جبران خليل جبران عميد الأدب المهجري

جبران خليل جبران عميد الأدب المهجري Gibran Khalil Gibran

 

 جبران خليل جبران ( 1883-1931 ) أديب متعدد المواهب ، فهو كاتب و شاعر و رسام ، و هو عميد الأدب المهجري بلا منازع ، إذ استطاع أن يستقطب القراء في حياته و بعد مماته ، لكونه كاتباً مجدداً في أدبه ، حتى غدا صاحب أسلوب نثري عُرف بالأسلوب الجبراني . 

سيرة جبران خليل جبران

لا بد لمن يريد أن يتناول سيرة جبران و أدبه من أن يعود إلى أوسع المصادر التي احتفت به و أولها كتاب جبران خلیل جبران لنعيمة ، و الثاني الكتاب الذي وضعته سكرتيرته برباره يونغ بعنوان ( هذا الرجل اللبناني This man from Lebanon ) و هناك كتاب آخر وضعه الفنان اللبناني يوسف الحويك عنوانه ( ذكرياتي عن جبران ) .

ولد جبران ليلة السادس من كانون الأول سنة 1883 في بلدة بشري اللبنانية ، التي ينساب من تحتها وادي قاديشا . و هو الثاني بين أربعة أولاد بطرس و جبران و مريانا و سلطانة.

و تجدر الإشارة إلى أن أمه ( كاملة ) ابنة الخوري اسطفان رحمة قد تزوجت للمرة الأولى من رجل آخر ، و لكن زواجها لم يطل ، فقد توفي هذا الزوج مُخلفاً لها طفلاً صغيراً يُدعى ( بطرس ) . ثم تزوجت للمرة الثانية من خليل جبران فانجبت منه ثلاثة أولاد ( جبران و مريانا و سلطانة ) .

نشأ جبران في أحضان الفقر ، فكان أبوه يشكو ضيق ذات اليد ، فلا يكاد عمله في فلاحة الأرض يسد الرمق ، مما دفعه إلى الإنغماس في الخمرة و الإدمان عليها لعله ينسى واقعه المر . و كانت البلاد آنذاك تمر بظروف اقتصادية سيئة ، في حين كانت أخبار المغتربين في المهجر تستهوي الباحثين عن الثروة . 

و لم يكد جبران يبلغ الثانية عشرة من عمره حتى هاجرت أمه إلى بوسطن برفقة أبنائها الأربعة ، مُخلفة وراءها ذلك الزوج السكير ، الذي كان يقسو عليها و على أبنائه . و استقر المقام بهؤلاء الوافدين في الحي الصيني سنة 1895 و هو حي كان يرتاده أكثر السوريين الذين قصدوا بوسطن طلباً للرزق . 

و قد عُرفت بوسطن بقذارة أحيائها و لا سيما الحي الصيني ، و هناك عكف جبران ابن الثانية عشرة على دراسة اللغة الإنجليزية و الرسم , في حين انصرف أخوه بطرس إلى الأعمال التجارية . 

و في عام 1898 عاد جبران إلى وطنه لبنان حيث التحق بمدرسة الحكمة في بيروت ، فدرس اللغتين العربية و الفرنسية و اطلع على الإنجيل المقدس ، و على كتب التراث العربي و لا سيما ( نهج البلاغة ) و هاله ما رأى من مظالم يرتكبها أناس بحق فئات معينة ، و صراع طائفي تشهده بيروت و غيرها في أواخر العهد العثماني . 

و هناك استهوته فتاة تُدعى ( حلا ظاهر ) و بادلته مودة بمودة غير أن الظروف الاجتماعية حالت دون لقائهما ، مما ولد في نفسه نقمة على المجتمع ، ظلت تلاحقه طوال حياته .

و في عام 1902 عاد جبران إلى بوسطن و في نفسه جراح لا تندمل ، و ما لبث أن زار بعض بلدان أوربا و الشرق بصحبة إحدى العائلات الأمريكية،  و لكن صدمته الأنباء التي حملت إليه نعي أخته الصغرى سلطانة التي قضى عليها داء السل في 4 نيسان 1902 فكان موتها فاجعة مزقت قلبه ، و عجز عن الاصطبار عليها . 

وما لبثت هذه الأصابع أن اختطفت أخاه بطرس بعد شهور في 12 آذار سنة 1903، ثم تلته أمه كاملة التي كانت ترأف به ، فجزع على فراقها جزعاً شديداً ، و كانت وفاتها في 28 حزيران 1903، لقد ذهبت وفي قلبها حسرة كبيرة ، حيث كانت في المستشفى فلم تر بطرس في ساعة وفاته . 

عاش جبران وحيداً مع أخته مريانا ، و انتابه إحساس بالموت ، وقف إزاءه مشدوها ، لكنه لم يتوقف عن العطاء ، فأخذ ينشر عدداً من بعض مقالاته في جريدة ( المهاجر ) و ( الأخبار ) و أقام بعض المعارض لرسومه ، و منها المعرض الذي أقامة عام 1904 في مدرسة ( ماري هسکل ) .

و في عام 1908 رحل جبران إلى باريس على نفقة ماري مسكل حيث درس الرسم في معهد الفنون الجميلة و تخرج فيه سنة 1911 حاصلاً على الدبلوم ، و في باريس اتصل جبران بالنحات الشهير ( أوغست رودن ) الذي دله على أعمال ( وليم بليك ) الفنان و الشاعر الإنجليزي . 

كما اطلع على بعض الأعمال الرومانسية لكبار الأدباء من أمثال هوجو ، و موسيه ، و شاكوبريان ، و لاماتين ، مما عمق ثقافته و غذى تجربته بتجارب الآخرين و ثقافتهم .

و في عام 1912 استقر جبران في نيويورك ، حيث أقام محترفاً للرسم ، حيث عكف على الرسم و الكتابة . و اطلع على كتاب ( هكذا تكلم زرادشت ) للفيلسوف الألماني نيتشه و تأثر به ، و لا سيما في كتابه ( النبي ) .

عُرف جبران في العالم العربي ، و لمع نجمه في الأوساط الأمريكية ، و أخذت مقالاته تُنشر في الصحافة المهجرية فضلاً عن الصحف العربية في مصر و لبنان . و كان على اتصال بالأدباء و خاصة المهاجرين اللبنانيين و في عام 1920 أنشأ في نيويورك جمعية أدبية عُرفت ب ( الرابطة القلمية ) بمشاركة عدد من زملائه و أُختير عميداً لها ، و أخذ يمارس نشاطه فيها و يواظب على اجتماعاتها .

أثر المرأة في جبران و أدبه

تعرف جبران إلى ثلاث فتيات كان لكل واحدة منهن دور في حياته :

  1.  الآنسة ماري هاسكل ناظرة مدرسة البنات في بوسطن ، التي كانت تكبره بعشر سنوات ، و قد عرفته على مشاهير الفنانين و أرسلته على نفقتها إلى باريس ليتخصص في الرسم بكلية الفنون الجميلة .
  2. أميلي ميشيل المعروفة بـ ( ميشلين ) و كانت تعمل مُدرسة في مدرسة الآنسة ماري هاسكل و قد هام بها جبران لما كانت تتمتع به من جمال و خفة روح و لم تنقطع رسائلها عنه إبان دراسته في باريس وما لبثت أن عرضت عليه الزواج ، و لكنه لم يبدِ رغبة في هذا الأمر ، فانصرفت عنه و لم تعد إليه .
  3. مي زيادة و كانت تعيش في مصر ، و تراسله ، فكتبت أول رسالة في أواخر شهر مارس عام 1912 تعرفه فيها بنفسها ، و تحدثه عن آثاره الأدبية . تناولت في إحدى رسائلها موضوع الزواج ، فقد أحبها جبران ، و لكنه شغل عنها ، و تقدمت به السن ، دون أن يرتبط بها .

كان للمرأة أثر في جبران وأدبه ، فقد كان مديناً لها منذ كان طفلاً ، ابتداءً من أمه الحنون الرؤوم ، و أخته التي كانت تبذل من نور عينيها كي تجلب الشعاع إلى نفسه ، و انتهاء بالمرأة الصديقة التي تفتح قلبها إليه .

وفاة جبران 

مات جبران في مستشفى القديس فنسنت في نيويورك في العاشر من نيسان (أبريل) عام 1931، بعد صراع مع المرض ، إذ أصيب بسرطان في الكبد مع بداية سل في إحدى رئتيه . مات في ظلال غربة بائسة ، فلم يكن بجواره ساعة الاحتضار سوى أخته مريانا و رفيق دربه ميخائيل نعيمه ، و شاعرة أمريكية استدعت نعيمه لوداعه . 

و نُقل جثمانه من نيويورك إلى بوسطن حيث دفن في مشهد حزين ، ثم نُقل رفاته إلى لبنان في 21 أغسطس من عام 1931 و دُفن في مارسركيس في بلدته بشري . 

و كان جبران قد أوصى بريع كتبه لتلك البلدة التي شهدت ميلاده ، و لم يبخل أهلها بإكرامه و الاحتفال به عقب موته .

مؤلفات جبران

لجبران مؤلفات عدة، هي : 

  • عرائس المروج ، و قد أصدره عام 1905، و يتضمن ثلاث قصص  
  • الأرواح المتمردة , و قد أصدره عام 1908، و يحوي أربع قصص  
  • و في عام 1914 أصدر دمعة و ابتسامة، و يشتمل على ست و خمسين مقطوعة من النثر الشعري الرومانسي  
  • ثم أصدر جبران بالعربية كتابيه الأجنحة المتكسرة و العواصف . 
  • ثم أخذ يكتب بالإنجليزية منذ سنة 1918رغبة منه في نقل رسالته الروحية إلى مختلف انحاء العالم فأصدر
  •  المجنون
  •   السابق 
  • رمل وزبد 
  • يسوع بن الإنسان 
  • النبي
  •  حديقة النبي 
  • التائه 

وقد نقلت جميعها إلى العربية. و يُعد كتاب ( النبي ) أوسعها انتشاراً ، إذ تُرجم إلى عدة لغات منها العربية .

و لجبران ديوان شعر أصدره عام 1918، و هو قصيدة مطولة تقع في مائتين و ثلاثة أبيات ، ترمز إلى غايات فلسفية . و يشتمل على آراء شتى و مواعظ و حكم . 

و له أيضاً مجموعة من الرسوم التي زين بها بعض كتبه ، و رمز بها إلى معان يقصدها .


نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-