الزمن البيولوجي للنوم

 

الزمن البيولوجي للنوم The biological time of sleep


يمر الإنسان بحالتى النوم و اليقظة كل يوم و لا بد أن وراء ذلك نظاماً محكماً في الجهاز العصبي المركزي .

و لقد بحث العلماء في هذا الموضوع طويلاً ، حتى اهتدوا أخيراً إلى أن في الدماغ مركزا خاصاً يتحكم في حالات النوم و اليقظة . فيجعل الإنسان أو الحيوان يستيقظ في ساعة محددة في الصباح - عند طلوع النهار بضوئه - و ينام ليلاً في ساعة معينة - عند إقبال الليل بظلامه - . 

و توصلوا إلى أن هذا المركز يعمل عمل الساعة البيولوجية للنوم و اليقظة ، و أن الإنسان إذا اتبع هذه الساعة البيولوجية ، فإنه يتمتع بنوم عميق و مريح أثناء الليل ، و بنشاط بدني و ذهني أثناء النهار ، و يحافظ على صحته البدنية و النفسية أيضاً ، و يتجنب الكثير من الأمراض .

و ينصح الأطباء بتجنب السهر ليلاً و حرمان أجسادهم من النوم لأنهم لو فعلوا ذلك ما تمتعوا بعد ذلك بنوم مريح ، و ما استطاعوا أن يستيقظوا صباحاً مبكرين ، و إذا استيقظوا شعروا بالخمول و الإعياء .

و صار من الأمور المسلم بصحتها الآن أن فى المخ مركزاً يعمل عمل ساعة بيولوجية Biological Clock يجرى فيها الزمن البيولوجي - لأنها تقع في خلايا المخ - و هذه الساعة البيولوجية تحدد ساعة اليقظة و ساعة النوم . و يُعرف ذلك الإيقاع الزمني للنوم واليقظة في علم الأحياء باسم  Circadian Rhythm .

تتابع الليل و النهار و الإيقاع الزمني البيولوجي

و يحدث ذلك الإيقاع الزمني في الأحياء جميعاً بما فيها عالم النبات و الحشرات ، فتتفتح الزهور في وقت معين يتزامن مع نشاط الحشرات الخاصة بتلك الزهور ، فتأتي الحشرات و تمتص رحيق تلك الزهور . 

و هي إذ تفعل ذلك : تؤدي مهمة جليلة ، فتقوم بعملية تلقيح عضو التأنيث في الزهرة بحبوب اللقاح المتعلقة بجسد الحشرة .. فكأن الزهرة تستميل الحشرة لإفراز الرحيق ، فتأتي الحشرة إليها و يحدث بذلك تبادل منفعة بين الزهرة و الحشرة .

و هناك نباتات لا تتفتح زهورها إلا أثناء الليل و نباتات تتفتح زهورها أثناء النهار ، تبعاً لوقت نشاط الحشرات التي تزورها , لذلك فإن استمرار دورة حياة كل من النباتات و الحشرات يتوقف على توافق الإيقاع الزمني لليقظة و النوم كل يوم في كل منها . 

و لا شك أن تتابع الليل و النهار له الأهمية القصوى في ذلك الإيقاع الزمني ، و في استمرار حياة كل من النبات و الحشرات و في تنظيم أوقات اليقظة و النوم في الإنسان و في الأحياء جميعاً .

أين توجد الساعة البيولوجية بالمخ ، و كيف تعمل ؟

اكتشف العلماء أن الساعة البيولوجية توجد في منطقة في قاع المخ تُسمى ( تحت المهاد البصري )    Hypothalamus , و قيل إن الغدة الصنوبرية التي تُفرز الميلاتونين هي التي تُسيطر على الساعة البيولوجية للنوم و اليقظة . 

و يعتقد علماء آخرون أن تتابع الليل و النهار و الظلام و الضوء على سطح الأرض ، هو المؤثر على تلك الساعة البيولوجية , لذلك نجد أن وقت اليقظة و النوم في الإنسان و الدواب و النبات يتزامن مع الزمن الجغرافي الذي فيه الليل و النهار) ، و أنه لا يمكن للساعة البيولوجية أن تعمل بدون تأثير الضوء و الظلام .

لذلك فإن ضبط الساعة البيولوجية بحاجة لتتابع الليل والنهار . و هذه الساعة البيولوجية موجودة ليست في مخ الإنسان فحسب ، بل و في الحشرات و الحيوانات أيضاً ، فنجد أنواعاً من البعوض تنشط ليلاً و تنام نهاراً و كذلك الصراصير و الجرذان ، بينما ينشط الذباب نهاراً و ينام ليلاً .

اختلال الساعة البيولوجية في الإنسان

يحدث اختلال الساعة البيولوجية في الإنسان خلال السفر بالطائرات النفاثة السريعة و هو ما يُسمى Jet lag .

كان الناس في العصور السابقة يعتقدون أن الزمن على الأرض واحد ، بمعنى أن الليل إذا أقبل على بلد ، فإنه يكون قد أقبل على العالم كله ، وإذا طلع النهار طلع على العالم بأسره .. 

و منذ قرنين من الزمان أو ثلاثة على الأكثر أدرك العلماء أن الأرض تدور حول نفسها أمام الشمس ، وأن بعض مناطق الأرض تكون في ليل و بعضها الآخر يكون في نهار ، و أن الزمن الجغرافي يختلف من مكان إلى مكان على الأرض .

فإذا تحدث إنسان تليفونياً في القاهرة مثلاً إلى صديق له في إنجلترا ، و في نفس الوقت تحدث مع صديق له في الهند علم أن الزمن بالهند بعد الزمن بالقاهرة بأربع ساعات ، و أن الزمن بإنجلترا قبل الزمن بالقاهرة بساعتين ، إذن ( الآن ) و ( بعد ) و ( قبل ) تحدث للزمن الجغرافي في نفس الوقت ، و لكل منها مكان .

فالمكان يحمل زمن خاص به و الذي يختلف عن زمن في مكان ما آخر على الأرض .

من هنا نفهم أن الناس على سطح الأرض في أي لحظة من اللحظات بعضهم في ليل و نوم عميق ، و بعضهم في وقت الضحى أو وقت الظهيرة يعملون ، و بعضهم في وقت الغروب و قد انصرفوا من أعمالهم عائدين إلى بيوتهم .
 

و الذين يسافرون من الشرق إلى الغرب بطائرات نفاثة يجدون أنهم اخترقوا عدة مناطق زمنية ، و كذلك المسافرون من الغرب إلى الشرق ، و يصل المسافر إلى المكان الذي سافر إليه ، فإذا هو في مكان له زمن جغرافي مختلف و غير متوافق مع الزمن البيولوجي الذي يجري داخل بدنه و يهيمن على نشاط أجهزة الجسم و مواعيد النوم و اليقظة فيه . 

فمثلاً إذا سافر إنسان بطائرة سريعة من القاهرة إلى نيويورك مثلاً ، و هو معتاد أن ينام في القاهرة في العاشرة مساء كل ليلة ، فهو عندما يصل إلى نيويورك يجد أن الساعة العاشرة مساء بتوقيت القاهرة ـ وقت نومه- هي الرابعة عصراً في نيويورك ، فلا ينام ، و إن كان يشعر بخمول و فتور و يضبط ساعته على توقيت نيويورك . 

فإذا أوى إلى فراشه الساعة العاشرة بتوقيت نيويورك فيكون قد أوى إلى فراشه و ينام في الساعة الرابعة صباحاً بتوقيت القاهرة ، فكأنه قضى الليل كله و ساعات الصبح الأولى كلها في يقظة ، و إنه نام في وقت الفجر . 

أما المسافر إلى الشرق فيحدث له العكس ، و يضطر إلى أن ينام قبل الموعد نفسه الذي اعتاد عليه بساعات .

لذلك فالذين يسافرون بالطائرات إلى مسافات بعيدة غرباً أو شرقاً يعانون من إرهاق بدني و نفسي غامضين يستمر أيامًا . 

و يحدث نفس الاضطراب في التزامن بين ساعات النوم و ساعات العمل ( أي بين الزمنين البيولوجي و الجغرافي ) في المجتمعات الصناعية أثناء القيام بأعمال ليلية مما يتعارض مع الساعة البيولوجية داخل الجسم ، و مواعيد النوم و اليقظة فيها .

 تابع أيضاً :

 وظائف أعضاء الجسم أثناء النوم

 الأحلام في المنام

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-