الدهون

الدهون FATS

تشكل الدهون مجموعة من المركبات الكيماوية التي تتمايز فيما بينها باختلاف صفاتها الكيميائية والفيزيائية وأهمها البيولوجية ويمكن تقسيم الدهون بشكل عام إلى مجموعتين رئيسيتين : 

  1.   الدهون المتعادلة أو البسيطة  
  2.  الدهون المركبة وتشمل
  •   الليبيدات الفسفورية phospholipid  
  • الليبيدات الكربوهيدراتية glucolipid
 

الدهنيات المتعادلة البسيطة

تشكل الجزء الاكبر من دهنيات الكائنات الحية. 

وتتكون بشكل رئيسي من الغليسيريدات الثلاثية وهي عبارة عن اتحاد الأحماض الدهنية مع الغليسيرين. 

وتعتبر الدهنيات المتعادلة من مصادر الطاقة الهامة في جسم الكائن الحي نظراً لأن احتراق الدهون يمد الجسم الإنسان البالغ ما نسبته 50% من الطاقة اللازمة له و40% طاقة للطفل . 

كما أن احتراق الدهون في جسم الكائن الحي ينتج عنه ما يسمى بالماء الذاتي (endogenic water) إذ ينتج 107 مل ماء عن احتراق 100 غرام دهن . 

وهذا يساعد في إمداد الجسم باحتياجاته من الماء . وتساعد الطبقة الدهنية الموجودة تحت الجلد في المحافظة على درجة حرارة الجسم إذ تعتبر هذه الطبقة عازلاً جيداً للحرارة .  

كما أن الدهنيات المتعادلة كغيرها من الدهنيات الأخرى تشكل جزءاً هاماً في بناء جدار الخلايا الحية . 

وتتجمع الدهون حول الأعضاء الهامة كالقلب والكليتين والأمعاء والأوعية الدموية والأعصاب لحمايتها من المؤثرات الميكانيكية (واقية للصدمات) . 

ويحتاج الإنسان البالغ حوالي 70-80 غرام من الدهون يومياً مع أنه يمكن إمداد الجسم بالطاقة اللازمة له عن طريق احتراق الكربوهيدرات والاستغناء عن الطاقة الناجمة عن احتراق الدهون. 

إلا أن القيمة البيولوجية للدهون لا يمكن تعويضها بهذه الطريقة كونها تحتوي على الأحماض الدهنية الضرورية والتي لا يمكن الحصول عليها إلا من مصدر غذائي خارجي , أي لا يستطيع الجسم بنائها من مواد أخرى . 

وهذه الأحماض هي  : حامض اللينوليك وحامض اللينولينيك والأركيدونيك ، وهذه الأحماض ضرورية للنمو والتناسل وفقدانها من الطعام يؤدي إلى تأخر النمو وتوقف عملية التناسل والتهاب الجلد خاصة عند الاطفال .  

ويتم هضم الدهون في الأمعاء الدقيقة بواسطة عصارة الأمعاء الدقيقة والبنكرياس والعصارة المرارية . 

وهكذا فإن هضم الدهون تعتبر عملية بيوكيميائية معقدة تتم بمشاركة عدد كبير من الخمائر " الانزيمات " والأحماض والمواد القاعدية التي تفرزها الأعضاء سالفة الذكر . 

ليتم في النهاية تحويل الدهون إلى مواد بسيطة وهي الأحماض الدهنية والغليسيرين التي يتم امتصاصها في الأمعاء . 

وفي جدار الأمعاء يعاد تركيب هذه الأحماض الدهنية إلى الغليسيريدات الثلاثية أو الفوسفوليبيدات التي تنقل بواسطة الأوعية الليمفاوية إلى الرئتين وتشكل ما نسبته 80% من الدهنيات الممتصة . 

أما الباقي وهو حوالي 20% فيمتص على شكل أحماض دهنية ذات سلسلة قصيرة تنتقل بواسطة الدم إلى الكبد . 

ويلعب الجهاز العصبي والغدد الصماء دوراً هاماً في عملية امتصاص الدهون بحيث تعمل الاعصاب الودية (sympathetic nervous system) على إضعاف امتصاص الدهون. 

 أما الأعصاب شبه الودية (parasympathetic nervous system) تزيد من عملية امتصاص الدهون . 

كما أن هرمون الكرتيزون ( هرمون الغدة الكظرية أو الفوق كلوية) والثايروكسين ( هرمون الغدة الدرقية) تزيد من امتصاص الدهون . 

وتلعب الرئتين دوراً هاماً في تنظيم دهنيات الدم إذ تقوم بضخ الغليسيريدات الثلاثية عبر الشرايين . 

حيث يفرز الغشاء المبطن للشرايين خميرة تسمى " lipoprotein lipase "الذي يحللها إلى الأحماض الدهنية ذات السلسلة الطويلة والحرة . 

حيث تُحمل مع الدم بواسطة البروتينات الناقلة مثل الألبيومين وألفا لايبو بروتين إلى كافة أعضاء الجسم حيث يتم احتراقها لتزود هذه الأعضاء بما يقارب نصف احتياجاتها من الطاقة . 

أما الكمية الفائضة عن حاجة الجسم فيعاد تخزينها في النسيج الدهني على شكل غليسيريدات ثلاثية مرة أخرى لتشكل مخزون الجسم الاحتياطي من الطاقة . 

وعندما تستدعي الظروف استخدام هذا المخزون لتلبية احتياجات الجسم من الطاقة يعاد تحليلها إلى الاحماض الدهنية التي تضخ في الدم ثم مرة أخرى يعاد استخدام جزء من هذه الأحماض الدهنية . 

والقسم الباقي منها يتم ربطه مع البروتيين ليتشكل ما يسمى بيتا لايبو برويتن الذي يحمله الدم إلى أعضاء الجسم الأخرى ليتم استخدامه كطاقة مرة أخرى . 

كما أن الكبد يقوم بتحويل الدهنيات إلى ما يسمى الجسيمات الكيتونية (keton bodies) التي تنقل بواسطة الدم إلى مختلف خلايا الجسم ويتم حرقها بسرعة لتأمين الطاقة . 

ومن الجدير بالذكر فإن احتراق الجسيمات الكيتونية لا يتم بشكل جيد وفعال إلا إذا كانت عمليات تبادل الكربوهيدرات في الجسم طبيعية . 

ومن هنا يتبين ترابط العمليات التبادلية الغذائية بعضها ببعض. 

 إذ أن عدم كفاية الكربوهيدرات في الجسم يؤدي إلى عدم تمكن الخلايا من حرق الجسيمات الكيتونية. 

مما يؤدي إلى تراكمها في الدم إلى أن تصبح سامة كونها حامضية التفاعل . 

مما يؤدي إلى زيادة حموضة الدم والإخلال بعمل جميع خلايا الجسم وتعريضها للموت وهو ما يسمى ب" keto acidosis " بمعنى تحمض الدم الكيتوني الناتج بسبب الإجهاد العضلي الشديد أو الجوع المطلق (الصوم المطلق). 

وفي حالات مرض السكري الغير معالج بالطريقة الصحيحة وفي بعض حالات ارتفاع درجة حرارة الجسم إلى حد معين .

 ومن أعراض تحمض الدم الكيتوني : التعرق الزائد ، اضطراب التنفس (ضيق تنفس ولهثة) ، وفقدان الشهية وزوفان المعدة ، وآلام عضلية وغيرها. 

وللعلم أنه قد تم اكتشاف مواد ذائبة في الدهون المتواجدة في المواد الغذائية تقوم بمنع تصلب الشرايين مثل الليسيتين الأحماض الدهنية غير المشبعة والفيتامينات الذائبة في الدهون مثل فيتامين E وفيتامين A. 

ويؤدي نقص الدهنيات أو عدم تواجدها في  الغذاء إلى تغيرات عضوية ووظيفية في مختلف أعضاء الجسم ومن أخطرها التغيرات التي تحدث في الكبد والكليتين والدماغ . 

وقد أثبتت التجارب العلمية التي أجريت على الحيوانات بأن انعدام الدهون في غذائها يؤدي حتماً إلى موتها بعد فترات  متفاوتة ، وأنه لابد من احتواء الغذاء على ما نسبته 10% من احتياجات الجسم من الطاقة كحد أدنى للمحافظة على حياة هذه الحيوانات . 

وهو ما يعتبره بعض الباحثين الحد الأدنى المقبول والمفروض توفره في غذاء أي كائن حي للمحافظة على حياته وأقل من هذا الحد يشكل عواقب وخيمة قد تؤدي إلى هلاك الجسم الحي . 

 أما النقص المعتدل في الدهون الغذائية فقد يؤدي إلى اضطراب عمل الدماغ والأعصاب فيشكو المصاب من الصداع وعدم التركيز أو الشعور بالضياع وعدم معرفة المكان والزمان أو الأشخاص . 

وقد يتطور الامر إلى فقدان كامل للوعي نتيجة سلسلة من الاضطرابات في كل أعضاء وأجهزة الجسم والتي إن لم تعالج في الوقت المناسب والطريقة المناسبة أدت حتماً إلى الهلاك .  

ومن هنا فإن أي برنامج أو نظام غذائي يتبع أو يوصف لأي شخص يجب أن يكون متوازناً ويحتوي على الاقل على الحد الأدنى من كافة العناصر الغذائية الأساسية . 

ويجب أن يبنى هذا النظام من منطلق الفهم الصحيح للعمليات الحيوية التي تتم في الجسم وبما يلبي احتياجات هذه العمليات التبادلية الغذائية الطبيعية السليمة . 

تنظيم تبادل الدهون

إن عملية امتصاص الدهون من الجهاز الهضمي في حال توافرها وعملية تخزينها أو استهلاكها من المخزون تتم وفق "قانون التنظيم الذاتي" وتستند هذه العملية على نسبة تركيز السكر (الغلوكوز) في الدم أو في السائل المحيط بالخلايا . 

فارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم يؤدي إلى توقيف عملية تحلل الدهنيات ومن ثم حرقها ويساعد على زيادة عملية بناء الدهون وخزنها. 

أما إذا انخفضت نسبة الغلوكوز في الدم تزداد سرعة تحلل الدهنيات وخروجها من مخزونها لتمد خلايا الجسم بالطاقة اللازمة .  

ومن هنا يتبين المعنى الفسيولوجي والبيولوجي لترابط عمليات البناء والهدم وعمليات التبادل الغذائي. 

والذي يتلخص في محاولة الجسم توجيه العمليات البيولوجية بداخله مما يخدم مصلحة الجسم ككل والحفاظ عليه من الهلاك وبطريقة مرنة تهدف إلى تحقيق التوازن دائماً . 

فإذا أمكن توفير احتياجات الجسم من الطاقة من الغلوكوز يوفر الجسم الطاقة الزائدة على شكل رفع مخزونه من الدهنيات ، وإذا حدث العكس فإنه فوراً يلجأ إلى مخزونه من الطاقة ليحافظ في النتيجة على بقائه . 



نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-