نسبح و لكننا نغرق !!

نسبح و لكننا نغرق !! We swim but we drown

 

في كل صيف ، تحل بعض الكوارث بشواطئنا ، فنحن نقرأ أو نسمع عن الصغار و الكبار الذين يغرقون وهم يسبحونون . فلماذا إذن يهبط هؤلاء الناس التعساء الحظ إلى القاع و يغرقون ، بالرغم من أنه يسهل تماماً على الجسم البشري أن يعوم , و هذه حقيقة يعرفها كل السباحين بخبرتهم الذاتية .

لماذا نغرق و الجسم البشري يستطيع أن يعوم ؟

لكي نفهم ذلك ، لابد في بادئ الأمر من أن نعرف قليلاً من المعلومات حول « العوم » ، أي كيف تعوم الأشياء فوق الماء ؟

إذا نحن تصورنا مكعباً من الماء طول كل ضلع منه 1 سنتيمتر قريباً من سطح البحيرة ، فمن الواضح أن وزنه الذي يبلغ جراماً واحداً ، هو تماماً مثل وزن كل سنتيمتر مكعب من الماء حوله و من تحته - فالماء المحيط - في الحقيقة يدعم مكعبنا الذي نتخيله . و بالإضافة إلى ذلك ، فإن الدعم الذى يوفره ، يماثل تماماً وزن المكعب ، أي 1 جرام .

دعنا الآن نتخيل أنه في إمكاننا أن نرفع المكعب من الماء ، و أن نحل محله مكعباً من الرصاص بنفس الحجم . و لما كان كل سنتيمتر مكعب من الرصاص يزن ١١,٤ جرام ، فإن هذا المكعب سيغوص ، لأن الدعم الذي يقدم له بواسطة الماء لا يزال فقط 1 جرام ، و هذا ليس كافياً لرفع المكعب إلى أعلى . 

و إذا نحن استبدلنا بالمكعب المائى سنتيمتراً مكعباً من الخشب يزن فقط ۰٫۸ جرام ، فإن الدعم الذي يُقدم من الماء يكون أكثر مما يلزم لرفع المكعب إلى أعلى . فالخشب يعوم ، و هو في الحقيقة يحتاج إلى إزاحة ٥,٨ سنتميتر مكعب فقط من الماء ، و لهذا السبب فإن جزءاً من المكعب يعوم فوق السطح .

الكثافة النوعية 

باللغة التكنيكية ، نجد أن وزن 1 سنتيمتر مكعب من أي مادة هو كثافتها النوعية ( Specific Gravity ) و هكذا فإن الكثافة النوعية للماء حوالى 1 ، و للرصاص ١١,٤ ، و لمكعبنا الخشبي ٠,٨ و كل شيء له كثافة نوعية أقل من ا سيعوم في الماء العذب ، و يكون عومه نتيجة الفرق بين كثافته النوعية و كثافة الماء . 

و أي شيء له كثافة نوعية أكبر من 1 , له وزن أكبر من الماء الذي يزيحه و هكذا سيغوص .

و الآن ، و رغم أن أجزاء جسم الإنسان المختلفة تختلف اختلافاً كبيراً فى كثافتها النوعية ، إلا أن متوسط كثافتها النوعية أقل من ١ ، و هكذا فإن الجسم سيعوم . 

إلا أن خاصية عوم الجسم صغيرة ، و إذا كان الجسم واقفاً ، فإن طرف الرأس فقط هو الذي سيظهر فوق السطح . و لكي يتمكن سباح من التنفس أثناء العوم ، فإنه يجب أن يستلقي على ظهره ، حتى يكون جزء دماغه الموجود خارج الماء هو وجهه .

و يعتمد كثير من قدرة الجسم البشري على العوم على الرئتين اللتين تشبهان قطعتين كبيرتين من الإسفنج المليئتين بالهواء . و هكذا فإن الذي يسبح و لا يستطيع أن يُبقي فمه و أنفه مفتوحين فوق سطح الماء ، يتنفس في الماء ، و بذلك يملأ رئتيه من هذا الماء . 

و هذا الاستبدال ، أي حلول الماء محل الهواء ، يزيد مباشرة من الكثافة النوعية للرئتين ، و في نفس الوقت يزيد من متوسط الكثافة النوعية للجسم كله . و حينما تكون الرئتان كلاهما ممتلئتين بالماء ، فإن متوسط الكثافة النوعية يكون أكثر من 1 . و النتيجة أن الذي يبدأ في الغوص ، و إذا لم تُسارع إليه النجدة ، فإنه قد يغرق .

التنفس الإصطناعي

حينما يغرق سابح في الماء ، يدخل الماء في رئتيه ، و يتوقف التنفس ، و يظل القلب ينبض لفترة من الزمن ، و إذا أمكن بدء التنفس بسرعة مرة أخرى ، فإنه يمكن إنقاذ حياته . و الطرق التي تُتبع بهذا الصدد تُسمى ( طرق التنفس الإصطناعي ) . 

و الطريقة المُثلى لإعادة تنفس الغريق هي إخلاء جوفه من الماء ، ثم البدء في عمل تنفس صناعي له ، إما :-

  • بطريقة النفخ بالفم في فم المصاب ( طريقة الفم للفم - قبلة الموت )  
  • و إما بنفخ المسعف للهواء بفمه في أنف المريض 
  • و هناك طريقة أخرى تُسمى طريقة هولجر نيلسن 

 و ما دام المصاب لم يبق في الماء أطول من خمس عشرة دقيقة فإن محاولة إحداث تنفس إصطناعي له تكون جديرة بالتنفيذ ، بالرغم من أنه ، من الطبيعي أنه كلما كان الزمن أقصر ، كلما زادت فرصة الحياة .

و فى بعض الأحيان تكون إفاقة المصاب بطيئة ، و حينئذ يتحتم أن يقوم أشخاص عديدون بالاستمرار في عمل التنفس الإصطناعي لمدة ساعة أو أكثر . و الطبيب قادر على تحديد ما إذا كان استمرار الإسعاف يستحق بذل مزيد من الجهد ، أو أن الإفاقة قد أصبحت مستحيلة .

عافانا الله و عافاكم

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-