العسل

العسل HONEY

لقد عرف الإنسان العسل منذ العصور القديمة واستخدمه كغذاء ودواء كما استخدم كمادة حافظة  لكثير من المواد الغذائية الاخرى حتى أنه استخدم في تحنيط الموتى . 

ويقول ابن قيم الجوزية في كتابه " الطب النبوي" في معرض حديثه عن العسل "وهو غذاء مع الأغذية ودواء مع الأدوية وشراب مع الأشربة وحلو مع الحلو وطلاء مع الأطلية ومفرح مع المفرحات" . 

ولا تكاد تخلو كتب الأطباء القدماء عن الحديث عن فوائد العسل الصحية . 

كما أنهم أدخلوه كمكون رئيس لمعظم وصفاتهم الطبية لمعالجة بعض الأمراض لما خبروه من فوائد عظيمة للعسل وما لاحظوه من الأمان الكبير في استخدامه بغض النظر عن طبيعة المرض أو المريض. 

إذ لم يكن استخدام العسل لمختلف تلك الأمراض مصحوباً بآثار جانبية أو مضاعفات بل وأكثر من هذا , إذ إن الآثار الغير مرغوب بها للمكونات الأخرى للدواء الموصوف, إما تتلاشى أو لا تظهر إذا ركبت أو مزجت بالعسل ، فما هو السر في ذلك ؟! 

 

 سر العسل الطبيعي

وقد اهتم  العلم الحديث بالعسل وأخضعه إلى الكثير من الأبحاث والدراسات العلمية والتحاليل المخبرية للوقوف على أسرار هذا المركب العجيب . 

ومع أن النجاح قد حالف العلماء والباحثين في معرفة الكثير من أسرار العسل إلا أن الجميع يكاد يتفق على أنه ما يزال هناك الكثير أمام العلماء من الأسرار التي لا تتوفر حالياً الإمكانيات العلمية الكافية لمعرفتها . 

ويستدل على وجود هذه الأسرار بطريقة غير مباشرة تتمثل بقدرات العسل على إحداث آثار وفوائد علاجية لا نستطيع أن نعزوها للمركبات الموجودة في العسل والتي أمكن العلم الحديث من التوصل إليها وعزلها في المختبر. 

 أي أننا لو خلطنا المواد التي أمكن التعرف عليها علمياً ومخبرياً والمكونة للعسل وبنفس المقادير والنسب لما أمكن الحصول على نفس العسل الطبيعي بخصائصه ومميزاته المعروفة . 

وهذا يدل على وجود مواد أخرى وبكميات قد تكون قليلة جداً موجودة في العسل الطبيعي لم يتمكن العلم الحديث بعد من اكتشافها ومعرفة حقيقتها. 

 أو أن تلك المواد تحتاج إلى أسلوب علمي خاص للكشف عنها وأن الطرق التحليلية المخبرية المتوفرة الآن تحطم تلك المواد فلا نستطيع العثور على آثارها وتحديد ماهيتها وكمياتها .  

وقد استطاع العلم الحديث من اكتشاف أكثر من ثمانين مادة هامة من الناحية الصحية والبيولوجية موجودة في العسل وبكميات ونسب متوازنة تناسب متطلبات الخلايا الحية. 

 فتمدها بكل ما يلزمها من المواد والعناصر الغذائية المختلفة من الكربوهيدرات و البروتينات و الفيتامينات وأملاح معدنية مختلفة وأنزيمات وأحماض عضوية وغيرها منها المعروف وكثير منها ما يزال مجهولاً فسبحان الله !! 

 

العسل غذاء و دواء

ومن هنا كان الحديث عن فوائد العسل كغذاء يعني ببساطة ضرورة الحديث عن كافة العناصر الغذائية .

كما أن الحديث عن العسل كدواء يعني بالضرورة الحديث عن أهمية الفيتامينات والأملاح المعدنية والأنزيمات من الناحية الطبية مع التأكيد على صعوبة الإحاطة بكل ما هو موجود في هذا المزيج المتوازن الذي تفضل الله به علينا فله الحمد على ما أنعم . 

ومن كل ما تقدم فإنه لمن العجب أن ينظر الكثيرون إلى العسل على أنه سعرات حرارية فقط أو كربوهيدرات فقط فينصحون بعدم تناوله لمن يعانون من السمنة أو مرض السكري أو اضطراب دهنيات الدم .

 وهذه النصائح لا تستند إلى أي دليل علمي بل على العكس تناقض الرأي العلمي السديد .   

إذ أن مريض السكري مثلاً بحاجة ماسة إلى الفيتامينات وكلها موجودة في العسل فلماذا نعطي هذا المريض أقراصاً من الفيتامينات ونمنعه من تناولها من مصادرها الطبيعية ؟!. 

أما سكريات العسل والتي يشكل الفركتوز نسبة كبيرة حوالي 37% منها فهي تناسب مريض السكري أكثر من غيرها . 

وكذلك الأشخاص الذين يعانون من السمنة فإن العسل مفيد لهم جداً شريطة عدم الإسراف , شأنه في ذلك شأن أي مادة غذائية أخرى . 

ويمكن للشخص أن يتناول ما مقداره خمسة إلى عشرة ملاعق صغيرة يومياً ، كما يمكن للشخص أن يستخدم العسل الطبيعي بدلاً من السكر لتحلية الشاي أو القهوة أو الحلويات الأخرى أو الحليب . 

ويحتوي العسل الطبيعي على حوالي 280 سعر حراري لكل مئة غرام بينما يحتوي السكر على 400 سعر حراري لكل مئة غرام . 

بالإضافة إلى أن الحلاوة النسبية للعسل أكثر من الحلاوة النسبية للسكر ، أي للحصول على نفس درجة الحلاوة لكوب حليب مثلاً فإننا نحتاج ملعقة عسل أو ملعقتين سكر! أي بإمكان الشخص أن يحصل على نفس اللذة ولكن بسعرات حرارية أقل . 

كما أن سكاكر العسل بفضل احتوائها على الفركتوز أقل تحولاً إلى دهون من السكاكر الأخرى . 

فمثلاً لو تناول شخص ما 100 غرام سكر زيادة عن احتياجاته اليومية من الطاقة فإنها سوف تتحول بالكامل إلى ما يقارب 45 غرام دهون تضاف إلى مخزونه الدهني . 

بينما لو تناول هذا الشخص نفس السعرات الحرارية على شكل عسل فإن نصف هذه الكمية فقط قابلة للتحول إلى دهون ، أما النصف الآخر فسوف يتحول إلى جلايكوجين في الكبد لاستخدامه مرة أخرى لإمداد الجسم بالطاقة عند اللزوم وبسهولة أكثر من الطاقة المخزونة على شكل دهون . 

ولهذا ولأسباب كثيرة فإن الأشخاص المصابون بالسمنة يمكنهم الحصول على فوائد كبيرة جداً من تناول العسل بكميات معتدلة تساعدهم في التخلص من كثير من المشاكل الصحية الناجمة عن زيادة الوزن ، وأنصح بتناول هذه الكميات المعتدلة لكل من يرغب في التخلص من السمنة .



طريقة النحل في طهي العسل

يعتبر النحل إحدى آيات الله سبحانه وتعالى في خلقه، ويتجلى ذلك في الدقة التنظيمية في مملكة النحل، ومن دأبه المستمر على العمل في صبر وصدق وتعاون.

 فعالم مملكة النحل عبارة عن مجتمع رائع من حيث التوازن في حياته اقتصادياً واجتماعياً، إذ لا بطالة ولا تضخم ولا غلاء.

 فهنا في المملكة لكلٍ عمله، الجميع في حركة مستمرة.

 والنحل عادةً يبدأ عمله بجمع الغذاء مع بداية فصل الربيع، فبمجرد أن تبدأ الشمس بتدفئة التربة، وتظهر أولى الزهور تنطلق أسراب النحل لجمع السلسبيل.

 ومتى عادت تبدأ عملية الطهي، وهي عملية ليست بالأمر اليسير أبداً، إذ أنها تتطلب مواداً أولية، وطهاة يتمتعون بخبرة فائقة ومهارة عالية، وإلا فإن الطهي سيبدو مستحيلاً.

 ففي البداية يكون السلسبيل مجرد سائل كدر يحتوي على 70-40% من مركباته على الماء.

 والمطلوب عندئذٍ من النحل تبخير الماء، وإلا فإن نسبة وجوده ستكون في العسل حوالي 20% بعد عملية الطهي، إذاً لابد أن تكون عملية الطهي في غاية الدقة، فلنقترب من النحل ولنشاهد صعوبة وعملية تنفيذ طهي العسل...

تبدأ العملية باستطلاع المناخ أولاً..

 فإذا كان الجو دافئاً فإن الوضع يكون مناسباً تماماً، وأن عملية الطهي ستكون أسهل.

 أما في حالة هبوط درجة الحرارة فذلك يستدعي إلى تجمع النحل بأعداد كثيرة وذلك لاحتضان الخلايا بأجسامه كي يحميها من البرودة لتواصل عملية التبخير بنفس الوتائر.

 والعسل الجاهز تماماً يوضع في خلية خاصة تختم بالشمع كي يبقى مخزوناً طالما أسرة النحل في غنى عنه، ولا تفتح تلك الخلية إلا في الأوقات الحرجة جداً.

وهكذا يبقى العسل محتفظاً بخصائص رائعة لفترات طويلة من الزمن.

 ومن المعروف أن أي مادة تتعفن إذا ما دخلتها تلك الكائنات الحية المجهرية -البكتيريا- إلا أن العسل لا يهتم لذلك مطلقاً فهو بطبيعته قادر على القضاء على كافة أنواع البكتيريا، والتي يقدر عدد أنواعها 1600 نوع...

حتى هذه اللحظة لم يتمكن العلماء من اكتشاف قابلية العسل على البقاء لسنوات طويلة دون أن يفقد خصائصه بالرغم من معرفة أكثر أسراره، أما النحل فهو الوحيد الذي يعرف السر ولكن لا يبوح به...



نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-