أحمد أمين

أحمد أمين Ahmed Amin


أحمد أمين كاتب و مفكر موسوعي استطاع هو و نخبة من العلماء الموسوعيين أن يقود الحياة الثقافية في مصر و العالم العربي على مدى عقود من الزمن .

نشأة أحمد أمين و سيرته العملية

ولد أحمد أمين في الأول من شهر تشرين الأول ( أكتوبر ) عام 1886، في القاهرة ، و نشأ في بيت علم و أدب، فكان أبوه ( إبراهيم ) أزهرياً مولعاً باقتناء كتب الدين و اللغة و الأدب ، فضلاً عن أنه كان يحفظ القرآن الكريم ، و يعمل مدرساً في الأزهر . 

و انعكس ذلك على أحمد أمين ، إذ فرض عليه برنامجاً في تلقي الدروس و مطالعة الكتب ، لا يخلُ من صرامة في الإعداد و التربية .

تلقى تعليمه الابتدائي ، ثم التحق بالأزهر ، و لم تطل فترة انتظامه فيه بسبب التحاقه  بمدرسة القضاء الشرعي ، و تخرج فيها سنة 1911؛ حاصلاً على الشهادة العالمية ، ثم أُختير معيداً فيها .. و أُختير عضواً بمجمع اللغة العربية سنة 1940، فضلاً عن عضويته في المجمع العلمي العربي بدمشق و المجمع العلمي العراقي . 

كما أشرف على لجنة التأليف و الترجمة و النشر مدة أربعين سنة منذ إنشائها حتى وفاته . و كان آخر منصب شغله بعد إحالته إلى التقاعد منصب مدير الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية .

و لعل أهم ما أفاده من مدرسة القضاء الشرعي هو تعرّفه و تأثره بناظرها عاطف بك بركات ، فقد صاحبه ثمانية عشر عاماً ، و وجد فيه أباً روحياً ، لما عُرف عنه من حزم و بصيرة و التزام بالحق و العدل . 

ثقف أحمد أمين نفسه تثقيفاً عالياً ، فقد تعلم الإنجليزية و هو في العقد الثالث من عمره ، و انكب على دراسة التراث العربي الإسلامي ، فكانت له الريادة في دراسة الحياة العقلية الإسلامية منذ بزوغ الإسلام حتى النهضة في عصرنا الحديث . 

عمل في سلك القضاء ، و أمضى فيه بضع سنوات ، ثم رشحه الدكتور طه حسين للتدريس في كلية الآداب بالجامعة المصرية ( جامعة القاهرة ) حيث تولى تدريس مادة النقد الأدبي . 

و تدرج في مناصبه فرُقي إلى درجة أستاذ مساعد ، ثم إلى أستاذ ، فعميد لكلية الآداب سنة 1939. و لم يلبث أن استقال بعد عامين بسبب نقل عدد من مدرسي كلية الآداب إلى الإسكندرية دون أن يكون له علم بذلك .

و عاد إلى عمله أستاذاً ، و هو يردد مقولته الشهيرة: ( أنا أصغر من أستاذ و أكبر من عميد ) . 

و تجدر الإشارة إلى أن علاقته بطه حسين قد تغيرت بسبب تزكياته الخاصة التي وجدها غير صائبة .

سيرة أحمد أمين الأدبية

أُنتدب أحمد أمين لدراسة الحياة العقلية في الإسلام ضمن مشروع ولد في رحاب الجامعة المصرية وضعه بالتنسيق مع اثنين من زملائه ، هما : طه حسين و عبد الحميد العبادي ، بحيث يدرسون الحياة الإسلامية من مختلف جوانبها فيختص طه حسين بالحياة الأدبية و العبادي بالحياة التاريخية ، و أحمد أمين بالحياة العقلية . 

و استطاع أن يُنجز كتاب ( فجر الإسلام ) في آخر سنة 1926، ثم واصل مشروعه فكتب ( ضحى الإسلام ) بأجزائه الثلاثة ، ثم ( ظهر الإسلام ) بأجزائه الأربعة ، و استغرق ذلك سنوات امتدت حتى أواخر عمره .

و جُمعت بعض مقالاته في كتابه الموسوم بـ ( زعماء الإصلاح في العصر الحديث ) ضمنه سيرة عشرة من المصلحين برزوا في ميادين الإصلاح الديني و السياسي و الاجتماعي .

و لأحمد أمين موسوعة أدبية موازية لموسوعته الإسلامية ، تمثلت في مقالاته الأدبية و الاجتماعية التي تعد بالمئات و هي مقالات نشرها في رحاب الصحافة الأدبية ، فحين صدرت مجلة ( الرسالة ) سنة 1933 كان في طليعة محرريها و كتابها .

ثم أخذ يكتب في مجلة ( الثقافة ) التي أنشأتها لجنة التأليف سنة 1939، و عهدت إليه برئاسة تحريرها .

و كتب أيضاً في مجلات أخرى، منها : ( الهلال ) و ( المصور ) وقد جمعت هذه المقالات في كتابه الموسوعي ( فيض الخاطر )  في عشرة أجزاء . و هذا فضلاً عن مقالاته التي نشرها في مجلة ( الهلال ) و جاءت على شکل رسائل تربوية بعنوان ( إلى ولدي ) ، أتمها اثنتي عشرة مقالة في كل شهر مقالة ، و ضم إليها رسائل أخرى .

تراوحت مقالات أحمد أمين بين المقالة الأدبية و الاجتماعية و الشخصية و الفكرية و جاءت عفوية خالية من التكلف و عبرت تعبيراً صادقاً عن شخصيته و تجاربه ، فقد رد على الدكتور زكي نجيب محمود بسبب انتقاده كتب التراث ، فأكد له أن الحضارة الغربية قامت على الحضارة اليونانية و الرومانية، و أن المستشرقين هم أول من اهتم بالتراث العربي . فنشروا أصوله و ذخائره .

اسلوب احمد امین الأدبي

  • امتاز أحمد أمين بأسلوبه الواضح في التعبير ، الذي يجمع بين موضوعية العلم و دقة الوصف و هو متأثر بأبي حيان التوحيدي في حرصه على المعاني المبتكرة و الآراء الصريحة الجريئة . 
  • و كان في تصويره لواقع الحياة لا يستنكف عن استعمال الألفاظ العامية و التعبيرات الإقليمية ، التي فتن بها و أفرد لها أحد كتبه . 
  • وأسلوب أحمد أمين يعتمد على عرض الفكرة على حقيقتها دون تلوين لعبارته .

نهاية الأديب

قبيل وفات أحمد أمين ، دهمته الأمراض ، فأصيب بمرض في عينه ، ثم بمرض في ساقه أقعده عن الخروج من منزله إلا للضرورة القصوى ، و لكنه لم ينقطع عن البحث و التأليف حتى توفاه الله في الثلاثين من أيار ( مايو ) عام 1954 .

و بموته خسر العالم العربي و الإسلامي مفكراً كبيراً ارَّخ للفكر الإسلامي و أرسى دعائم نهضة ثقافية .
 
 
المصدر
 

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-