الكاتب ولي الدين يكن | نصير المظلومين وصاحب الكلمة الحرة

الأدب العربي

 

ولد ولي الدين يكن في إستانبول سنة 1873 ويرجع نسبه إلى أصول البانية وشركسية، فكان جده ابن أخت محمد علي باشا وكانت أمه شركسية. وفدَ أبوه إلى مصر وولي الدين طفل في الثالثة من عمره، وبعد موت أبيه عام كفله عمه علي حيدر، وأدخله مدرسة الأنجال بعابدين المختصة بتعليم أولاد الكبار، فتعلم العربية والتركية، والم بالإنجليزية، ثم درس الفرنسية.

أقبل ولي الدين على الكتابة في الصحف ونظم الشعر، فكان يقف إلى جانب الدولة حتى إذا سافر إلى الآستانة اطلع على الأنظمة الفاسدة في إدارة الدولة حيث تفشت الوشايات المكايد والدسائس ، فعاد إلى مصر، وأسس جريدة «الاستقامة»، ونذر قلمه ونفسه في الثورة على الظلم والعمل على إصلاح المجتمع، ولكن توقفت جريدته لأسباب مالية، فشرع ينشر المقالات في بعض الصحف المصرية.

ثم دعاه السلطان عبد الحميد الثاني إلى الآستانة، وعينه عضواً في مجلـس المعـارف الأعلى، إلا أنه لم يكن على وئام مع رجالات الدولة، وأخذت العيون والجواسيس ترصده، وتسعى به، وأُتهم بالتآمر على الدولة العثمانية، فحُبس ثم نُفي إلى ولاية سيواس سنة 1902، حيث عكف على المطالعة والتأليف والنظم وما زال على هذه الحال حتى صدر الدستور العثماني سنة 1908، وعفا عنه السلطان.

ولم يلبث أن عاد إلى مصر حيث انصرف إلى الكتابة، ثم عينه ولي العرش السلطان حسين كامل كاتباً في ديوانه ونال حظوة عنده. وما لبث أن أصابه الربو، ونال منه داء الصدر، وقصد حلوان للاستشفاء، فعاجلته المنية بها ودُفن في القاهرة عام 1921.

آثار و كُتب ولي الدين يكن

المعروف عن ولي الدين بأنه كاتب مقالة سياسية، فكان يَعرِض آراءه السياسية في كتاباته ويدافع عنها، وبوصفه كاتباً يتمتع بالحرية والجرأة، جابه الظلم وتحداه، منادياً بالحرية والمساواة بين الناس، وكان يتناول بعض النواحي التي يعدّها شاذة، ويثور عليها محاولاً إصلاحها.

لولي الدين عدة كتب، أهمها:

  • الصحائف السود: جُمعت فيه بعض المقالات الاجتماعية، وفيها نقد اجتماعي يراد به الإصلاح.
  • التجاريب: وجمعت بعض المقالات الصحفية فيه أيضاً.
  • المعلوم والمجهول: ويقع في جزئين، تناول في أولهما أحوال الدولة العثمانية، ومناهضة الأحرار لها، وتناول في الثاني حبسه ونفيه وما لاقاه في سيواس.

ولولي الدين روايتان تم جمعهما في كتاب واحد أسماه (دكران ورائف) وتُرجم هذا الكتاب عن التركية بعنوان (خواطر نيازي) للمؤلف محمد نيازي.

وله ديوان شعر جمعه أخوه وطبعه سنة 1924, وبالرغم أن شعره يميل إلى الرومانسية، ألا أنه لا يرقى إلى مستوى نثره من الناحية الفنية بالإنسياب وتدفق العاطفة.

الخصائص والسمات

  1. أسلوبه سهل يسير مع نفسية صاحبه، فقد كان بعيداً عن التصنع البديعي، ميالاً إلى الكلام الذي يُعبّر عن المعنى تعبيراً صادقاً، ويستعمل الألفاظ السهلة الدقيقة، بعيداً عن الكلام الزائف الذي لا يُفيد معنى في ذاته.
  2. خياله خصب، يميل إلى الصور المبتكرة الفنية بألوانها الأخّاذة، فيعمد إلى التشبيه في كتابته، ويأتي بما هو رائع وأخاذ.
  3. عاطفته مضطربة تنبع من مزاجه العصي؛ فقد كان صريحاً، سريع الملاحظة، محبـاً للحرية، مندفعاً إليها، لا يخشى لوم المخادعين، بل يقف في وجه الظالمين والمستبدين، وهو في الوقت نفسه متسامح مع غيره.

وقد تنوع أسلوبه بتنوع عاطفته، فهو تارة يندفع بعبارته اندفاعاً محموماً، وتارة تخرج عبارته ساخرة متهكمة في يأس وألم، وتارة تأتي تصويرية خيالية (وهي على كل حال لا تخلو من تشاؤم مؤثر، ومن مغالاة فكرية هي ثمرة العاطفة الثائرة.

هو كاتب تقدمي، نادى بتحرير المرأة، وتأثر بقاسم أمين، فدعا إلى أن يُترك لها اختيار زوجها، فلا تُزف إلى من لا تحب، ولا تكون مجهولة زُفّت الى مجهول. كذلك وقف إلى جانب المظلومين من عمال ومحرومين من الحقوق فهو يعطف على هؤلاء الناس، مع كونه من علية القوم وأشرفهم.

دعا ولي الدين يكن الى نبذ العادات والتقاليد المرذولة، إلا أنه قد يتطرف في آرائه من ذلك تشبيه الأخلاق بالملابس والأزياء، بمعنى أن الصالح منها هو ما وافق العصر. 

وخلاصة القول أن ولي الدين يكن صاحب كلمة حرة، جعل الصحافة منبراً لآرائه السياسية، فكان يقف إلى جانب الدولة العثمانية ويناصرها ولكنه انضم إلى الثائرين عليها، حين اطلع على أنظمتها الفاسدة، فتخاصم مع رجالاتها إذ أدرك ما عندهم من تعسف وسوء إدارة، فتعهده الإنجليز بالحماية حتى انزلق في كيل المديح لهم، وفاتَهُ ما كان يضمره هؤلاء من سوء نيه تجاه الدولة العثمانية والعرب على وجه الخصوص.

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-