ملح الطعام

ملح الطعام

 

لقد عرف الإنسان ملح الطعام منذ القدم ولاحظ بفطرته أهميتها وفائدتها . 

 وشغلت هذه المادة حيزاً كبيراً في حياة الإنسان من الناحية الصحية والسياسية والإقتصادية وربما كانت من أثمن المواد والسلع التي قامت من أجلها الحروب واعتبرت مادة استراتيجية وفرضت قوانين صارمة تنظم بيعها ونقلها والإتجار بها وفرضت ضرائب باهظة عليها . 

ودخلت في فلكلور وأساطير ومعتقدات مختلف الشعوب القديمة ! وأصبح تقديم الملح والخبز رمزاً متعارفاً عليه عند كل شعوب الأرض .

 بالإضافة إلى اهتمام التجار ورجال الحرب بملح الطعام فقد اهتم به أيضاً الكتّاب والأدباء والمفكرون وعلماء الفيزياء والكيمياء والأحياء والأطباء على مر العصور فهل يستحق ملح الطعام كل هذه المكانة والإهتمام ؟؟

 مكونات ملح الطعام

يبين التحليل الكيميائي لملح الطعام أنه يتكون من عنصرين هما الصوديوم والكلور والاسم الكيميائي له هو كلوريد الصوديوم NaCl. 

 أما صفاته الكيميائية والفيزيائية فلا يتسع المجال هنا للخوض فيها لاتساعها وتشعبها ، وضرورة إحاطة القارئ بالكثير من النظريات العلمية الفيزيائية والكيميائية ليتمكن من إدراك أهمية هذه الصفات من الناحية الصحية والبيولوجية . 

ولذا إنه من المناسب الحديث عن الخلاصات دون الخوض بالتفصيلات وليتمكن أكبر عدد من القراء الإستفادة من هذه المعلومات تاركين المجال أمام من يريد الاستزادة للرجوع إلى المصادر العلمية اللازمة.

 أهمية ملح الطعام لخلايا الجسم

إن ملح الطعام يلعب دوراً هاماً جداً في الوظائف الحيوية لكل خلية من خلايا الجسم ولا يمكن للكائن الحي أن يستمر بالحياة إذا حُرم من هذه المادة الهامة لأيام . 

 إذ يتسبب حرمان الجسم الحي من كلوريد الصوديوم (ملح الطعام) في اضطراب كافة الوظائف الحيوية للخلايا والأعضاء المختلفة مما يؤدي إلى هلاك الجسم الحي !. 

ويتواجد هذا الملح في خلايا الجسم الحي وفي كافة سوائله في نسب ثابتة . 

وتساهم الغدد الصماء وهرموناتها وبمساعدة الجهاز العصبي والكليتين والكبد والجهاز الهضمي التي تعمل كلها بتناسق عالي الدقة للمحافظة على نسبة كلوريد الصوديوم في الدم وسوائل الجسم الأخرى ضمن الحدود الطبيعية لتأمين أفضل الظروف الفسيولوجية المواتية للحياة . 

ومن هنا فإن تناول الإنسان لكمية أكبر من احتياجاته اليومية من ملح الطعام يؤدي إلى تغيرات فسيولوجية عديدة في الغدد الصماء والكليتين والأعضاء الأخرى المعنية للتخلص من الكمية الزائدة عن طريق البول أو العرق أو البراز حتى تبقى نسبة تركيز كلوريد الصوديوم ثابتة . 

 أما إذا تناول الإنسان كمية أقل من احتياجاته اليومية فإن هذه الأعضاء تعمل بالعكس أي تقلل من فقدان كلوريد الصوديوم للمحافظة على المستوى الطبيعي له في الدم والسوائل الأخرى .

 

المحافظة على مستوى ملح الطعام في الدم و السوائل الأخرى

والحقيقة أن هذه الفترة محدودة ذلك لأن هذه الأعضاء تبذل جهداً كبيراً للمحافظة على هذا الاتزان. 

 فإذا طالت الفترة التي تتعرض هذه الأعضاء فيها إلى ضرورة العمل المكثف فإنها تصاب بالإرهاق والتعب مما يجعلها غير قادرة على الاستمرار في المحافظة على المستوى الطبيعي لملح الطعام في الجسم سواء في حالة الزيادة أو النقصان. 

مما يؤدي حتماً إلى اضطراب عمل الخلايا الحية والأعضاء المختلفة في الجسم ومن أهمها عمل القلب والأوعية الدموية والكليتين ومن ثم باقي أعضاء الجسم والتي إن لم تعالج بالوقت والطريقة المناسبة أدت إلى مرض أو موت الجسم الحي .  

ومن هنا فإن من أهم متطلبات الغذاء الصحي ضرورة احتوائه على الكمية المناسبة من ملح الطعام وعدم الإسراف في تناول الأطعمة والأشربة ذات المحتوى العالي من الملح كالمخللات والمكسرات المالحة وبعض أنواع الأسماك المقددة بالملح وغيرها . 

 فإذا رغب الشخص بتناول بعض هذه الأطعمة فعليه التخلص من القدر الأكبر من الملح الموجود فيها عن طريق نقعها بالماء أو غليها ( كالجبنة البيضاء مثلاً) أو أي طريقة أخرى .  

ومع ان هذا الأمر مستحسن لكل الناس إلا أنه يكتسب مكانة خاصة من الأهمية والرعاية للأشخاص الذين يعانون من السمنة أو ارتفاع توتر ضغط الدم الشرياني أو مرضى السكري والمصابون بمختلف أمراض الكليتين أو أمراض القلب وتصلب الشرايين أو أمراض الكبد . 

 إذ إن كل هؤلاء المرضى تزداد حالتهم سوءاً من تراكم كميات زائدة من ملح الطعام في أجسادهم ، نظراً لأن ازدياد محتوى الجسم من الملح يؤدي إلى تراكم وتجمع كميات كبيرة من الماء في الجسم مسببة ما يعرف بـ "الوذمة"أي تورم القدمين أو تجمع الماء في تجويف البطن أو الصدر الذي قد يصل إلى كميات كبيرة تشكل خطراً مباشراً على الحياة . 

ولا يفوتنا هنا أن ننبه بشكل خاص السيدات الحوامل إلى ضرورة عدم الإسراف بتناول ملح الطعام مما قد يزيد في احتمالية إصابتهم بارتفاع ضغط الدم أو تسمم الحمل أو زيادة الوزن أكثر من الحد الطبيعي . 

 

مضار تناول كميات كبيرة من ملح الطعام 

  • زيادة الوزن نتيجة انحباس كمية أكبر من الماء في أجسادهم . 
  • تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بارتفاع توتر ضغط الدم الشرياني . 
  • تجعلهم أكثر عرضة للإصابة بأمراض تصلب الشرايين نظراً لازدياد احتمالية اضطراب دهنيات الدم وذلك لأن كلوريد الصوديوم يعيق عمل الأنزيمات المعنية في تنظيم التبادل الدهني (مثل لايبوبروتيد اللايبيز).
  •  تجعلهم أكثر عرضة لاضطرابات الجهاز الهضمي (ازدياد حموضة العصارة المعوية) وغيرها .

كما أن هذه الأطعمة مثيرة للشهية مما يجعل الشخص يتناول كمية أكبر من الطعام وبالتالي إلى ازدياد تراكم الدهون لديه . 

والخلاصة فإن ملح الطعام يستحق بكل جدارة المكانة التي أولاها له الإنسان على مر العصور ، ومع ذلك فإننا يجب أن لا ننسى أبداً القاعدة الذهبية وهي الاعتدال وعدم الاسراف وكل ما زاد عن حده انقلب إلى ضده ونرجو الصحة والعافية للجميع . 


نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-