التمساح | تعرف على صديقه المخلص و دموعه الكاذبة

nabdaqlam.website

 

بالرغم من أنها من عالم الحيوان المفترس فإن التماسيح من الحيوانات التي يعتبرها العلماء من أسعد الزواحف ,  إذ يقدر العلماء أن وجودها منذ نحو 175 مليون سنة , فقد ظهرت بينما كانت الديناصورات تنقرض و تختفي , لذلك استطاع العلماء دراستها و التعرف على أنواعها.

و مصر من أقدم البلاد التي عُرفت فيها التماسيح , إذ عبدها قدماء المصريين حيث كانت تعيش في النيل , فأقاموا لها أحواضاً بجوار المعابد , كما كانوا يقومون بتحنيطها و وضعها في مقابر التماسيح المقدسة.

و قد ذكر المؤرخ اليوناني هيرودوت الذي زار مصر :-

  •  أن المصريين كانوا يعاملونها معاملة طيبة و يحنون و يعطفون عليها, حتى إنهم كانوا يضعون الخلاخل الذهبية في أقدامها.
  • و قد أقاموا لها بالفيوم مدينة مقدسة هي مدينة ( كروكود بوليس ), فكان الكهنة يفتحون فكوكها و هي راقدة تستمع بدفء الشمس و يضعون فيها القرابين من كعك و لحوم مشوية, ثم يقدمون لها شراب النبيذ.
  • و أعدوا لها مقابر بجوار مدينة ( كروكود بوليس ) المقدسة و قد سماها المصريون الإله ( سوبك ) و كانوا يضعونها في توابيت بعد موتها.

هكذا عامل المصريون التماسيح , أما غيرهم من الشعوب فقد نظروا إليها نظرة مختلفة حتى إن المسافرين و الرحالة و القدماء سموها ( المخلوق القبيح ) بسبب أصواتها المرعبة , و فكوكها التي تتساقط منه الدماء و أنوفها التي تتصاعد منها الأبخرة.

حيوان ضخم من البرمائيات

التمساح من أكبر الزواحف في عصرنا , و يشبه الديناصور المنقرض, و يعيش معظمها قرب الأنهار, حيث تقضي يومها مستلقية على ضفافها, ثم تنزل إلى المياه.

لذلك فهي من البرمائيات ما عدا نوعاً واحداً فقط يعيش في الماء فقط , و هذا النوع يوجد في الهند الشرقية.

حيوان ينقرض

تعرضت التماسيح في العصور المتأخرة لا سيما في نهاية القرن العشرين للإعتداء على أرواحها إلى حد الإبادة , و لذلك أخذت أعدادها تتناقص بشكل ملحوظ , إذ يتم إبادة نحو مليون تمساح في العام.

و مثال ذلك ما حدث في مستنقعات النيجر التي كانت موطناً كبيراً للتماسيح إذ تم تجفيفها من أجل زراعتها بالمحاصيل و الخضروات فاختفت منها التماسيح تماماً.

لذلك يتوقع خبراء الأحياء المائية قرب انقراض التماسيح.

تربية التماسيح

إن كانت التماسيح مهددة بالانقراض إلا أن البعض في أوروبا يقومون بتربيتها لفوائد إقتصادية:-

  1. ذلك أن جلود التماسيح من أجود أنواع الجلود.
  2. كما أنه من الحيوانات التي تفرز المسك حيث توجد به غدة تُسمى غدة المسك.

 طعام التماسيح

يرقد التمساح على ضفة النهر, فيأتيه طعامه الذي يتمثل في تلك الحيوانات التي تأتي إلى المياه لتشرب, فينقض عليها و يمسك بها, و ينزل إلى الماء ليغرقها و يأكلها, و بإمكان التمساح أن يبتلع حيواناً كاملاً.

و يتميز التمساح بوجود عصارة هضمية لديه تحتوي على حامض الهيدروكلوريك الذي يستطيع أن يُسهم في هضم رؤوس الرماح الحديدية.

قدرات التماسيح

  • التمساح حيوان برمائي أي يعيش في الماء و على الشاطىء و ينتقل بالليل من نهر إلى نهر و من بحيرة إلى بحيرة .
  • له القدرة على رؤية فريسته في الماء و لو كان عكراً .
  • و آذانه حادة إلى أبعد حد إذ يمكنه أن يسمع صوت فريسته و هي في الماء فيتجه إليها و يمسك بها.
  • و ذيله من القوة بحيث إنه بضربة واحدة يستطيع أن يشل فريسته , لذلك يبادر بضرب القريسة بذيله فيخمدها ثم يلفها في الماء ليفقدها توازنها.
  • حاسة الشم لدى التمساح بالغة القوة فيشم الفرائس و يتتبعها ببطء و حذر و يصطادها و يسحبها إلى الماء بأسنانه القوية.
  • مخ التمساح معقد, و له القدرة على التعلم و اكتساب المهارات, و هو صغير الحجم رغم ضخامة حجم صاحبه.
  • أنف التمساح يوجد فوقه نتوء تمكنه من أن يتنفس و هو غاطس في الماء.
  • أسنانه مخروطية مدببة و لها قدرة عجيبة على الإمساك بالفريسة و نهشها, و الفكان بهما مائة سن.
  • المعدة بها حجارة تمضغ الطعام و تطحنه, ذلك أن الأسنان لا تقوم بهذا العمل إنما هي للإمساك و النهش ثم يبلع التمساح طعامه على هيئة كتل كبيرة, و تقوم المعدة بالمضغ عن طريق ما بها من حجارة و تُفرز عصارات هاضمة حمضية قوية تُذيب اللحوم و الغضاريف.

موطن التمساح

تعيش التماسيح في المناطق الإستوائية بمياه أسيا و غانا الجديدة و وسط أفريقيا, و بعضها يعيش في شرق الولايات المتحدة الأمريكية و الصين.

كما تعيش في أستراليا, و في براري كينيا و حول بحيرة توركانام في نيروبي و حول بحيرة تانا في أثيوبيا و في مياه جوانا الفرنسية و مستنقعات كولومبيا.

و هي تعيش في المياه المالحة و في المياه العذبة.

حجم التمساح

قد يصل طول التمساح إلى 6 أمتار و أكثر, و قد يصل وزنه إلى 9 أطنان .

و يعتبر التمساح أكبر الزواحف على الأرض , و يظل ينمو طوال حياته, و أقصى طول لتمساح 10 أمتار, و أكبر التماسيح نوعاً اسمه الليجاتورز و أصغرها تمساح كايمن و هو يعيش في أمريكا الجنوبية و يبلغ طوله نحو 12 سم.

طباع التمساح

  • التمساح الإفريقي يتميز بالجبن على قوته, فلو ظهر له إنسان فجأة فإنه يخافه و يهرب منه.
  • و تتسم التماسيح بالمكر و الدهاء, فالتمساح يتربص بالفريسة مختفياً في الماء أو بين الأحراش المائية و يُخفي جسده و لا تظهر إلا عيناه فلا يمكن رؤيته, فإذا شاهد الفريسة انقض عليها و ضربها بذيله القوي و نزل بها إلى الماء.
  • و التمساح حذر إذ يستطيع أن يتربص بالفرائس و يتعقبها و يخطفها بحذر و حرص شديدين .
  • و أكثر التماسيح ضراوة هي تلك التي تعيش في المياه الأسترالية.
  • و التماسيح حيوانات اجتماعية أي تعيش في جماعة, و بعضها يميل إلى العزلة و الإنطواء .
  • التماسيح تُحب الدفء و الإستمتاع بالشمس لذلك فرقدتها المفضلة على الشواطىء تحت أشعة الشمس الدافئة.

أعمار التماسيح

يبلغ عمر التمساح في المتوسط نحو مائة عام , و توجد أنواع من التماسيح قد يمتد بها العمر إلى مدى بعيد يتراوح 200 إلى 300 عام .

تكاثر التماسيح

عش التمساح

 

يطارد التمساح الذكر أنثاه و يُطلق زئيراً للبحث عنها, و عندما يراها يغازلها و أحياناً يعض ذيلها.

و حين تلد الأنثى تضع بيضها في الرمال, و حجمه كحجم بيض الأوز, و عدد ما تضعه الأنثى من بيض يتراوح بين 34 و 80 بيضة.

و تغطي الأنثى هذا البيض بالأعشاب الرطبة, و تواصل رشه بالماء حتى تحميه من أشعة الشمس الحارقة, و يفقس البيض بعد مدة تتراوح بين 15 و 17 يوماً.

و عند استعداد الصغار للخروج من البيض تسمع الأم من بعيد أصواتها من داخل القشرة فتسرع إلى الغطاء لترفعه عن البيض, و عندئذ تستخدم الأفراخ أسناناً تُعرف باسم سن الفقس لكسر البيض و الخروج إلى المياه.

يخرج التمساح الصغير و يبلغ طوله نحو 20 سم , و يتجه إلى الماء بغريزته, ليبدأ حياته تحت إشراف التماسيح الكبار التي تقوم بمده بالطعام.

صيد التماسيح

يُقبل الصيادون على صيد التماسيح إما تخلصاً من شرها و إما طمعاً في جلودها, و لهم في ذلك حيلة ظريفة, إذ يمسكون بكلب قرب أماكن تواجدها و يربطون الكلب و يتركونه يعوي.

فتقبل نحوه التماسيح مدفوعة برغبتها الشرهة في إفتراسه, حينئذ يقبل نحوها الصيادون الذين يختفون في الأحراش, و يمسكون في أيديهم كميات من الطين فيلقونه على أعين التمساح, فيرتبك و لا يراهم, فيضربونه بالحراب في رأسه, فيفقد الوعي, و هم يتخيرون أن يضربوه بالحراب فوق المخ رغبة في أن يفقد الوعي بسرعة.

و قد يعدون له شباكاً لاصطياده, و أحياناً يصطادونه بالبنادق أو البلط أو الرماح, و بعد اصطياده يقومون بسلخه و إعداد جلوده للتصدير إلى أوروبا حيث تجد سوقاً رائجة.

لذلك صارت التماسيح مهددة بالانقراض بسبب المبالغة الشديدة في اصطياده, و يُقدر عدد التماسيح التي تختفي سنوياً بنحو 20 مليون تمساحاً, حتى قامت بعض الدول بسن التشريعات التي تُحرم صيده مثل البرازيل و الإكوادور و بعض الدول الأخرى.

دموع التماسيح

دموع التماسيح

 

تحصل الكائنات التي تعيش في البحار على حاجتها من الماء من مياه البحار المالحة, ثم تقوم بالتخلص من الملح الزائد عن حاجتها عن طريق أجهزتها الخاصة, فالأسماك يوجد جهاز  إزالة الملوحة لديها في الخياشيم, حيث تقوم خلايا خاصة بأخذ الأملاح من الدم, و تخرجها مع المخاط بتركيزات كبيرة.

بالنسبة للتماسيح توجد الغدد الملحية بها في زاوية العين, و تسيل إفرازاتها إلى الخارج, و حين لاحظ الناس ذلك ( خروج الإفرازات من العين ) لا سيما بعد أن تأكل فرائسها , ظنوا خطأً أن هذه الإفرازات دموع و ظنوا أن سبب الدموع هو البكاء, و اعتقدوا أن التماسيح تبكي ضحاياها, و ظهر المثل الشائع ( دموع التماسيح ) كدليل على النفاق الشديد.

الحقيقة أن التماسيح لا تبكي, إنما هي الغدد الملحية الموجودة في عيونها تؤدي عملها في إفراز الملح الزائد في دم التماسيح فتسيل منها هذه الإفرازات إلى الخارج فيظنها من يراها أنها دموع.

صديق التمساح و المصلحة المشتركة

 

التمساح و طائر القطقاط

قد نشأت صداقة بين التمساح و طائر القطقاط الذي يلازم التمساح بصفة دائمة, و يهبط بين فكيه و يلتقط من بين أسنانه الهوام و الديدان, و التمساح هادىء مطمئن حريص على أن لا يطبق فمه الكبير على صديقه الصغير أو يلحق به أي سوء.

ذلك أن القطقاط في مقابل ما يحصل عليه من طعام من بين أسنان التمساح يقدم إليه خدمة جليلة, إذ يقوم بحراسة التمساح, فإذا ما رأى عدواً أو أحس بخطر يهدد التمساح فإنه يصفق بجناحيه محذراً فينساب التمساح إلى الماء هرباً, و ينجو بحياته.

دهاء التمساح

قد عُرف عن التمساح بالمكر و الدهاء, و روي عنه في ذلك حكايات و نوادر, من ذلك أنه كان يتواجد في  الأمكنة التي تتردد عليها الفلاحات حاملات الجرار اللاتي كن يحصلن على الماء من النيل قبل أن تصل المياه النقية إلى الريف.

فكان التمساح يعمد إلى ذيله يطليه بالطين اللزج من قاع النيل, ثم يصعد إلى الشاطىء فيتمرغ عليه, ثم يعود فيكمن قريباً فإذا ساق سوء الحظ إحدى الفلاحات أو أي شخص أخر يمر بالمكان انزلقت قدمه من فوق ذيل التمساح فيتلقفها فريسة سائغة.




المصدر: من عجائب الخلق في عالم البحار/ محمد اسماعيل الجاويش

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-