عبدالرحمن الكواكبي | أول عربي ينادي بإقامة تنظيم دولي

عبدالرحمن الكواكبي: أول عربي ينادي بإقامة تنظيم دولي

 

ولد عبدالرحمن الكواكبي سنة 1848م بمدينة حلب , و لما اكتمل نموه, و ظهر علمه, تولى بعض الوظائف الحكومية بسوريا, ثم تخلى عنها, و أخذ يطوف في مختلف البلاد الإسلامية دارساً و باحثاً حتى استقر به المقام في مصر, و فيها توفي سنة 1902م.

كافح عبدالرحمن الكواكبي بقلمه ظلم الحكام و قسوة الاستعمار بمقالات نشرتها له الصحف المصرية , ثم جُمعت في كتاب اسمه : ( طبائع الاستبداد ) .

عبدالرحمن الكواكبي و التنظيم الدولي

كتاب الغرب الذين اهتموا بدراسة المنظمات الدولية , ينسبون فكرة إنشاء تنظيم دولي, تنتظم في إطاره العلاقات بين الدول, إلى مفكري المجتمع الأوروبي. فيذكرون :-

  • دانتي الشاعرو الفيلسوف الإيطالي, لأنه نادى بضرورة إقامة حكومة عالمية.
  • و يذكرون المفكر الهولندي إيراسموس الذي طالب بمكافحة جنون الحرب.
  • و يذكرون سلى وزير خارجية هنري الرابع ملك فرنسا الذي طالب بإقامة منظمة دولية تجمع بين كل دول أوروبا.
  • و يذكرون الفيلسوف الألماني إيمانويل كنت الذي قال إن السلام وليد صراع بين الخير و الشر.

و لكنهم لا يذكرون إلى جانب هؤلاء و غيرهم الكاتب العربي عبدالرحمن الكواكبي, مع أنه نادى بضرورة إقامة تنظيم دولي يجمع في إطاره كافة البلاد الإسلامية, و تتجلى هذه الآراء في : ( أم القرى ) .

كان عبدالرحمن الكواكبي من دعاة ضرورة الاتحاد بين الشعوب الإسلامية, كما يدل على ذلك الكتاب الذي أشرنا إليه آنفاً و هو ( أم القرى ), الذي يحمل أول دعوة سياسية لربط البلاد الإسلامية بعضها ببعض عن طريق تنظيم دولي, و ذلك مما جعله يدخل في عداد رواد التنظيم الدولي.

عبدالرحمن الكواكبي أم القرى

قد نهج عبدالرحمن الكواكبي في كتابه أم القرى منهج الأسلوب القصصي, فتخيل أن مؤتمراً إسلامياً قد عقد في مكة, حضره ممثل أو أكثر عن كل قطر إسلامي , ومن ضمنهم ممثل الشام, و ممثل القدس, و ممثل اليمن , و ممثل البصرة , و ممثل تونس , و ممثل لمسلمي الهند و السند و الصين و نحوهم.

أجرى عبدالرحمن الكواكبي على لسان كل ممثل من ممثلي الدول ما يكشف عن العيوب السائدة في وطنه, و عن أسرار تأخر بلاده, و وسائل العلاج. و قد اقترح أربع نقاط يدور حولها البحث في المؤتمر و هي :-

  1. بيان الحال الحاضرة, و وصف أعراض هذه الحال.
  2. بيان أن الجهل هو مصدر الخلل الذي نزل بهم.
  3. إنذار أمة الإسلام بسوء العاقبة إذا تركوا الأمور تجري على ما هي عليه.
  4. إلقاء تبعة ما وصل إليه المسلمون على الأمراء و العلماء, و توجيه اللوم إليهم لتفرقهم و عدم اجتماع كلمتهم.

و تبارى أعضاء المؤتمر في تفسير أسباب فتور الأمة, فمنهم من عزا ذلك إلى :-

  • الفقر.
  • و منهم من أرجعه إلى سيادة العقيدة الجبرية.
  • و منهم من جعل مصدر ذلك إهمال الأخذ بالدين.
  • و منهم من ألقى المسؤولية كلها على رجال الدين.
  • و منهم من جعل السبب فقدان الساسة و الزعماء الحازمين.

ثم انتقل في بحثه إلى وسائل علاج الحال, و رؤى أن خير علاج لذلك هو إنشاء تنظيم دولي دائم, لأن التنظيمات مكفول لها البقاء الطويل ما لا يمكن أن يكون مكفولاً للأفراد, و رؤى أيضاً أن يقوم هذا التنظيم المقترح على الهيئات الآتية:-

  • جمعية عامة تجتمع مرة كل عام, و تكون مكة المكرمة مركزاً رسمياً لها.
  • تكون للجمعية العامة شعب في بعض عواصم الدول الإسلامية, و تكون الشعبة صورة مصغرة للجمعية العامة.
  • تعاون الجمعية العامة هيئة عامة, و هيئة للمستشارين, يُنتخب أعضاؤها من الجمعية العامة.

هذا المشروع الذي الذي تضمنه كتاب أم القرى , أول مؤلف سياسي يضعه كاتب عربي من الشرق الإسلامي ينادي بإقامة تنظيم دولي على قواعد و مبادىء جمعت بين الأفكار الشرقية و الأفكار الغربية.

و أفكار عبدالرحمن الكواكبي إن لم تكن قد أثمرت في وقته, فإنها كانت بذرة طيبة أتت أُكلها فيما بعد, فكان من ثمراتها الجامعة العربية, و المؤتمر الإسلامي, و المجموعة الأفروآسيوية, و سواها من المنظمات الدولية التي تتكفل فيها الدول الساعية إلى الخلاص من الإستعمار و التخلف.

المصدر

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-