مُكتشف الأشعة السينية هو الألماني ولهلم كونراد رونتجن WILHELM KONRAD ROUNTGEN أستاذ علم الطبيعة و عميد جامعة وورزبرج. فكيف تم إكتشاف الأشعة السينية؟.
الخطوات الأولى لإكتشاف الأشعة السينية
ذات مساء , كان ولهلم كونراد رونتجن يُعيد إجراء التجارب على أنبوبة صغيرة بها أشعة قطبية, سبق أن اخترعها عالم طبيعي ألماني آخر هو فيليب لينارد.
- هذه الأنبوبة الزجاجية التي يبلغ طولها بضعة سنتيمترات, يوجد بها عند كل طرف لوحة معدنية صغيرة أو قطب, و يجري تفريغ الأنبوبة من الهواء تفريغاً يكاد يكون كاملاً باستعمال مضخة قوية, و يُسلط على القطبين جهدان مختلفان, و عندئذ تخرج حزمة من الأشعة غير المرئية تُسمى الأشعة القطبية,تخرج من القطب المشحون بالتيار السالب. و بتأثير هذه الأشعة يلمع الجدار الزجاجي بلمعان فلورستي أخضر.
- كان أحد أجزاء أنبوبة لينارد مكوناً من صفحة رقيقة من الألمنيوم, تُؤدي إلى تسرب بعض الأشعة القطبية نحو الخارج.
- و إذا وضعنا ورقة مغطاة بطبقة رقيقة من بلاتينوسيانات الباريوم في مسار حزمة الأشعة المتسربة من الأنبوبة عن طريق هذه النافذة, فإن هذه الورقة تُضيء هي الأخرى بضوء فلورسنتي مثلها مثل جدران الأنبوبة.
إكتشاف الأشعة السينية
بعد إعادة تجارب لينارد , قرر رونتجن أن يستأنف في الحال التجربة مستخدماً أنبوبة أشعة قطبية بدون نافذة, صممها جوهان ويلهلم هيتورف .
فأعد أجهزته و مرر التيار في القطبين.
في اللحظة التي كان فيها على وشك إثبات أن الأشعة القطبية لا تتسرب من الأنبوبة عديمة النافذة, لاحظ أن لوحاً من بلاتينوسيانات الباريوم و الموضوع على مسافة بضعة أمتار قد أخذ يبرق بشدة.
كان هذا المنظر بعيداً عن التصديق, إذ أن أحداً قبل ذلك لم يتمكن من الحصول على أشعة قطبية خارج أنبوبة هيتورف, كما أن أحداً لم يسبق أن رأى هذه الأشعة تنتقل لمثل هذه المسافة.
لا بد أن شيئاً جديداً و غامضاً كان السبب في هذه الإضاءة الفلورسنتية. و من ثم عكف ويلهلم رونتجن على فك رموز هذه المعضلة.
- ظل رونتجن يعمل بحماس لعدة أسابيع دون أن يبرح معمله , و سرعان ما لاحظ أن الأشعة التي اكتشفها تخترق الورق و الكرتون و الخشي, و أنه باستعمال مواد أكثر سمكاً, يمكنه أن يحجز مزيداً من الأشعة و يحدد بذلك ظلالاً ذات كثافات متفاوتة على أجزاء اللوحة المحجوبة عن الإشعاعات.
- بين رونتجن أن المعادن, و لا سيما الرصاص, تُعطي ظلالاً شديدة الكثافة حيث أن الأشعة لا تكاد تخترقها.
- قد بلغت دهشة رونتجن حداً كبيراً عندما أمسك قرصاً صغيراً من الرصاص فوق اللوحة, و رأى لأول مرة ظل عظام يده.
- لاحظ أيضاً أن الأشعة تؤثر على اللوحة الفوتوغرافية, و أنه يمكن الحصول على مستندات دائمة لكل ما يوضع بين الأنبوبة و اللوح.
في نهاية عام 1895م, رأى ويلهلم رونتجن أن اكتشافه بلغ حداً من الإثبات يسمح له بنشره.
فوضع تقريراً مختصراً واصفاً فيه الأشعة الغامضة و التجارب التي حققها, و قدم هذا التقرير إلى جمعية الطبيعة و الكيمياء في وورزبرج.
بكثير من الحذق, دلل في تقريره على أن هذه الأشعة في رأيه قد انطلقت خلال الجدار الزجاجي للأنبوبة , بعد أن سقطت عليه الأشعة القطبية.
قبلت الجمعية هذا التقرير و قامت بنشره, فلاقى استحساناً فورياً.
كانت استخدامات أشعة رونتجن الجديدة أو الأشعة السينية كما أُطلق عليها فيما بعد , واضحة للغاية ( و بصفة خاصة في حالات التشخيص الطبي ) , الأمر الذي أدى إلى سرعة انتشار صناعة الأجهزة الخاصة بها.
الفرق بين الأشعة السينية و أشعة جاما
- في العام الذي تلا اكتشاف الأشعة السينية بواسطة ويلهلم رونتجن, لاحظ الفرنسي أنطوان هنري بيكريل أن ثمة إشعاعات مماثلة تصدر عن معدن اليورانيوم.
- و قد قام كل من ماري و بيير كوري بدراسة هذه الظاهرة بمزيد من العناية. و في عام 1898م تمكنا من عزل و تحديد العنصر المشع, و هو الراديوم .
- و قد سُميت الأشعة النافذة التي يصدرها الراديوم باسم أشعة جاما, و ذلك لتمييزها عن الأشعة الأخرى ( ألفا و بيتا ).
- و قد أظهرت الأبحاث التي جاءت بعد ذلك أن أشعة جاما هي في الواقع أحد أشكال الأشعة السينية ذات طاقة شديدة الارتفاع.
- عندما اُخترعت البطارية الذرية و جرى استخدامها في أغراض سلمية, و كان ذلك بعد الحرب العالمية الثانية, أصبح لدينا مصدر جديد لأشعة جاما. و جرى إنتاج ذرات معدن الكوبالت المعروفة باسم كوبالت60 لأول مرة بكميات تجارية.
- كانت الطاقة المتولدة من أشعة جاما الصادرة من هذه الذرات , أكبر بكثير من تلك المتولدة من أي جهاز من أجهزة الأشعة السينية. و هذا هو السبب في أن الكوبالت60 قد أُعتبر مصدراً للإشعاع.
- يُستخدم الكوبالت60 بصفة خاصة في الحالات التي تستلزم أشعة سينية ذات قوة اختراق عالية جداً.
- الأشعة السينية مثلها مثل أشعة جاما, عبارة عن موجات كهرومغناطيسية متناهية في القصر, و ذات تردد عال جداً.
استخدام الأشعة السينية في التشخيص الطبي
من إحدى استخدامات الأشعة السينية هي إستحدامها في الأغراض الطبية, سواء في التشخيص أو علاج الأمراض.
إن الأشعة المستخدمة في التشخيص تستعمل أنابيب أشعة سينية ذات قوة ضعيفة نوعاً ما. و هي تُصدر حزمة من هذه الأشعة من خلال جزء من جسم المريض أو الجريح, سواء على لوحة فلورسنتية تسمح بالملاحظة المباشرة, أو على لوحة كبيرة ذات جزيئات فوتوغرافية شديدة الحساسية.
في حالة التصوير بالأشعة, يُلاحظ أن الأشعة السينية ليست هي التي تُستخدم للتأثير على الجزيئات, و لكن التأثير يحدث من الإضاءة الفلورسنتية الصادرة من لوحتين من تونجستات الكالسيوم مضغوطتين على كلا جانبي الجزيئات, و هي توجد في غلاف واحد.
استعمال مثل هذه اللوحات للتكثيف, يسمح لإخصائي الأشعة أن يختصر زمن التعرض إلى ما يعادل ثمن الوقت الذي كان يلزم بدونها,و بذلك يوفر الأنبوبة, و يقلل من فترة تعرض المريض للإشعاعات.
لما كانت الأشعة السينية تخترق بسهولة الأنسجة ذات الكثافة المنخفضة, فإننا مع الأسف لا نستيط استعمالها في فحص جميع أعضاء الجسم. و نجد أن العظام و الأسنان هي أسهل الأعضاء في في الملاحظة, و ذلك لكثافة أنسجتها, و للظل الشديد الإعتام الذي تُلقيه.
غير أن بعض الأعضاء الأخرى مثل المعدة, و الأمعاء, و الحويصلة المرارية,و الكلى, كلها أقل كثافة و ملاحظتها أصعب بكثير, و قد أدى ذلك إلى استعمال وسائل مساعدة.
هذه الوسائل المساعدة عبارة عن مواد ذات إعتام بالنسبة للأشعة السينية, و تُستخدم في ملء مختلف أعضاء الجسم المجوفة بقصد تحديد معالمها.
فيمكن مثلاً الإكتفاء بابتلاع جرعة من مغلي سلفات الباريوم لتحديد المعدة و الأمعاء, أما المواد المساعدة المستخدمة في حالة الحويصلة المرارية و الكلى فيجري إعطاؤها بواسطة الحقن, و تمر بعد ذلك داخل الأعضاء المجوفة حيث يمكن ملاحظتها فوق جزيئات اللوحة.
إستخدام الأشعة السينية في العلاج الطبي ( السرطان )
تُستخدم الأشعة السينية بصفة خاصة في علاج السرطان, و إن لم يكن ذلك هو مجال استخدامها الوحيد. و الهدف من هذا العلاج هو تحطيم الأورام الخبيثة عن طريق حزمة من الأشعة السينية ذات قوة اختراق كافية لإهلاك الخلايا السرطانية و إيقاف نمو الورم.
عند بداية استخدام طريقة العلاج بالأشعة, كانت أشعة جاما المستمدة من الراديوم هي المستعملة عادة, لما لديها من قوة اختراق, و بالتالي فاعليتها في العلاج أعلى بكثير من قوة أنابيب الأشعة السينية في بداية استعمالها.
لكن التحسين الذي أُدخل على الأنبوبة القطبية الساخنة, جعل من الممكن الحصول على أشعة سينية أقوى بكثير, و تبعاً لذلك قل استخدام الراديوم تدريجياً.
في الوقت الحالي, فإن المصدر الرئيسي للأشعة المستخدمة في العلاج يجري الحصول عليه من الأنابيب التقليدية, غير انه في حالة الأورام ذات الجذور المتأصلة, و التي تستدعي استخدام أشعة أكثر اختراقاً, فتستخدم أشعة سينية متولدة من المعجل الخطي المتحرك, و من أشعة جاما المتولدة من الكوبالت60.
لسوء الحظ, فإن جرعات الأشعة السينية اللازمة للعلاج الكافي للسرطان, تسبب أحياناً:-
- التهابات مؤلمة.
- حروقاً فوق أجزاء الجسم المعرضة لاختراق الأشعة لها أو التي تخرج منها.
و لتجنب هذه الظاهرة أو على الأقل التخفيف من تأثيرها الضار, يجري استخدام عدة أجهزة تُوضع بحيث تدور أو تلف حول المريض, بينما تظل الأشعة مركزة على الورم.
إن حركة الأجهزة الدائرية تضمن عدم تعرض أي جزء من الجلد لجرعة من الأشعة السينية أكبر مما يمكنه تحملها.
إستخدام الأشعة السينية في الصناعة
إن استخدام الأشعة السينية و أشعة جاما في الصناعة على جانب كبير من الأهمية, و له أشكال متعددة.
قد جاء وقت كانت فيه جل الأشعة المستخدمة في الصناعة صادرة من أجهزة تقليدية, إلا أن سهولة الحصول على ذرات الكوبالت60 و انخفاض ثمنها قد ساعد على مضاعفة استخداماتها, لا سيما أن قوتها الاختراقية أعلى بكثير .
و تُستخدم الأشعة السينية بصفة خاصة في :-
- الصناعات المعدنية, بقصد الكشف عن التشققات في الأجزاء المنصهرة و ضبط اللحامات.
- إختبار القنابل اليدوية.
- إختبار المدافع ذات العيار الكبير.
- إختبار الأشجار.
- إختبار المواد الغذائية.
- إختبار أنابيب الأجهزة المائية و صناديقها.
- تتبع خطوط التقنية في المنازل القديمة.
- الكشف عن الذهب في الكوارتز.
- تُستعمل في الجمارك للكشف عن التهريب.