الطبيب الساحر

 

الطبيب الساحر

 ما زالت هناك حتى الآن في هذا العالم جماعات بشرية بدائية تعتقد في وجود السحر و في الأرواح الطيبة و الشريرة... و يوجد لدى هذه الجماعات ما يُسمى بالطبيب الساحر.

إذا أمطرت السماء... فإن الإنسان البدائي يعلم أنها تمطر و لكنه لا يدري لماذا تمطر...

إنه يعلم أن الإنسان يموت إذا ما حاصرته الشيخوخة و الضعف... و لكنه لا يجد تفسيراً لمرض يختطف شاباً في مقتبل الحياة....

و لا يجد تفسيراً لهذه الظواهر سوى الاعتقاد بأن كل شيء في الوجود تسيطر عليه روح , فإذا انقطع الغيث مثلاً و حل الجفاف, اعتقد في قرارة نفسه أن روحاً شريرة قد تدخلت فأوقفت نزول الماء من السماء.

الأرواح

لكل شيء في نظر الإنسان البدائي روح... سواء كان هذا الشيء حيواناً أو صخرة أو شجرة.

و للأسرة بأكملها أو للقبيلة كلها روح لحيوان محدد, و يكون هذا الحيوان هو طوطم القبيلة أو شعارها, و يمتنع بذلك على الناس قتله, و يكون الالتزام عن قتل هذا الطوطم هو ما يُعرف بشريعة التحريم.

وسائل تفادي أذى الأرواح الشريرة

كثيراً ما يلجأ البدائيون إلى وسائل مختلفة لتفادي الأذى الذي يُحتمل أن تُلحقه بهم هذه الأرواح الشريرة. و التميمة و التعويذة, وسيلتان شائعتان في هذا المجال, يتم ارتداؤهما ملامستين لجلد الإنسان لتجلبا له الحظ السعيد.

تكون التعويذة عادة في صورة شكل منقوش أو محفور, كما هي الحال بين القبائل الأفريقية, بينما تكون التميمة مخالب حيوان أو قطعة من جلده.

يُعلق الأب في رقبة وليده تميمة تحفظه و ترعاه, و قطعة من جلد الوعول تصلح ( تميمة ) تكفل لصاحبها القوة الكاملة, كما تُستعمل بعض النباتات أيضاً في صنع التمائم إعتقاداً أنها تجلب الحظ السعيد لحائزها.

هناك أفراد من القبائل يذهبون إلى أبعد من مجرد ارتداء التمائم و التعاويذ الملاصقة لجلودهم, فيقومون بوشم أنفسهم.

و تتخذ الأشكال التي تُرسم بالوشم على الجسد صفة الدوام و التلازم مع الجسد, فهي أكثر التصاقاً من التمائم الملفوفة حول الأعناق في كيس صغير. و يُلاحظ أن الكثير من سكان أفريقيا و المحيط الهادي البدائيين يتفننون في عملية الوشم بصورة واضحة.

و يمتد الأمر أيضاً إلى الأقنعة و نقوش الوجه كوسيلة تحقق الحظ السعيد , فإن من يخرج للصيد مرتدياً قناعاً من جلد الفهد, يعتقد أنه قد أصبح هو نفسه فهداً, و أن الحظ سيحالفه في تحقيق الصيد الوفير.

أطباء القوى الخفية

بيد أن هذه الأساليب التي يلجأ إليها الإنسان البدائي لحماية نفسه لا تحقق له الاقتناع بأن الحماية قد توفرت له, فكل قبيلة لها فوق ذلك أطباؤها ذوو القوى الخفية الذين يمدون لها يد المساعدة في أحوال الطوارىء, و يُسمى هذا الطبيب بالشامان أو الطبيب الساحر أو العراف أو رجل الطب.

  • يعتبر أهل القبيلة هذا الطبيب في الغالب أكبر شخصيات القبيلة, بل إنه يعلو على شيخ القبيلة نفسه. و لهذا نجد أنه جدير بأن يكون من أذكى رجال القبيلة, فإنه يستطيع أن يتنبأ بحالة الجو, لأنه قد تدرب على مراقبة الطبيعة بعناية كبيرة.
  • كما أن هذا الطبيب على علم بطباع الحيوان, و يعرف الكثير عن الجنس البشري, فيستطيع أن يكتشف الرجل عندما يكذب, أو عندما يسرق الماشية, أو عندما يقتل زميلاً له في القبيلة.
  • يمتاز  هذا الطبيب أيضاًبملكة الشم , و السمع, و الإدراك الدقيق, الذي يحقق له نجاح علاج المرضى الذين يلجأون إليه.

دواء أطباء السحر

  • غالباً ما يلجأ هؤلاء الأطباء إلى الأعشاب و النباتات ذات النتيجة الفعالة في الشفاء من الأمراض كالثوم و الشيبة و نبات الخروع....
  • كما أن قشور الأشجار مثل الكينا يُستعان بها أيضاً في شفاء بعض الأمراض.
  • و تعتقد بعض القبائل في قوة الماء السحرية, و قد يلجأ الطبيب الساحر إلى غسل المريض بالماء ليعالجه من العدوى.

أهم مهام الطبيب الساحر

من أهم مهام الطبيب الساحر:-

  • أنه يُنزل ماء الأمطار في أوقات الجفاف, أو يوقف المطر إذا استمر لفترة طويلة, فبعضهم يرش المياه على أحجار سحرية, و بعضهم يوقد النار من شجيرات بحيث يتصاعد الدخان الأسود على هيئة سحب الأمطار.
  • على الطبيب الساحر أن يعمل في مثابرة للتأثير على أفراد القبيلة عن طريق الأغاني السحرية, و الدعوات, و الصلوات, و الرقصات الشاذة.
  • يرتدي ثياباً فاقعة زاهية, و يضع على وجهه الأقنعة أو ينقش عليها الصور و الرسوم. و يستعملون إشارات في التخاطب فيما بينهم عن طريق سلاسل قصيرة من الخرز الأزرق و الأبيض فوق رؤوسهم, و هم بذلك و بغيره من الأساليب يوقعون الناس تحت نوع من التنويم المغناطيسي , يجعلهم يعتقدون أن الطبيب الساحر هو مصدر ما يصادفهم من حظوظ و توفيق. 

السحر الأسود

يُعتبر السحر الأسود عنصراً في فنون الطبيب الساحر. و يعتقد المتخصصون في الدراسات المتصلة بالجماعات البشرية البدائية, أن هذا الطبيب يلجأ إلى السحر الأسود عندما يشعر أنه بدأ يفقد سلطانه على هذه الجماعات, فيستخدم عندئذ السحر الأسود لإلقاء الرعب في نفوسهم ليجعلهم يتبعون رغباته.
فمثلاً يستطيع الطبيب الساحر أن يستنزل اللعنة بسحره الأسود على أي إنسان يختاره, فيأتي بأفعال تتلف زراعته, أو تُصيب أطفاله بالمرض , أو تسبب وفاته.
و لديه من الأساليب المختلفة التي يحاول بها أن يدفع الإنسان إلى لقاء حتفه: بأن يصنع مثلاً تمثالاً صغيراً له, يرشق فيه نوعاً من الدبابيس أو يلف حوله الحبال, و أحياناً يحصل بطريقة ما على على جزء من أظافره المقصوصة أو خصلة من شعره, و يدفنها تحت الثرى فيتطرق إليها الانحلال و يتطرق معه الموت البطيء لذات الإنسان نفسه!!
قد تغلغلت هذه المعتقدات عند بعض الناس للدرجة التي تدعوهم إلى الذهاب لأبعد الحدود بهدف إخفاء قلامات أظافرهم و أية خصلة من شعورهم في مكان لا يكتشفه أعداؤهم.
 
السحر الأسود لا يرتكز إلى أي أساس علمي, و لكن المعتقدات الخرافية و الأساطير, و كيفما كان الأمر, فإن الناس عندما ترسخ في أذهانهم أنهم أصبحوا فريسة خطر داهم محقق, ينتابهم الشعور بأن لا جدوى من المقاومة, و يأتون بأفعال لا إرادية تدفع بهم إلى براثن الخطر نفسه.و هذا هو أحد الأسباب التي تجعل الطبيب الساحر يستخدم السحر الأسود بطريقة فعالة.




نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-