التوتر الذي يُلقي إجهاداً على الأنسجة العضلية أو الأوعية الدموية في العنق أو الرأس أو كليهما .
العوامل التي تُسبب الصداع
هناك العديد من العوامل التي يمكن أن تسبب صداعات ، سواء أكانت هذه العوامل مفردة أو متضافرة و تشمل :-
- الكرب
- قلة النوم أو كثرته
- الإفراط في الطعام
- الإكثار من تناول المشروبات الكحولية
- البيئة الفاسدة الهواء أو البيئة الصاخبة
- العمل الزائد
- التعرض للبرد و التيارات الهوائية خاصة أثناء النوم
- وغيرها من العوامل ....
إن الأنسجة الدماغية ، بحد ذاتها غير مؤلمة فهي غير حساسة للألم لأن الدماغ نفسه لا يحوي أعصاباً حسية و الحساسية في هذه الناحية توجد فقط في السحايا ( وهي الأغشية الثلاث التي تُغَلِّفُ الدماغ )، و الجلد و العضلات التي تغطي الجمجمة ، و الكثير من الأعصاب الصادرة عن الدماغ نحو الرأس و الوجه .
أسباب الصداع
ربما لا تستطيع معرفة السبب الذي أحدث لك صُداعاً ، و مع ذلك فمن وجهة نظر وظيفية هناك فقط سببان شائعان للصداع :-
- الإجهاد الواقع على العضلات العنقية و الوجهية و عضلات فروة الرأس ، و الناجم عادة عن التوتر و يُدعى هذا النمط من الصداع بصداع التوتر .
- توسع الأوعية الدموية في ناحية الرأس ، و الذي يفضي لإجهاد جدران هذه الأوعية ، و يُدعى هذا النمط بالصداع الوعائي .
فإذا كنت على سبيل المثال واقعاً تحت تأثير كرب عاطفي فقد تظن أن القلق أو الأسى قد سبب لك الصداع ، و هذا صحيح ، و لكن بشكل غير مباشر ، فالواقع أن الانفعال قد أثر عليك بطريقة ما فأحدث توتراً جسمياً أدى إلى الألم .
و بالمثل إذا أمضيت ساعات طويلة مركزاً على عمل دراسي فإن الصداع الناتج يحدث بسبب وضعية جسمك أثناء العمل ، أو ربما بسبب إجهاد العينين و ليس بسبب الجهد الذهني .
أما الصداع الوصفي الصباحي لتناول كمية زائدة من الكحول في الليلة السابقة ، فربما يعود إلى توسع الأوعية الدموية في الدماغ ، إذ أن الكحول يعمل على توسيع الأوعية الدموية في الجسم .
و إضافة إلى ذلك فإن صُداع التوتر ربما يظهر بسبب أن الألم الوعائي يفضي إلى إجهاد في عضلات الرأس و العنق .
أعراض مصاحبة للصداع
إذا كنت تُصاب بالصداع من وقت لآخر منذ سنوات عديدة ، فمن المحتمل أنك تعرف مسبقاً ما الذي يجلب لك الصداع ، و ما إذا كان هذا الصداع هو شقيقة أو صداعاً تعاقبياً ، و ربما تعرف أيضاً الطريقة الأفضل للسيطرة على الألم .
و مع ذلك فإن كنت لا تصاب عادة بالصداع و ظهرت لديك حديثاً آلام شديدة ، فالأولوية بالنسبة لك ، هي اكتشاف السبب الممكن لهذه الصداعات .
فإذا كان لديك أعراض أخرى إضافة للصداع :-
- إرتفاع حرارة
- الشعور بالنعاس و الغثيان
- و إذا كان الألم من الشدة بحيث تحني رأسك للأمام
- محموم و الضوء يؤذي عينيك
و في أي من هذه الأحوال عليك الذهاب إلى المستشفى ، قسم الطوارىء مباشرة .
إن الصداع الذي يظهر دون أعراض مرافقة و يختفي طوال الليل , لا يحتمل أن يكون مدعاة للقلق ، أما إذا كانت الصداعات تدوم أكثر من 24 ساعة أو تُعاود الظهور 2-3 مرات أسبوعياً فيتوجب عليك مراجعة طبيب أمراض عصبية للتأكد من أنك لا تعاني من مرض عصبي كامن .
العلاج الذاتي للصداع
إن التوتر المعاود أو الصداعات الوعائية تشير لوجود كرب في أسلوب حياتك . و يشكل كل من شرب الكحول و التدخين أيضاً ، سببين أساسيين للصداعات الوعائية ، و قد يساهمان أيضاً في جعل الأنماط الأخرى من الصداعات أكثر شدة .
يمكن عادة تخفيف صداعات التوتر البسيطة أو الصداعات الوعائية البسيطة بتناول دواء مسكن ( كالأسبرين ) كما تفيدك التدابير التالية :
- حاول أن تسترخي و ادلك ومطط باعتدال كتفيك و فكيك وعنقك و فروة رأسك .
- خذ حماماً دافئاً ثم استلق و استرح .
- ضع غطاءً جافاً أو بارداً و رطباً ، حسبما ترتاح ، فوق مكان الألم .
- تناول الكثير من عصير الفواكه و امتنع عن تناول الكحول ، و التدخين .
- يكون عادة قضاء ليلة مريحة في النوم خير علاج لصداعك
العلاج الاختصاصي للصداع
إذا كان الصداع يعاودك عدة مرات كل أسبوع ، فراجع طبيبك فربما يمكن اكتشاف السبب الكامن لتلك الصداعات .
الشقيقة (Migraine)
إن الشخص المصاب بالشقيقة يعاني من صداعات دورية يرافقها عموماً أعراض أخرى ، مثل الغثيان و اضطراب البصر ، مما يجعله عاجزاً بشكل كامل طوال فترة نوبة الصداع . و بالرغم من البحث الطبي المكثف فإنه لم يعرف حتى الآن لماذا يكون بعض الناس عرضة لمثل هذه الهجمات من الصداع أو ما الذي يطلقها .
يبدو واضحاً ، في العديد من الحالات ، أن ثمة عوامل محددة تكون مسؤولة عن ظهور الهجمات ، فمثلاً :-
- يميل الاستعداد لصداعات الشقيقة للتواتر في العائلات مما يوجه الانتباه لوجود سبب وراثي لهذا الاضطراب .
- و في بعض الحالات وُجد أن بعض الأطعمة بما فيها الشوكولا و الجبن و النبيذ الأحمر تطلق الهجمات .
- و غالباً ما تتواجد علاقة بين الصداعات المعاودة و الحيض أو الكَرْب .
- و قد تكون النوبات ذات صلة أيضاً بمرض نفسي .
- أو أنها لا تمت بصلة لأي من هذه العوامل .
و ربما يكون السبب الحيوي للهجمة هو طريقة استجابة الشرايين المغذية للدماغ نحو العوامل المطلقة الهجمة مهما تكن هذه العوامل ، و لسبب ما تصبح هذه الشرايين في البداية متضيقة و من ثم تتوسع و هذا التبدل يبدو أنه هو الذي يسبب الألم .
هذا و إن تضيق الشرايين يُنقص أيضاً الإمداد الدموي إلى أجزاء من الدماغ ، و هذا ربما يفسر الأعراض الأخرى المرافقة للشقيقة مثل اضطراب البصر .
أعراض الشقيقة
مع أن هجمات الشقيقة تختلف بين شخص و آخر ، فعادة يسبقها و يرافقها أعراض أخرى :
فهي تبدأ بفترة منذرة تشعر خلالها بأنك متعب جداً و منحرف المزاج ، يتلو ذلك غثيان و إقياء و إسهال في بعض الأحيان ، و قد تشعر و كأن هناك أضواء ساطعة لا تُحتمل كما قد تصاب أيضاً بشكل من الاضطراب البصري يكون أسوأ عادة في أحد العينين ، مثل الرؤية الضبابية أو الزيغ المتعرج .
و تدوم الأعراض المنذرة الطليعية لفترات زمنية متفاوتة ، ما بين عدة دقائق و عدة ساعات ، و عندما يبدأ الصداع تميل الأعراض المنذرة للتراجع .
و يُرجح أن يحدث ألم قابض شديد يبدأ في أحد شقي جبهتك و ينتشر تدريجياً ، و يُحتمل بعد ذلك أن يبدأ الألم في التحول نحو الشكل النابض ، و يصبح كامل الرأس مؤلماً ، وقد تحتقن العينان و يظهر على المصاب الشحوب و الإعياء ، و يتركز الألم في بعض الحالات ما بين العين و الأنف ، و يميل كل من العين و الأنف للسيلان .
لا يمكن التنبؤ بمدى كل هجمة شقيقة و بتوقيت الصداعات و بالفترات الخالية من الصداع ، و لكن يمكن تعلم طبيعة و استمرارية كل نوبة من النوبات بالاعتماد على الخبرات السابقة بهذا الاضطراب .
من الأعراض الأندر التي يعاني منها بعض الناس هناك التنمل أو الوخز بأحد الأذرع ، أو على امتداد أحد شقي الجسم و الدوام، و الطنين في الأذنين و تخليط ذهني مؤقت .
المضاعفات
إن الشقيقة حالة شائعة بين الناس ، لكنها نادرة الحدوث قبل البلوغ ، إلا أن الآلام البطنية المعاودة غير المفسرة لدى بعض الأطفال تشكل أحياناً دليلاً بأن هؤلاء الأطفال سيصابون بصداعات الشقيقة في مرحلة لاحقة من حياتهم .
و من النادر جداً أن تأتي الهجمة الأولى للشقيقة فعلياً بعد الأربعين من العمر ، و من الأرجح أن يُصاب الإنسان بالشقيقة إذا كانت منتشرة بين أفراد أسرته ، و خاصة الإناث منهم ، لأن هذه الإصابة أكثر لدى النساء منها عند الرجال .
و رغم أن صُداعات الشقيقة تسبب معاناة هائلة فهي ليست خطيرة ، و مع ذلك فإن قيادة سيارة أو تشغيل آلية أثناء نوبة الألم فيه مجازفة كبيرة ، وقد عُرف لدى قلة من الناس أن التنمل أو الضعف أو الاضطراب البصري قد يصبح طاغياً في بعض الحالات النادرة.
علاج صداع الشقيقة
إذا كنت تصاب بصداعات شديدة معاودة لا تستطيع السيطرة عليها بتناول المسكنات البسيطة كالأسبرين ، فاستشر طبيبك ، مع العلم أنه لا يوجد اختبارات تشخيصية لتحديد ما إذا كانت صداعاتك عائدة إلى الشقيقة أو إلى مشكلة أخرى ، لكن الطبيب الخبير و استناداً إلى وصفك للحالة ، يستطيع تحديد التشخيص .
العلاج الذاتي لصداع الشقيقة
ربما تكون أنت نفسك خير طبيب لنفسك ، لأنك تملك الوقت و الحافز لدراسة حالتك الخاصة بالتفصيل :-
- احتفظ بمفكرة تسجل فيها زمن بدء و طول كل هجمة شقيقة و أي مظهر آخر ذا صلة بأسلوب حياتك ، سجل ما تتناوله من طعام و شراب و كحول و قهوة و غيرها ، و زمن ذهابك للنوم و وقت استيقاظك ( يصاب بعض الناس بآلام الشقيقة في الصباح بعد فترة نوم طويلة على خلاف المعتاد ) ، و هذا السجل سيساعد كثيراً على معرفة سبب هجمات الألم ، مما يمكنك من اتخاذ الحيطة المناسبة .
- يبدو بالنسبة لبعض النساء أن تناول مانعات الحمل هي التي تطلق الهجمات ، فإذا كان الأمر كذلك فإن طبيبك سينصحك بتبديل نوع الدواء المانع أو تبديل طريقة المنع .
- مع تمييز العلامات المنذرة الطليعية لهجمة الألم المنتظرة ، فقد تتمكن من اتقاء الهجمة بتناول الدواء الأكثر فاعلية في حالتك في اللحظة التي تظن أن هجمة الألم وشيكة الوقوع ، خاصة أن إجهاض الهجمة في أطوارها الباكرة أسهل من السيطرة على آلامها حالما يصل الصداع إلى أوجه .
العلاج الاختصاصي لصداع الشقيقة
لا يُشفى مرض الشقيقة أبداً ، و لكن يمكن تخفيف آلامها كثيراً أو قليلاً ، و تكون المعالجة المقدمة في مراحل الهجمة المبكرة أكثر فاعلية ، و هذه يمكن تحقيقه بتناول المسكنات ، و الأدوية المقبضة للأوعية و الأدوية التي تسيطر على الغثيان و الإقياء بما فيها مضادات الهيستامين و الفينوثيازين .
مع العلم أن فعالية الأدوية تختلف من شخص إلى آخر ، و لذلك فقد يستغرق الأمر عدة شهور في تجريب مختلف الأدوية قبل أن يجد الطبيب الدواء الذي يناسبك على نحو أفضل ، و ننصحك بضرورة أن تتناول الدواء عند الحاجة فقط ، وكما هو موصوف بالضبط .
إن الشقيقة المعاودة الشديدة قد تحتاج لمعالجة وقائية على أساس منتظم و قد أثبتت أدوية عديدة فاعليتها في هذا المجال بما فيها مستحضرات الإرغوت (Ergot preparations) و حاصرات بيتا (Beta-blockers) و الميثي سيرجيد (Methysergide) ( وهو مقبض وعائي ) ، و مع ذلك فهذه الأدوية قد تكون ذات آثار جانبية معاكسة و لذلك يجب تناولها فقط تحت الإشراف الطبي التام .
هنالك طرق بديلة لاتقاء آلام الشقيقة مثل المعالجة بالاسترخاء ، و اليوغا ، و التلقيم الحيوي الراجع ، كما قد يستفيد بعض المصابين بالشقيقة من الالتزام الصارم بحمية طعامية خاصة .
الصداع التعاقبي Cluster headache
الصداع التعاقبي شكل من الشقيقة ، يتصف بهجمات ألم حاد متباعدة تصيب أحد جانبي الرأس . تبدأ الهجمة أثناء الليل مسببة ألماً شديداً غير نابض يتركز عادة في عين واحدة و فيما حولها ، مما يؤدي إلى استيقاظ المصاب ، و تكون العين حمراء ، و يسيل منها الدمع بغزارة ، كما يسيل من فتحة أنف ذاك الجانب من الرأس سائل صاف .
و غالباً يدوم الألم عدة ساعات ثم يزول ، ليعود من جديد خلال عدة ساعات أخرى . و بعد عدة أيام من هذه الهجمات المتكررة ( العنقودية ) يختفي الصداع نهائياً ، و ربما لا يعاود مرة أخرى إلا بعد عدة سنوات .
علاج الصداع التعاقبي ( العنقودي )
إن الهجمة المفاجئة لصداع حاد مع ألم متركز بشكل رئيسي في عين واحدة وفيما حولها، له عدة أسباب ، لذلك إذا كانت هذه الهجمة هي الأولى ، فيجب مراجعة الطبيب فوراً .
أما إذا كانت الهجمات معاودة فيجب اتباع الإجراءات نفسها المبينة في حالة الشقيقة ، و هذا لأن الصداع العنقودي كالشقيقة ينبهه عامل معين كنوع من أنواع الأطعمة أو الكحول أو الكَرْب ، و بشكل مشابه أيضاً للشقيقة ، يتطلب الصداع العنقودي المعالجة الدوائية ذاتها .