النمل | الذكاء الجماعي والتعاون والإبداع في عالم الحشرات

 

النمل

 لقد أكرم الله النمل - مثلما أكرم النحل - فأطلق اسمه على إحدى سور القرآن الكريم، وفي ذلك دعوة من الله عز وجل لخلقه من أجل التفكر والتدبر. إن الإنسان ليتساءل لأول وهلة :

كيف يختار خالق الكون أصغر ما في الكون ويطلق اسمه على سور القرآن الكريم؟

ولكنها العظة والعبرة يتعلمها الناس من رب الناس : ليست العبرة بالمظهر ولكن العبرة بالجوهر. ليست الأهمية بكبر الأحجام وإنما تكون بتفكير العقول, ولا تكون الأحكام بالنظرة العابرة وإنما تكون بالرؤية المتأنية.

إن في حياة النمل دروساً أي دروس وعبراً أي عبر، إنه عالم مليء بالفكر والإبداع ومليء بالمثل والأخلاق. إن النملة التي استهان بها قاصر النظر أدرك قدرها وحكمتها وقوتها عقلاء الناس من قديم الأزمان، فإذا كان المتسرعون قد رأوها مثلاً في الضعف فإن حكماء العرب قد رأوها دليلاً على القوة, فقالوا في أمثالهم (أقوى من نملة) ورأوها عنوانا على الصبر والتحايل لجلب الرزق فقالوا: (أكسب من نملة). 

ثم جاءت بحوث العلماء فكشفت لنا أسرار ذلك الخلق العجيب، وما يتميز به من قدرات ذهنية ومبادئ أخلاقية وقوة جسدية، وما يقدمه للناس من منافع أجل من أن تُحصى وتُعد ، إذ أكدت هذه البحوث أهميته للكون وضرورته لاستقرار التوازن البيئي، الذي يحقق للإنسان الأمان والاستقرار. 

والنمل بعد ذلك يقدم للإنسان دروساً في الصبر وحسن الخلق، فتعلَّم الناس أن لا يتعجلوا في إصدار الأحكام، وأن لا يشغلهم المظهر عن الجوهر.

النمل حشرة قديمة

النمل من الحشرات التي تعيش على الأرض منذ القدم، يقدر بعض العلماء تاريخ تواجدها على الأرض بمائة مليون سنة، وهي حشرة اكتمل نموها منذ زمن بعيد ولم يحدث تطور لهذا النمو، ذلك أن العلماء وجدوا نملاً محبوسًا منذ دهور يشابه تماماً النمل الذي يوجد في عالمنا اليوم، أي أن تطور النمل قد توقف حين وجد تطابق بين النملة وبيئتها الطبيعية. 

وهي أنواع كثيرة قدرها بعض العلماء بسبعمائة نوع, وقدرها آخرون بعشرة آلاف نوع، وهي وإن كانت جميعها تتميز بأن لها رأساً وصدراً وبطناً إلا أن كل نوع منها يتميز برائحة خاصة تميزه ,ويتعارف النمل من خلال هذه الرائحة بواسطة حاسة الشم القوية التي تميزه.

مساكن النمل

تختلف مساكن النمل حسب نوع النمل، ولكن بشكل عام تشمل مساكن النمل العديد من الأنواع المختلفة. ومن أشهر أنواع مساكن النمل:

  1. العش الأرضي: وهو عش يحفره النمل في التربة، ويتكون من مجموعة من الأنفاق والغرف التي يستخدمها النمل في التغذية وتربية الأعشاب.
  2. العش الجوي: وهو عش يتدلى من الأشجار والنباتات، ويتكون من الألياف النباتية والتربة والرمال.
  3. العش الحجري: وهو عش يتكون من الحجارة والتراب، ويستخدمه النمل في البيئات الجافة والصحراوية.
  4. العش الخشبي: وهو عش يتكون من الخشب، ويستخدمه بعض أنواع النمل في الغابات والمناطق الرطبة.

تتميز مساكن النمل بأنها تحتوي على غرف مختلفة الأحجام والأشكال، تستخدم لتخزين الغذاء ورعاية الصغار وتكوين العش، كما تتميز بنظام تهوية ممتاز يحافظ على درجة حرارة ورطوبة المكان، كما تحوي العديد من الممرات والأنفاق التي تسمح للنمل بالتحرك والتواصل داخل المستعمرة.

والنمل يتواجد في كل أنحاء الأرض ما عدا الجبال الثلجية والقطبين.

كيف يتفاهم النمل

النملة عمياء، وبيوتها مظلمة، لكن الله عز وجل منحها القدرة على الاتصال بغيرها من النمل، والقدرة على التعرف على طريقها، وعلى الأشياء.

ويعتبر التواصل بين النمل من أهم العوامل التي تساعد في نجاح المستعمرة، ويتم التواصل بين النمل من خلال عدة طرق، منها:

  • إطلاق الفيرومونات: وهي مواد كيميائية يطلقها النمل للتواصل مع بعضهم البعض، وتستخدم هذه المواد في إشارة المواقع الغذائية وإيجاد الطريق إلى العش وتحديد مواقع الخطر.
  • الاتصال بالشكل الجسدي: حيث يستخدم النمل الاتصال الجسدي بين بعضهم البعض لنقل المعلومات والمعاني، ويتم ذلك عن طريق اهتزاز الجسم والأجنحة والمشي على بعضهمالبعض.
  • الاتصال بالصوت: يستخدم بعض أنواع النمل الصوت للتواصل، حيث يقومون بإصدار أصوات عالية الصوت عند التحذير من الخطر أو لجذب انتباه النمل الآخر إلى مصدر الطعام.

إن هذه الطرق تمكن النمل من التواصل بشكل فعال داخل المستعمرة، وتساعد على تنظيم العمل وتحقيق الهدف المشترك للمستعمرة، حيث يتم توزيع المهام بين النمل بشكل منظم وفقاً لاحتياجات المستعمرة، مما يساعد في تحقيق الكفاءة والفعالية في العمل. 

مجتمع النمل

يتكون مجتمع النمل من مستعمرة تضم عدداً كبيراً من النمل، ويتم تقسيم المستعمرة إلى عدة فئات يتم تحديدها بناءً على وظائفها في المستعمرة، وتشمل هذه الفئات:

  1. الملكة: وهي النملة التي تلعب دور الإناث الرئيسية في المستعمرة، وتتولى مهمة تكاثر النمل وإنتاج البيض.
  2. الذكور: وهم النملة الذكور التي تلعب دور الإناث الثانوي في المستعمرة، وتتمثل مهمتهم الأساسية في تلقيح الملكة.
  3. العمال: وهم النمل الذين يقومون بجميع المهام الأساسية في المستعمرة مثل: جمع الطعام، وتربية الصغار، وبناء المستعمرة، وحمايتها من الخطر.
  4. الجنود: وهم النملة التي تتميز بحجمها الكبير والقوة الجسدية، وتلعب دور الدفاع عن المستعمرة وحمايتها من الأعداء.

تعتمد المستعمرة على التعاون والتنظيم لتحقيق أهدافها، حيث يتم توزيع المهام على النمل بناءً على الحاجة والقدرة، ويعمل الجميع بشكل متناسق لتحقيق الهدف المشترك وضمان بقاء المستعمرة. ويتم تنظيم العمل في المستعمرة بطريقة مثيرة للإعجاب.

لماذا يتواجد النمل بمصر بكثرة؟

تتواجد النمل في مصر بكثرة بسبب البيئة الصحراوية التي تتميز بالجفاف والحرارة العالية، وتعتبر هذه الظروف المناخية الصعبة هي البيئة المثالية لحياة النمل، حيث تساعد على تحقيق التوازن الحيوي في الطبيعة.

تتواجد في مصر عدة أنواع من النمل، ومن أشهرها نمل الحرير الذهبي ونمل الفراعنة ونمل الرمل، وتعتبر هذه الأنواع قادرة على التأقلم مع الظروف الصعبة في الصحراء، حيث تتميز بقدرتها على تخزين الماء والطعام وبناء المستعمرات في التربة الصحراوية الجافة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود النمل في مصر يعود أيضاً إلى الدور الذي يلعبه في البيئة، حيث يساعد النمل في تحسين جودة التربة وتحويل المواد العضوية إلى مواد غذائية تستخدمها النباتات، كما يساعد النمل في نشر بذور النباتات وتأمين الطعام للحيوانات الأخرى.

ويعتبر النمل أيضاً جزءاً من التراث الثقافي والديني للشعب المصري القديم، حيث كان يعتبر رمزاً للعمل والتعاون والتضحية، وكان يستخدم في العديد من الطقوس الدينية والحرفية.

إضافة إلى ما سبق أن أجهزة الإعلام وتوجيه الرأي لا تُولي مقاومة النمل القدر الكافي من الاهتمام ولا تشير إلى خطورته وأضراره وطرق مقاومته استهانة بتلك الخطورة حين تقارن بخطورة غيره من الحشرات مثل الصراصير والقمل والبق وغيرها من الحشرات التي أولتها أجهزة الإعلام عناية كبيرة.

كما أن المبيدات الموجودة أكسبت النمل مناعة على المدى الطويل إذ لم تعد قادرة على التأثير المطلوب.

كيف يسير النمل وهو أعمى؟

تترك كل نملة رائحة في أثرها وهي تتحرك فتشم النملة التي تليها هذه الرائحة وتتبعها، وهكذا يتحرك مهتدياً برائحة من يسبقه، والنمل الذي في المقدمة يحاول أن يستدل على طريقه مستعيناً بقرون الاستشعار. ويسير طابور النمل الذي قد يصل طوله ۳۰۰ قدم أي ما يساوي ٣٠ ميلاً إذا قيس بالنسبة لحجم النملة. 

ويقوم النمل الشغال بتسوية الطريق وتمهيده بسحب ما يعوق النمل من أشياء كبيرة، وإذا كان به فجوات تضع فيها بعض أوراق الشجر المتساقط وإذا عانت الصغار مشقة يقوم الكبار بحملها على ظهورها.

ذكاء النمل

فكر بعض العلماء في محاكاة القدرة العقلية للمخلوقات واختار عقل النملة فوجد أنه يلزمه أجهزة تبلغ حجمها حجم مدينة كاملة ليتمكن من صنع عقل يحاكي عقل النملة ويدلل العلماء على ذكاء النمل مشيرين إلى إعداده لمسكنه، إذ أنه في تصميمه وتنفيذه فن يقابل فن المعمار الراقي عند الإنسان.

كما يتضح أيضاً ارتفاع نسبة الذكاء عند النمل حين نلاحظه وهو يخرج باحثاً عن غذائه إذ يضطر إلى السير إلى غير هدى، ويُكثر من الانحراف والدوران وتغيير المسار في عدة أماكن حتى يصل أخيراً إلى مكان الطعام، لكنه في العودة إلى مسكنه يتخذ مساراً قصيراً لأنه مباشر وهو ما يُعرف بخط النمل.

وقد لاحظت سيدة إيطالية بعضاً من النمل الأحمر يتخذ طريقه إلى بيتها عن طريق حافة النافذة فوضعت ورقا لزجاً على حافة النافذة لتعوقه, فلاحظت وقوع المئات من النمل في المصيدة لكنها في الصباح فوجئت أن النمل قد دخل البيت، وأن النمل قام خلال الليل برمي أجزاء من الطين على الورقة اللزجة وأتخذ بذلك طريقاً يمشي فوقه, فأجتاز العقبة وواصل سيره داخل البيت. 

وقام أحد العلماء بوضع قطعة حلوى شهية على الأرض في الطريق الذي تسير فيه جماعات النمل، فلاحظ أن النمل لديه أعلى مستوى من السرعة والدقة، إذ اختفى النمل مدة ٦٠ ثانية فقط ثم عاد يحمل ورقة شجر جافة، ووضع فوقها قطعة الحلوى، ثم حملها بسرعة إلى بيته. 

هذه ملاحظات علماء النمل الذين أجمعوا من خلال مشاهداتهم على تمتع النمل بقدر وافر من الذكاء, ولقد استطاع العلماء حديثاً أن يستعينوا بالأجهزة الحديثة للتعرف على عقل النملة وما يتمتع به من قدرات. لقد قاموا بتشريح جسم النملة ودراسة أجزائه دراسة تفصيلية مستعينين بأجهزة الفحص والتصوير الإلكتروني، واستخدام الإشعاعات المختلفة. 

فوجدوا أنها تمتاز بوجود مخ عجيب يؤكد وجود نسبة ذكاء عالية، فهو رغم صغر حجمه حيث يقل عن الملليمتر، ولا يُرى إلا تحت المجهر، يتكون من فصين رئيسين كمخ الإنسان وبه مراكز عصبية وخلايا إحساسية مثله في ذلك مثل الإنسان تماماً، لكن الفارق هنا أن الخلية في مخ النملة العصبية الواحدة تختص بكل وظائف الحواس، من بصر وسمع وشم وحركة، بينما في الإنسان كل حاسة من هذه له خلاياه الخاصة به في المخ تستقبل المؤثرات الخارجية.

وللنملة مخ له مادة النباهة والذكاء على شكل أجسام دقيقة مغمورة في سوائل ودهون. وهكذا تؤكد ملاحظات العلماء وتجاربهم وتؤكد أبحاثهم في معاملهم القدر العالي من الذكاء الذي يتمتع به مخ النمل.

النمل مضرب المثل

كانت العرب تضرب المثل بالنملة في القدرة فيقولون (أقوى من نملة) وذلك لأنهم اعتقدوا أنه لا يوجد كائن يحمل أضعاف وزنه مثل النملة. وشاهدوها تجر نواة التمر وهي أضعاف وزنها لعشرات المرات، وأيضاً ضربوا بها المثل في تحمل المشاق للحصول على طعامها وكسب رزقها فقالوا : (أكسب من نملة).

قدرة النمل على التنبؤ

النمل يحس بالعاصفة قبل وقوعها فإذا شاهدت جماعات كثيرة من النمل تعمل بنشاط مستمر فهذا دليل على أن حالة الجو ستسوء في القريب العاجل.

النمل يقرض الرصاص والأسمنت الصلب

قامت إحدى المؤسسات المهمة بالحشرات بدراسة طباع النملة، فتبين لها قدرة النمل على قرض الرصاص والصلب، إذ قام النمل الأبيض بقرض غلافاً رصاصياً كان يغطي الأسلاك الكهربية كما قام بعمل حفر في الأسمنت الصلب مقدارها خمس بوصات.

طعام النمل

يتمثل نصف طعام النمل في البذور والجزء الباقي يتمثل في ديدان الأرض والحشرات التي يفترسها، وتوجد في معدة النمل الأبيض (الأرضة)، أنواع من البكتريا تمكنها من هضم الخشب وجميع النمل بفضل السكريات. 

وبعض النمل يخزن طعامه بطريقة طريفة، إذ يتخير بعض النمل ويقوم بتغذيتها حتى تنتفخ إلى درجة لا تستطيع معها الحركة وتتدلى من سقف العش وتصبح مخزناً للطعام بقية حياتها ويطلق عليها بالونات، فإذا احتاجت نملة إلى طعام تحصل عليه من تلك المخازن عن طريق قرون الاستشعار. 

أما حب النمل للأخشاب فشديد إلى الحد الذي يجعل نملة قادرة على أكل جذع الشجرة. 

ويُغذي النمل والنمل الأبيض يرقاته وبيضه على اللعاب، ذلك أن البيض سواء بالنسبة للنمل أو لغيره من الحشرات ليس له فم أو معدة لذلك تقوم الأم بلعقه باستمرار، وينفذ اللعاب وما يحتويه من مواد غذائية خلال القشرة إلى الداخل، وتنتفخ البيضة أمام الأعين وتكبر في حجمها ثلاث أو أربع مرات.

استعباد النمل للغير

كثير ما استعبد الإنسان القوي غيره من الضعفاء, وفي عالم النمل يحدث ذلك كما يحدث في عالم الإنسان إذ تقوم أنواع من النمل بالاحتفاظ بالكثير من الحشرات الصغيرة الحية في قرى النمل.

تتم عملية استعباد بعض أنواع النمل لنوع آخر عن طريق استخدام العنف والاستغلال الجيني والاجتماعي. ويحدث ذلك عندما يغزو نوع من النمل نملاً آخر ويسيطر على مستعمرته، ويستغل النمل الغازي النوع الآخر من النمل لخدمته فيما بعد.

وتتم عملية الاستعباد بطرق مختلفة، ويعتمد ذلك على النوعين المتورطين في العملية. وعادةً ما يتم استخدام المواد الكيميائية الخاصة بالنمل الغازي للسيطرة على النمل الآخر، حيث يتم إطلاق هذه المواد الكيميائية على النمل الآخر لتخفيف مقاومته وجعله يستسلم للنمل الغازي.

وبعد ذلك، يتم استغلال النمل الآخر في العمل داخل المستعمرة، حيث يتم إجباره على تقديم الخدمات اللازمة للنمل الغازي، مثل جمع الطعام وتنظيف المستعمرة ورعاية البيض واليرقات. وغالباً ما يتم تخصيص مهام محددة للنمل المستعبد، ويتم إجباره على العمل دون توقف.

ويمكن أن يستمر الاستعباد لفترة طويلة جداً، حيث يتم إخضاع النمل المستعبد بشكل كامل للنمل الغازي، ويتماستغلاله حتى الموت في بعض الحالات.

يتم استعباد الحشرات من قبل النمل في بعض الأحيان لأسباب مختلفة، ويتم ذلك عن طريق تحديد نوع معين من الحشرات واستخدامه كمصدر للطعام أو للعناية بالمستعمرة.

يتم استعباد بعض أنواع الحشرات التي تنتج عسلاً كالدبابير والنحل ويتم استخدام العسل الذي تنتجه هذه الحشرات كمصدر للغذاء.

كما يتم استخدام بعض أنواع الحشرات كخدمات للمستعمرة، حيث يتم استخدام بعض الحشرات كحماية للمستعمرة من الأعداء، مثل الصراصير التي تعمل على تنظيف المستعمرةمن الفضلات والحفاظ على نظافتها، وتستخدم بعض أنواع الحشرات كحراس للمستعمرة لحمايتها من الغزوات الخارجية.

ويتم استخدام بعض أنواع الحشرات كمصدر للبروتين والدهون، حيث يتم استخدام اليرقات أو اليراعات كطعام للنمل، وتعتبر هذه الحشرات مصدراً غنياً بالبروتين والدهون اللازمة لنمو النمل.

ويمكن القول إن استعباد الحشرات من قبل النمل يعتمد على الحاجة والفائدة الحيوية للمستعمرة، ويتم ذلك بطريقة متناسقة ومنظمة، ويتم استخدام الحشرات بشكل ذكي ومنهجي لتحقيق الهدف المشترك وضمان بقاء المستعمرة.

تعايش النمل مع الغير

كشف العلماء عن نوع من التعايش السلمي يقوم بين النمل ونوع من الطيور في أمريكا الوسطى، فيغزو النمل الأدغال ويأكل كل ما يصادفه, أما الطير فهو يأكل كل ما أثاره غزوه من حشرات الأرض إلا هذا النمل الذي قد يكون غذاءً طيباً له, وفي المقابل فإن النمل لا ينال هذا الطائر بأذى، وهو الذي لا يدع في طريقه حيوان إلا أهلكه.

النمل والتضحية بالنفس

وإذا كان النمل يستعبد حشرات أخرى أو يأسر بني جنسه ليسخره فإن النمل يحب نوعه وقد يبذل روحه من أجلهم.

ومن أمثلة ذلك تلك الشغالات التي تجعل من أنفسها براميل حية لخزن الرحيق إذ تمتلئ به حتى تنتفخ معدتها كالبالون الصغير وتتعلق في سقف العش إلى أن تموت وتصبح وعاء تضع فيه الشغالات الرحيق عاما بعد عام. 

وفي أحيان أخرى حين يخرج جيش النمل ويواجهه وعورة الطريق, فإن بعضه يسوي الطريق بملأ الحفر بأجسامهم، وإذا كان في الطريق شق أمسك النمل ببعضه في شكل حبل مكوناً جسراً يعبر من فوقه بقية النمل. 

ويوجد نوع من النمل في أمريكا يبني غرف العش من أجسام النمل نفسه, فحوائط الغرف التي تُحفظ فيها اليرقات والعذارى أو الملكة من أجسام النمل نفسه.

أخلاقيات النمل

إن التضحية التي يقدمها النمل لبني قومه تدعونا إلى تأمل بقية أخلاقياته،فالعلماء يذكرون للنمل صفات وطباع ومواقف نبيلة :

  1.  أنه مجتمع يحب الصدق ويكره الكذب: حتى إن النملة التي تكذب يعاقبها النمل بالإعدام.
  2. مجتمع يسوده الرحمة: إذا غمر السيل مساكن النمل يجتمع في شكل كرة تعوم على سطح الماء يكون في داخلها الصغار والضعاف. 
  3. مجتمع نظيف: فيهتم النمل بنظافة جسمه مستعيناً بألسنته الخشنة وكذلك بأمشاطه التي توجد في أرجله الأمامية.
  4. فيه ذكاء: فإذا رأى ما أختزنه معرضًا للعفن أخرجه ونشره فإذا رأى خطر المطر أعاده إلى العش ونشره بعد ذلك.
  5. مجتمع منظم: يسوده تقسيم العمل بطريقة منظمة و يعملون بمحبة,ويتقاسمون الرحيق بمحبة، ويخلو مجتمعهم من الطمع والأنانية. 
  6. مجتمع يتسم ببعد النظر والقدرة على التخطيط وادخار طعام الشتاء خلال فصل الصيف ويتميز بالصبر.

فوائد النمل

النمل: الذكاء الجماعي والتعاون والإبداع في عالم الحشراتants

 

للنمل فائدة كبيرة بالنسبة للإنسان كي يستمر بقاؤه وتستمر حياته فوق الأرض، إذ هو يقوم بتقليب التربة من أجل تهويتها وهذا يؤدي إلى خصبها، كما يقوم بتقليب المواد العضوية في أعشاشه مع مكونات الأرض.

ويؤكد العلماء أن فناء النمل يعني انقراض مئات النباتات والحيوانات، وبذلك يتغير النظام البيئي في العالم، وذلك لما يلعبه النمل من دور كبير في التوازن البيئي. 

فهذه المخلوقات رغم ضآلة حجمها إلا أن استعمارها الأرض بأعدادها التي تفوق كل المخلوقات له أثر كبير في الحياة هذا فضلاً عما تقوم به الشغالات من تنقية لمزارع الفطريات من النباتات الطفيلية الغير مرغوب فيها، وهي أيضاً تلعق حبوب اللقاح من فوقها وتتخلص من مقالب الزبالة خارج المستعمرة.

وعندما ترحل الملكة العذراء من المستعمرة لتنشئ مستعمرة جديدة تطير حاملة معها خميرة من هذه الفطريات لتزرعها في حديقة خاصة هناك لتبدأ بها حياتها. وهذا له أثره في تخصيب الأرض.

ورغم الأضرار التي يسببها لنا النمل, فإن العلماء حاولوا الاستفادة منه، ففي ألمانيا الغربية استطاع العلماء تربية أعداد هائلة من النمل في حضانات مجهزة ثم إطلاقها على نبات المن يهاجمه لتنشيطه وتكاثره والحصول على كميات كبيرة منه.

أما في أمريكا وروسيا فقد جهزوا نملاً صناعياً في مزارع لتربية النمل واستخدموه في القضاء على الحشرات التي تهاجم الأشجار والنباتات كبديل للمبيدات الكيماوية.

وثمة فائدة معروفة تتمثل في عش الغراب حيث يقوم النمل بقطع أوراق الشجر ثم مضغه وإضافة مادة برازية بها نشادر تسهم في نمو عش الغراب الذي لا بد إن يتوافر لنموه لعاب وبراز النمل، وإذا نبت فإن النمل يأكله. ثم ينبت بدلاً منه.

يعني توجد علاقة تبادلية بين النمل وعش الغراب وهو طعام ظريف للإنسان والحيوان كي تقوم بعض شركات الأدوية باستخراج بعض الفيتامينات منه.

وقد نجح فريق من العلماء في أستراليا في التوصل إلى إنتاج مضاد حيوي من إحدى فصائل النمل من غدد الميتابلورال الموجودة في مؤخرة زور النملة. هذا المضاد قادر على القضاء على البكتيريا التي تعوق التئام الجروح وأيضاً قادر على قتل أنواع من الفطريات التي تصيب الإنسان بأمراض الأغشية المخاطية في الفم والأنف والقصبة الهوائية. 

لقد أكدت بحوث العلماء أن النمل الذي يبدو في ظاهره صغيراً ضعيفاً بل وضاراً للإنسان يقدم للإنسان أجل الفوائد وله دور كبير في استقرار التوازن البيئي فوق الأرض.

تكاثر النمل

عندما يحل موسم التزاوج الذي يعرف بوقت التطريد, تطير الإناث والذكور حيث يكون للنمل حينئذ أجنحة، وعندما ينتهي موسم التطريد يسقط الذكر ميتاً على الأرض حيث تكون مهمته قد انتهت، وتضع الأنثى بعد ذلك بيضها، بعد أن تقص أجنحتها التي لن تحتاج لها بعد ذلك.

وبوضع البيض تكون قد بدأت مستعمرة جديدة، وعندما يفقس تغسل الأم اليرقات بلسانها ثم تقدم لها الطعام الذي تكون قد اختزنته في معدتها. والذرية الأولى من فقس البيض غالباً ما تكون شغالات للحاجة إليها في العمل من رعاية للصغار والنظافة ولذلك تتفرغ الأم بعد ذلك كي تضع ملايين البيض بقية عمرها.

عسل النمل

عسل النمل هو عبارة عن سائل حلو ينتجه النمل في بعض الأحيان عندما يحصلون على العسل أو الشهد من نباتات معينة. يتم جمع هذا العسل عادةً من النمل الذي يعيش في الأشجار والأرضيات الرطبة في المناطق الاستوائية.

عسل النمل يختلف عن عسل النحل الذي يتم جمعه من خلايا النحل، حيث يحتوي على مزيج من السكريات والحموض العضوية والمواد الكيميائية الأخرى التي تنتجها النمل لتغذية صغارها وتعزيز صحتهم. كما أن عسل النمل يتميز بنكهة فريدة وقوام لزج يختلف عن عسل النحل.

يعتبر عسل النمل غير مألوف في بعض المجتمعات، ولكنه يستخدم في بعض الثقافات التقليدية في الطب الشعبي لعلاج بعض الأمراض وتحسين الصحة بشكل عام. ومن المعروف أن بعض أنواع النمل العسلية تنتج كميات كبيرة من العسل، مثل النملة الحرشفية في جنوب شرق آسيا، التي يتم جمع عسلها واستخدامه في الطب التقليدي.

النمل يزرع

يقوم النمل بزراعة حديقة من الفطر داخل عشه ليكون مستقر الملكة وليكون مكاناً مناسباً للصغار فهو مسكن وهو أيضاً وسيلة طعام يتغذى عليه أفراد المستعمرة. 

فيقوم النمل بنقل بعض الأجزاء الخضراء من النباتات إلى العش، ثم يقوم بتقطيعها إلى أجزاء تشبه الفتات لا يزيد قطرها على ملليمتر مربع، ثم يقوم بمضغها وإفراز اللعاب عليها حتى تصير عجينه، ثم يُضيف عليها بعض البراز لتصبح مكاناً صالحاً ينبت عليه الفطر، ثم يقوم بجمع الفطر ونثره (بذره) فيصبح صالحاً للنمو السريع حيث تصل سرعته إلى ١٣ ميكروناً في الساعة.

وفي الوقت الذي يحافظ النمل على ما زرع فهو لا يسمح بتواجد أية فطريات أخرى لأن لعابه به إفرازات تبيد ما سوى ذلك، حقاً إن النمل زارع ماهر.

النمل يُربي الأبقار

يتغذى نمل النباتات الأشقر على إفرازات المن فقط، وهي تحتوي على سكر ومواد غذائية أخرى, فالمن يفرز هذه المواد بعد أن يمتص العصارات من الأشجار تماماً مثلما تنتج الأبقار اللبن بعد أكل الحشائش، لذلك تقوم النملة بتحسس المن بقرون الاستشعار برقة فيخرج العسل الحلو من أنبوبتين صغيرتين في مؤخرة جسمها فتلحسه النملة وكأنها تحلب بقرة، ولما تمتلئ تعود إلى مسكنها حيث تقدم لبن العسل إلى النمل الآخر عن طريق قرون الاستشعار.

لذلك يجمع النمل بيض المن في الشتاء إلى مستعمراته ويقوم بتربيته حتى يفقس فيحمله النمل إلى الأعشاب كأنها ترعى أبقارها، كي تعود بها إلى مستعمراتها كي تتمتع بلبنها أو عسلها. ويصل مقدار ما يجمعه نمل عش واحد من هذا العسل إلى حوالي مائة كيلو جرام في السنة الواحدة.

النمل يستخدم الآلات

من الاكتشافات الغريبة لعالم النمل معرفته باستخدام الآلات، إذ لاحظ العلماء أن النمل بأنواعه المختلفة، يضع الغذاء فوق الأوراق الجافة للشجر وأنه يستخدم هذه الأوراق بنفس الدقة التي يستخدم بها الإنسان اليوم الروافع. 

وتأكد العلماء أن النمل يستطيع تقدير الحمولة التي ينبغي وضعها على أوراق الشجر، ودرجة توازنها وعدد أفراد النمل المطلوب منهم حمل هذه الثروة من الغذاء.

نمل متعاون

تقوم أنواع النمل بتقطيع مواد الطعام الكبيرة إلى قطع سهلة التداول, لكن يوجد نوع اسمه النمل السلاب لا يضيع وقته في ذلك، فتقوم عشرات الشغالات بالتعاون والتكاثف معاً لحمل البذور الكبيرة والأشياء الثقيلة مثل بيضة السحلية، ويتم ذلك بكفاءة شديدة لدرجة أنه كثيراً ما يبدو أن كل نملة تحمل وزناً أثقل بكثير مما يمكن لها حمله بمفردها.

نمل كسول

وإذا كنا قد رأينا النمل نشيطاً مثابراً حتى أنه ليزرع ويربي الأبقار، فإنه يوجد نوع آخر مغاير تماماً إنه النمل الكسول المتبلد وينتشر في اليابان وشرق سيبيريا.

هذا النمل يعتمد في الحصول على طعامه وفي تربية صغاره وبناء مسكنه على أنواع من النمل الأخرى، إذ يقوم بحملات يغير فيها على أعشاش النمل المجاورة يهاجمها ويقتل عدد كبير من الشغالات بها ثم يرجع بعدد كبير من العذارى كغنائم ولإستخدامها في جميع أغراضه.

نمل يحفظ الجميل

رأينا النمل الأشقر يستعين بالمن في الحصول على غذائه حيث يرافقه إلى الأشجار والأعشاب القريبة كي يتلقى منه الندى العسلي الذي يفرزه ليكون طعاماً له. 

والنمل يُعطي مثلما يأخذ أو هو يحفظ جميل من أحس إليه وأعطاه لذلك نجد النمل الأشقر الذي يتغذى على إفرازات المن حريصاً عليه فيقوم بحمايته والعناية به.

أما بالنسبة للأنواع الأخرى التي تتغذى على الندى العسلي الذي تفرزه الحشرات القشرية فإنه عندما يشعر بأي خطر يداهمه يحميه ويحمله على ظهره بل وأحياناً يحمله بين فكوكه كي يعود به مسرعاً إلى عشه. 

حقاً لا يضيع عند النمل معروف.

نظافة النمل

النمل من الحشرات النظيفة، فنجده رغم أن عمله شاق ويحتاج إلى جهد كثير إلا أنه يحافظ دائماً على نظافة جسده، فهو يستخدم لسانه مثل (اللوفة) كما يستخدم أرجله المغطاة (الخطافات) والشوك مثل (الأمشاط)، في تنظيف الشعر الصغير الدقيق الذي يُغطي جسده. 

وفي أحيان كثيرة يقوم بتفريش وتمشيط وغسل بعضه البعض حتى لا تبقى عليه أتربة ولو بسيطة، ويحدث هذا غالباً بعد الأكل أو قبل النوم. 

ويحرص النمل الشغالات على تنظيف اليرقات الصغيرة وأحياناً تحملها إلى خارج المستعمرة كي تعرضها للشمس والهواء، كما تحرص على نظافة المستعمرة من الأوساخ والقاذورات.

النمل والدودة الكبدية

من الأمراض التي يقاسي منها الإنسان مرض الدودة الكبدية (يُصاب بها لأكله للحوم حيوانات مصابة بهذا المرض)، وذلك لأن يرقات الدودة تُصيب الأبقار والأغنام وبالتالي تؤذي لحومها الإنسان حين يأكلها. 

ولقد اتضح أن هذه الدودة تصيب الأبقار والأغنام بسبب النمل، ذلك أن يرقات هذه الدودة لا تستطيع أن تعيش إلا في جسم النمل فقط، والنملة المصابة تستقر الجرثومة في جهازها العصبي وليس في أمعائها فتصاب بحالة من الذهول تجعلها لا تستقر في المستعمرة وإنما تتعلق بالأعشاب، فإذا أكلت الأبقار والأغنام هذه الأعشاب فإنها تصاب فوراً بالدودة الكبدية لأنها تأكل معها النمل المصاب بیرقات الدودة الكبدية.

لماذا لا يختلط النمل ببعضه؟

النمل أعداده كثيرة إلى حد كبير، ويتشابه في شكله ولكن النملة لا تضل طريقها ولا تدخل مساكن غيرها، ولا تعاشر غير قومها وسبب ذلك أن كل قوم من النمل يفرز أفراده رائحة من خلال مادة كيماوية يتعارف الأفراد من خلالها فلا يختلط النمل ببعضه.

لماذا لا يضل النمل طريقه؟

وهذه المادة الكيماوية ذات الرائحة المميزة تعينه أيضاً في أن يتعرف على طريقه ذلك أنه إذا سار وقطع شوطاً بعيداً في طريقه فإنه يترك آثاراً يحدد بها هذا الطريق الذي سلكه كي يستطيع أن يعود إلى مساكنه وذلك بوضع المادة الكيماوية ذات الرائحة المميزة على الطريق. 

وهذه الرائحة هي أيضاً وسيلة يُبلِّغ بها قومه عن مصدر الغذاء فيبعث بها إلى قومه يُعرِّفهم بها مكان الطعام فيتحرك النمل بعد وصول الرسالة التي تصل في أقل من واحد على ألف من الثانية فينتشر النمل في وقت لا يتجاوز الثانية في طابور منتظم متجهاً إلى أماكن الغذاء.

حفل زواج جماعي

ومن العادات الطريفة للنمل كحشرة اجتماعية أنها تقيم حفل زواج جماعي، فحينما يحل موسم التزاوج ويبدأ تجهيز مساكن النمل، تتخلص أفراد النمل من أجتحتها وتقسم أنفسها إلى أزواج، ويأخذ كل زوج في إعداد مسكنه المناسب تمهيداً لبناء أسرة جديدة وفي الغالب يضم العش الواحد عدة إناث وعدة ذكور للتعاون على التغلب على المتاعب والمشاق.

وعقود الزواج عند النمل كغيرها من الحشرات الاجتماعية أبدية لا تنفك إلا بالموت.

حشرة اجتماعية

حتى النمل من الحشرات الاجتماعية حيث يعيش في تجمعات يتفاوت عددها من مئات الألوف إلى الملايين.

يتم التفاهم بين هذا العدد الكبير، كما يتم تحديد الاختصاصات وتوزيع الأعمال في تفاهم كامل، يحدث ذلك عن طريق الرادار الفرموني حيث يصدر من النمل رائحة بمثابة إشارة أو رسالة تبلغ النملة من خلالها بقية النمل بما تريد ولذلك يطلق عليها الحشرات التعاونية الاشتراكية حيث يعرف كل فرد في المستعمرة واجباته والتزاماته وحيث يترابط جميع أفراد المستعمرة بعضهم ببعض. 

ومن ينعزل عن الجماعة يكون موته محققاً  حتى لو توافر لديه الماء والغذاء فالشغالات التي تجلب الطعام والماء للجميع تعجز عن تغذية نفسها إذا صارت وحيدة

والنمل حريص على تواصل الأجيال، لذلك تقوم المستعمرة برعاية اليرقات وتنشئتها تنشئة اجتماعية، فتقوم أسرة النمل الحديثة التي تتكون من الملكة والذكر حديثي الزواج برعاية الصغار إلى أن يتم نموها، ويصبح منها الشغالات والمربيات والجنود، وتأخذ على عاتقها رعاية شؤون الأسرة, حينئذ يهنأ الأبوان ويتفرغان من جديد لإنجاب الذرية رغبة في تواصل الأجيال.

النمل المحارب

النمل: الذكاء الجماعي والتعاون والإبداع في عالم الحشراتants

 

رغم أن النملة من أصغر المخلوقات فإن معارك النمل معروفة لدى العلماء بشراستها وعنفها وقد وصف أحدهم معركة شاهدها بين حشرة أم أربعة وأربعين طولها بوصتان ومجموعة من النمل، فيروي أنه رأى: النمل الكبير يطبق عليها أنياب الموت، أما النمل الصغير فكان يصارع ليكبل الفريسة وتنتهي المعركة بمصرع الحشرة. 

ورأى أحد علماء الإنجليز طابوراً من النمل يهاجم ثعباناً ، وبعد عدة دقائق  كان النمل قد مزقه إلى قطع صغيرة.

وفي جزيرة ترينداد يوجد أمة من النمل عُرف عنها حب القتال لذلك تُسمى أمة النمل المقاتلة, وتقضي ثلاثة أسابيع في القتال وثلاثة أسابيع في راحة من القتال. وحين القتال تتحرك في طابور ثم ينفرج الطابور إلى مروحة باتساع ١٥ متراً لمحاصرة أي عدو، وتقضي عليه. 

ومن مظاهر التسليح الشهيرة في عالم النمل أن الشغالات تتخذ من حامض الفورميك مدفع رشاش، أو (والتمليك) وهو حامض حارق لاذع ,تعمل الشغالات على إطلاقه حين تتعرض المستعمرة لغزو خارجي من نمل مغير كما أنها تطلق روائح تنتشر بسرعة دافعة الروح المعنوية لدى المدافعين فيضاعفوا من قتالهم. ويزدادوا بسالة في الدفاع عن وطنهم. 

وإذا كان العدو كبير الحجم, فإن النمل يلتف حوله ويصب عليه حامض (الفورميك) لإجهاد قوته مما يسهل قتاله والقضاء عليه. ثم يقوم النمل بسحب صرعى الأعداء إلى داخل المستعمرة للإجهاز عليه والتهامه.

وحينما يتقابل النمل مع عدو يماثله قوة ووحشية تقوم الحرب، وقد استمرت إحدى هذه الحروب أكثر من ستة أسابيع بين جماعتين متنافستين من النمل.

ويوجد في غابات البرازيل وفي بيرو نمل يعرف بالنمل المحارب، يخرج في حملات للإغارة والتخريب وجمع الطعام في جيش قوامه نحو ثلاثين ألف نملة تسير في موكب قد يصل طوله إلى ١٥ متراً وعرضه نحو المترين، ويقضي على كل ما يقابله من عقارب وعناكب ولو كانت سامة وخنافس وصراصير وسحالي وثعابين وبعض الطيور والحيوانات الضخمة. 

تصل هذه الغارة إلى مسافة قد تصل إلى ۲۰۰ متر ، لا يعوقه منخفضات أو مرتفعات إذ يقيم كباري معلقة يستخدم في إقامتها أجسامه حيث تتشابك أرجل النمل بعضها ببعض في أعداد ضخمة إذ أن جيوش النمل لديها سلاح المهندسين القادر على ذلك ثم تقوم باقي الجماعة بالعبور من فوق تلك الكباري والمعابر.

وهناك النمل العسكري الذي ليس له مستعمرة ثابتة فتقوم الشغالات بعمل سلاسل متشابكة بالأيدي تحيط ببقية القوات التي تتوسطها الملكة ومعها اليرقات في الحضانات وقد يصل هذا الجيش نحو 750 ألف نملة، وإذا أجهز هذا الجيش الجرار على منطقة فإنه ينتقل إلى منطقة أخرى غنية بالغذاء، فيقيم معسكره المتنقل. 

والطريف أن هذا الجيش المغير لا يسير إلا ليلاً متخفياً بالظلام حتى يتكتم أخبار تحركه عن الأعداء، وقبل تحركه يرسل قوات استطلاع تتحسس له الطريق وترصد أعداءه حتى يكون تحرك الجيش في مأمن. ومما يثير الدهشة أن صغار النمل السلاب يمكنها أن تشل حركة فريسة تفوقها وزناً آلاف المرات وضحاياها تشمل العناكب والصراصير والعقارب.

تقوم بتقييد حركتها بواسطة صغار الشغالات وتتولى الكبار قضمها بصفة متكررة ويتم انتزاع أطرافها ثم تمزيقها إلى قطع صغيرة داخل بيت النمل. 

ولذلك فمن الطبيعي أن تكون النملة مسلحة للقتال، فالنمل السنغافوري له فكان يشبهان قرن الوعل يمكن للنملة أن تفتحهما إلى اتساع ۲۸۰ درجة، وبينهما شعرتان طويلتان للإنذار ما تكاد تمسهما الفريسة حتى يندفع الفكان إلى الأمام ويذبحانها.

وهناك نوع من النمل مشابه للنمل السنغافوري يعتمد على قرن الاستشعار لقياس المسافة بينه وبين الفريسة.

وهناك نوع يتميز بالفك المصيدة فتطبق النملة فكيها بعنف وتطوح بالفريسة بعيداً في الهواء.

ونملة المستريم البدائي تصعق عدوها بضربة من فكيها بأسلوب يشبه طرقعة الإنسان لأصابعه.

ونمل اللوفر ميرمكس ينزع بفكيه اللذين يشبهان المنشار أطراف الفريسة الصغيرة، ويوجد نوع متطور من النمل له غدة في رأسه تنتج سائلاً لزجاً يمكن قذفه في رأس عدوه من النمل المهاجم فيقتل ما بين عشر إلى خمس عشرة نملة.

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-