التراث و الوحي

التراث و الوحي

 

 تحدثنا في موضوع سابق عن التراث الشعبي الفلسطيني و سوف نستعرض في موضوعنا هذا التراث بمفهومه العام و الإشكال المفهومي بين التراث و علاقته بالوحي.

لا بد لنا قبل الدخول في الموضوع أن نستعرض عدة نقاط :-

  1. ما هو التراث؟
  2. نقل التراث.
  3. هل التراث معصوم؟

ما هو التراث؟

إذا كان الميراث ما يخلفه السلف للخلف من الأموال و العقار, فإن التراث ما يخلفه السلف للخلف من العادات و القيم و الأخلاق و الأفكار و الوسائل و الأساليب و أنماط الحياة في جميع جوانبها.

  • فالتاريخ 
  •  اللغة 
  •  الآداب 
  •  العادات 
  •  الاعراف 
  •  الآثار 
  • الأطعمة 
  •  الأشربة 
  •  الملابس 
  •  العمارة 
  •  البناء,

 كل هذا من التراث.

و كل أمة من الأمم تنقل الى خلفها جميع ما كان عليه سلفها, و هذا المنقول كله يُسمى التراث.

فالتراث حركة الانسان في التاريخ, بعد أن يكون حركته في المكان و الزمان. و أعمالنا بمجرد أن تنفصل عنا تصبح تراثاً.

كيف يتم نقل التراث؟

يتم نقل التراث من جيل الى جيل بشكل تلقائي و في الغالب من غير وعي,و قد ينقل احدنا ما ينفع و ما يضر, و ما يُعقل و ما لا يُعقل.

عند كثبر من الناس يأخذ التراث طابع القداسة:-

  1.  إما لانتمائه الى الدين كما تُنقل قداسة الاضرحة و القبور و تصبح تراثاً مقدساً علماً بأن نسبة هذا التقديس للإسلام أمر لا يجوز, و الإسلام بريء من هذه البدع.
  2. و إما لانتمائه للآباء الماضيين من العرب أو غيرهم.
  3. و إما لانتمائه الى التاريخ البشري القديم.

الإشكال المفهومي بين التراث و الوحي

  • الوحي: كلمة الله.
  • التراث: حركة الانسان أو كلمته.

على هذا التفريق فإن القرآن الكريم و السنة النبوية يخرجان من التراث, لأنه لا دخل للانسان بهما, إلا في بعض الامور الشكلية مثل خط المصحف, و المادة الكتابية, و استخدام الألوان, و التغليف و التجليد و نقل المصحف الى شريط التسجيل أو الى الحاسوب.

هذه الأمور الشكلية التي تم ذكرها تدخل في التراث.

القرآن الكريم كلام الله تعالى, و ليس لمحمد صلى الله عليه و سلم سوى الحفظ و القراءة ثم البيان, و السنة وحي من عند الله باعتبار ان الله سبحانه قد عصم نبيه صلى الله عليه و سلم في أقواله و أفعاله.

هنالك أمر ثالث لا بد أن يخرج من مفهوم التراث لارتباطه بالوحي, و هو اللغة الذي نزل بها القرآن الكريم, لأن القرآن الكريم أكسبها صفة العصمة و الاعجاز, و هذه اللغة تدور مع النص و يدور النص معها...

قد ضبط علماء اللغة في عهد مبكر لغة التنزيل و ميزوها عن غيرها. و المفاهيم اللغوية للفظ القرآني لها قداسة الوحي.أمَا المفاهيم اللغوية التالية للنص, فانها تدخل في التراث المعرض للصواب و الخطأ.

هذه الميزة التي يمتاز بها القرآن الكريم و لغته, و تمتاز بها السنة لا تتوافر لأمة من الأمم الأخرى, فالوحي عند غير المسلمين اختلط مع حركة الانسان, ففقد صلابته و أصالته, و يُعتبر من التراث و يخضع للنقد كما يخضع التراث للنقد.

هل التراث معصوم؟

ما دام التراث حركة الانسان في التاريخ, و الانسان يُخطىء و يُصيب, فإن التراث يحتمل الخطأ و الصواب.

عندما نقرأ في كتاب من كتب الأقدمين:-

  •  سنجد نصوصاً نستقبلها بالطمأنينة و اليقين, و يؤيدها النص المعصوم, و العقل السليم, و الوجدان الصالح.
  • و سنجد نصوصاً أخرى لا يشهد لها نص معصوم, و لا عقل سليم و لا يقبلها الوجدان, بل ينفر منها.

و تختلف نسبة الصالح الى الطالح مع اختلاف المؤلفين و اختلاف العصور, فالعصور الأولى أسلم و أنقى, و العصور المتأخرة مشحونة بما لا يقبله وحي و لا عقل.

بهذا ننفي عن التراث فكرة القداسة و الهيبة و القبول المطلق.

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-