ويليام هارفي | رائد علم الأحياء وأبو علم الدورة الدموية

 

ويليام هارفيWilliam Harvey

ولد ويليام هارفي في إنجلترا في مدينة فولدر في ولاية كنت، في الثامن من أبريل عام 1578م. وقد نشأ في عائلة ذات مكانة اجتماعية مرموقة، وتلقى تعليمه الأولي في مدرسة الرهبانية المحلية، قبل أن ينتقل إلى كلية كامبريدج، حيث درس الطب والجراحة.

وتميز هارفي بشخصية مثقفة ومتعلمة، وكان مهتماً بالأدب والفلسفة والعلوم بشكل عام، وكان يحرص على القراءة والتعلم طوال حياته. وكان يمتلك شخصية قوية وثقة بالنفس، وهو ما ساعده على تحقيق إنجازات كبيرة في حياته العلمية.

وعلى الصعيد العائلي، كان هارفي متزوجاً ولديه ابنتان، وكان يعيش حياة هادئة ومستقرة بعيداً عن الأضواء والشهرة، ولم يكن يسعى للانتشار الإعلامي، ولكن إنجازاته العلمية الكبيرة جعلت منه شخصية عالمية مشهورة.

  • 1609 عين هارفي طبيباً في مستشفى القديس بارتولوميو، في لندن. 
  • 1618 عين طبيباً خاصاً لجيمس الأول.
  • 1628 صدر كتابه عن (حركة القلب والدم في الحيوانات).
  • 1651 طبع (مقالات علمية عن تكاثر الحيوانات).
  • 1661: يستخدم مارسيللو مالبيجي مجهره الخاص ليثبت صحة فرضية هارفي الخاصة بالوصلات التفاغرية anastomoses. 

يُعتبر ويليام هارفي علماً في مجال علم التشريح. مما قدمه هارفي في هذا المجال، خاصة بعد المعارف التي جاد بها سابقوه كل من كلوديوس جالينوس وفيزاليوس، يعد إضافة نوعية لعلوم التشريح خاصة وان القلب لم يعد يكتفي، وفق اكتشافه، بضخ الدم فقط . .

النظرية الجديدة

افترض جالينوس أن الدم يتكون بفعل الغذاء في الكبد وهو مصدر طاقة الجسم, ولذلك يتطلب الجسم طعاماً مستمراً للإبقاء على حيويته.

لم يكن أمام هارفي, خاصة بعد الإضافات الطبية الفقيرة في هذا المجال تحديداً, إلا أن يستثمر وجوده في خدمة الملك جیمس الأول وثُمَّ جارلس الأول، ويشتغل على الحيوانات (الملكية) لعقدين من الزمن ليدعم نظريته. 

نظرية هارفي تتعلق بالدورة الدموية في الجسم البشري. وقد اكتشف هارفي أن القلب هو المضخة الرئيسية التي تدفع الدم في الأوعية الدموية، وأن الدم يتدفق في دورة مغلقة ومستمرة في الجسم، وذلك بعد سنوات من الأبحاث والتجارب المكثفة.

وقد كانت هذه النظرية مخالفة للنظرية السائدة في ذلك الوقت، والتي كانت تعتمد على فكرة وجود اتصال بين الشرايين والأوردة عبر المسامات. ولكن بفضل عمله الدؤوب وتجاربه الدقيقة، استطاع هارفي إثبات صحة نظريته وتغيير فهمنا لعملية الدورة الدموية في الجسم البشري.

وبفضل اكتشافات هارفي، أصبح من الممكن للأطباء فهم كيفية عمل القلب والأوعية الدموية، وذلك أدى إلى تحسين طرق علاج الأمراض المختلفة التي تتعلق بالجهاز القلبي الوعائي، وتطوير العديد من الأدوات الطبية والتقنيات الحديثة التي تستخدم في مجال القلب والأوعية الدموية حتى يومنا هذا.

لقد رفضت هذه النظرية تصورات جالينوس الخاصة بآلية عمل الجسم البشري.

طبع هارفي نتاجه العلمي الذي خلص إليه في كتاب من 720 صفحة بعنوان : ( تمارين تشريحية حول حركة القلب والدم في الحيوانات ) ونُشر في معرض كتاب فرانكفورت في عام 1628. 

كان هارفي متبنياً اكتشافه العملي المدعوم بتجارب متكررة ومتواصلة منذ 1616 لكنه تأخر في طبع الكتاب. ويشبه حال كوبيرنيكوس ربما لتطلعه إلى الكمال. ولكنه في الحقيقة أيضاً تردد بسبب دحضه نظریات عالم مرجعي مثل جالينوس.

انقسام الآراء حول نظرية هارفي

كما كان متوقعاً، فمع انضمام الكثير من الأكاديميين إلى صفه، إلا أن عدداً لا يُستهان به من المعارضين لوحوا بالاستخفاف من أفكاره. وكانت إحدى نقاط ضعف دراساته انه لم يقدم شرحاً مُقنعاً لكيفية انتقال الدم من الشرايين إلى الاوردة. وقد قدم هذه المشكلة في كتابه لتحظى ببحث أكثر. حَيثُ افترض ان الانتقال يتم في نهايات شعيرية يصعب على العين البشرية التقاطها. 

لم يمضي وقت طويل بعد موت هارفي حتى اكتشف مارسيلو مالبيجي لـ (الشعيرات الدموية) بفضل استخدامه المجهر الذي ظهر للتو. لم يمتلك هارفي حينها هذه الوسيلة لإثبات ادعائه، حتى إنه خسر مرضاه لما احاطه من استهزاء وتشكيك. 

مع اقتراب وفاته، كان قد أجاب معارضيه وقدم الشروحات التي دعمت رؤاه والتي نالت مع مرور الزمن قبولاً واسعاً حتى قبل الدليل الدامغ على يد مالبيجي.

التكاثر 

في 1651 ، قدم هارفي مطبوعاً ثميناً آخر ولكن هذه المرة في مجال التكاثر. عالج هارفي في كتابه (مقالات علمية حول التكاثر في الحيوانات) عدداً من الفرضيات الخاطئة واهمها (التولد الذاتي)، وكانت هذه النظرية تنطبق حينها على الثدييات أيضاً. 

وهو من أوضح ان الإناث تمتلك بيوضاً تصل إلى حالة التكاثر بتفاعل معين مع مني الذكر. ومع انه كان من المستحيل ان يتوفر على الوسيلة التجريبية لهذا الادعاء حينها، إلا أن فرضيته بأن البيضة هي أساس الحياة كانت مقنعة جداً. ولم تتضح الصورة الأكبر الذي نوه إلى جزء منها إلا بعد قرنين من التطور التقني.

الأمراض التي يمكن علاجها بفضل اكتشافات هارفي

بفضل اكتشافات هارفي ونظريته حول الدورة الدموية، أصبح من الممكن علاج العديد من الأمراض المختلفة التي تتعلق بالجهاز القلبي الوعائي، ومن أهم هذه الأمراض:

  1. ارتفاع ضغط الدم: حيث يمكن تشخيص هذه الحالة بفضل الآلات التي تستخدم لقياس ضغط الدم، ويمكن علاجها بواسطة الأدوية التي تنظم ضغط الدم وتساعد على تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
  2. أمراض القلب الوعائية: مثل الذبحة الصدرية والجلطات الدموية والأزمات القلبية والاضطرابات النظمية، حيث يمكن علاج هذه الأمراض بواسطة الأدوية المختلفة والتدخلات الجراحية، والتي تعتمد على فهمنا الحديث لعملية الدورة الدموية في الجسم.
  3. أمراض الشرايين والأوردة: مثل تصلب الشرايين والدوالي والجلطات الوريدية، حيث يمكن علاج هذه الأمراض بواسطة الأدوية والتدخلات الجراحية المختلفة، والتي تعتمد على فهمنا لعملية الدورة الدموية في الجسم.

إن فهمنا الحديث لعملية الدورة الدموية في الجسم، والتي تم تحقيقها بفضل اكتشافات هارفي، قد ساعد على تحسين العديد من الطرق العلاجية المختلفة للأمراض التي تتعلق بالجهاز القلبي الوعائي.

الخاتمة

توفي ويليام هارفي في الثالث من يونيو عام 1657 م، عن عمر يناهز 79 عامًا، في منزله في لندن. ولا يوجد تقرير رسمي عن سبب وفاته، لكن يُعتقد أنه توفي بسبب نوبة قلبية أو جلطة دماغية، وقد كان يعاني في الفترة الأخيرة من حياته من بعض المشاكل الصحية.

دُفن هارفي في كنيسة كريبلغيتش في لندن، وقد تم إقامة تمثال له في الموقع الذي وُلِد فيه في مدينة فولدر، وهو اليوم جزء من مقاطعة كنت في جنوب شرق إنجلترا. ولا يزال اسم هارفي يعتبر رمزًا للتقدم الطبي والعلمي في العالم، ومن أهم العلماء الذين أحدثوا تغييرًا جذريًا في فهمنا للجسم البشري وعملياته المعقدة.


نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-