السمنة والنشاط العضلي

السمنة و النشاط العضلي

 

إن النشاط العضلي يعتبر من أهم الركائز الأساسية في أي برنامج لعلاج السمنة. 

 إلا أن دوره يبقى محدوداً إذا لم يرافقه تصحيح ومعالجة الأمور. 

ولهذا فإن التمارين الرياضية القاسية التي قد يقوم بها البعض من أجل تخفيف الوزن دون الأخذ بعين الاعتبار العوامل والأسباب الأخرى المؤدية إلى السمنة ليس غير مجدي فقط  بل قد يكون له عواقب غير محمودة كالتسبب في انضغاط الفقرات أو آلام المفاصل والعضلات خاصة إذا لم تكون هذه التمارين مدروسة بشكل جيد . 

فعلى سبيل المثال فإن السعرات الحرارية الموجودة في بيضة مقلية تقدر بحوالي 110 سعر وهذه الكمية تكفي لقيام رجل يزن 70 كغم بالأعمال التالية : 

 

                  العمل                                     المدة بالدقيقة

  • المشي بسرعة 4 كم /ساعة                     19 د 

  • ركوب الدراجة الهوائية                        12 د

  • السباحة                                              9 د 

  • الركض                                              5 د 

أما الطاقة الموجودة في شطيرة همبرغر تزن 60 غم تقدر حوالي 350-400 سعر حراري وهذه الطاقة تكفي لقيام شخص يزن 70 كغم بقطع مسافة 5 كم بسرعة 5كم/ساعة مشياً على الأقدام . 

ومن الجدير بالذكر أن أهمية النظام والنشاط العضلي ( الحركي) في علاج السمنة له جوانب عديدة ومهمة عدا عن كم السعرات المفقودة نتيجة الحركة . 

ومن هنا فإنه يجب أن لا ينحصر تصميم النشاط العضلي فقط على المعادلات الرياضية التي تأخذ بعين الاعتبار العلاقة بين الحركة والطاقة من منظور فيزيائي بحت ، إذ أن الكائن الحي والإنسان بالذات لا يمكن اعتباره كأي جسم آخر يتحرك تبعاً للقوانين الفيزيائية ، إذ أن النشاط الحركي للإنسان له معاني كثيرة متعددة غير المعنى الفيزيائي المجرد .

 ومن هذه المعاني :

 أثر الحركة و السكون على وظائف الكائن الحي


ومن المعروف علمياً أثر الحركة والسكون على وظائف عديدة للكائن الحي نحاول تبيان بعض جوانبها فيما يلي : 

أن النشاط العضلي للكائن الحي يحفز الغدة النخامية لانتاج هرمون (Somatotropin) الذي يزيد من احتراق الدهون لامداد الجسم بالطاقة اللازمة للقيام بنشاطه الحركي , وهذا يؤدي إلى إحداث نوع من التنظيم الذاتي يجعل عملية استهلاك الدهون وتخزينها أمراً سهلاً . 

في حين أن الأشخاص الذين يمتازون بقلة أو عدم كفاية النشاط الحركي يستهلكون الطاقة اللازمة لاجسامهم عن طريق احراق السكر الموجود في الدم. 

مما يؤدي إلى انخفاض نسبته في الدم مما يحفز المراكز العصبية الدماغية لإعطاء الشعور بالجوع فيقومون بتناول الطعام لرفع نسبة السكر في الدم الذي يشعرهم بالإحساس بالشبع . 

وقد تكون نسبة هذا الارتفاع في تركيز السكر في الدم عالية جداً خاصةً في الساعتين الأولتين بعد تناول الطعام فتتحرك أنظمة الجسم البيولوجية لإعادة مستوى تركيز السكر في الدم إلى حدود الوضع الطبيعي .

 ويتم ذلك بوساطة إزاحة الزائد وإلقائه في المستودعات الخاصة وهي الأنسجة الدهنية مما يزيد في كميتها وتعاد العملية مراراً وتكراراً وهكذا . 

أما إذا قام الإنسان بنشاط عضلي عند إحساسه بالجوع فإن الجسم يقوم بإفراز العديد من الهرمونات ومنها سابق الذكر (Somatotropin) . 

وإذا بلغ الجوع حداً معيناً فإن هرمونات أخرى تُفرز وهي هرمونات الأزمات (stress hormones) مثل هرمون الأدرينالين والجلوكاجون وغيرها التي تعمل على رفع نسبة السكر في الدم عن طريق تحريك عمليات إنتاجه إما من الكبد والعضلات من مادة الجلايكوجين أو من المخزون الدهني في الانسجة الدهنية وهكذا فإن الحركة تؤدي إلى تنشيط العمليات الفيزيولوجية في الجسم . 

أما الجانب السيكولوجي للحركة فهو معروف ومهم جداً إذ أن حركة المفاصل والعضلات تؤدي إلى إحداث سيالات عصبية تتجه نحو النخاع الشوكي ثم إلى المراكز العصبية الموجودة في النخاع المستطيل وباطن الدماغ (brain stem) وهي ما يطلق عليها المراكز الشبكية (reticular formation) التي تقوم باستقبال هذه السيالات العصبية وتحليلها لتنشيطها والتي تبقى خاملة إذا لم تأتيها هذه الإشارات والسيالات العصبية . 

ولا يخفى على أحد أن نشاط قشرة الدماغ هو المسؤول عن كل الوظائف التي تميز الإنسان عن غيره من المخلوقات كالحالة النفسية والنشاط الفكري والذهني والحالة الاجتماعية وتفاعل الانسان مع كل ما يدور حوله ورد الفعل المناسب على كل ما يؤثر على الإنسان . 

والجسم السليم يعني : تركيب عضوي سليم تشريحياً وبيولوجياً ووراثياً ويعيش في ظروف معيشية تمكنه من التأقلم مع معطياتها ويمارس نشاطاته الحيوية والاجتماعية ضمن المقاييس المقبولة المتفق عليها اجتماعياً . 

إذاً فالحركة ليست معنى فيزيائياً فقط ! وقد قال أحد علماء الفيزيولوجيا : أن الهدف النهائي لكل العمليات الفيزيولوجية في الجسم هو الحركة فسواء تبسم الإنسان أو عبس أو قام أو نام أو أكل أو شرب أو غير ذلك فإن الحركة هي النتيجة لعمليات فيزيولوجية معقدة تتم بإحكام واتقان . 

ومن هنا فإن الحركة المتقنة المناسبة الصحيحة الطبيعية قد تعكس بشكل كبير الوضع الصحي والنفسي للإنسان من جوانبها المتعددة فهي تعكس :

  1.   سلامة التركيب التشريحي، أي أن الهيكل العظمي والجهاز العضلي والعصبي والقلب والأوعية الدموية وغيرها من الاعضاء بحالة جيدة .

  2.  سلامة الناحية النفسية والعصبية .

  3. سلامة الوضع الاجتماعي .

 النشاط العضلي المطلوب للمحافظة على الوزن أو للتخفيف


1. يجب أن يستمر النشاط العضلي إلى فترة مناسبة تكفي لزيادة عدد ضربات القلب إلى 60-90 % من الحد الأعلى المسموح به للشخص المعني التي تعتمد على عمر الشخص وتحسب كما يلي : 

220 - عمر الشخص = عدد ضربات القلب المسموح للشخص أن يصلها كحد أعلى ( أي أن حياته قد تتعرض للخطر إذا تجاوز عدد ضربات القلب هذا الرقم). 

ويفضل ان يمارس الشخص التمرين العضلي لفترة زمنية كافية لرفع عدد ضربات القلب إلى 60% من هذا الرقم في البداية,  ثم يمكنه من زيادة هذه المدة تدريجياً إلى 70% ثم إلى أن يصل إلى 90% من هذا الرقم . 

فمثلاً شخص عمره 40 عاماً فإن عدد ضربات قلبه المسموح الوصول إليها كحد أعلى هي 220-40=180 نبضة بالدقيقة. 

وعليه أن يبدأ بجهد عضلي كافي لرفع عدد نبضات قلبه إلى 180*60%=108 نبضات بالدقيقة . 

ويفضل أن يستمر بذلك الجهد العضلي على هذا المستوى لفترة لا تقل عن عشر دقائق ثم يزيد في مدة التمرين تدريجياً حسب حالته العامة وبحيث لا يؤدي التمرين إلى إصابته بالإرهاق أو ضيق التنفس. 

ويمكن الاستدلال على مقدار التعب عن طريق العد أو الكلام . 

 إذ يستطيع الشخص ممارسة هذا التمرين ما دام قادراً على الحديث المتواصل. 

و عدم التمكن من الحديث المتواصل فإن هذا دليل على عدم تمكن الجهاز التنفسي من تأمين احتياجات الجسم بما يلزمه من الاكسجين وعلى الشخص أن يتوقف عن النشاط العضلي للاسترخاء والراحة. 

وبهذه الطريقة تزداد تدريجياً قوة تحمل الجسم للمجهود العضلي وتأقلم جهازه العضلي والعصبي والقلب والاوعية الدموية والاعضاء الأخرى كالكبد والكلى لمواجهة المتطلبات اللازمة للقيام بذلك المجهود دون تعريض الجسم لأية مخاطر .

 2. يجب أن يداوم الشخص على النشاط العضلي بشكل منتظم يومياً أو بما لا يقل عن مرتين في الأسبوع.

3. إن انقطاع الشخص عن ممارسة النشاط العضلي يفقده ما حصل عليه من فوائد خلال فترة أسبوعين إلى ثلاثة ويعود الجسم إلى ما كان عليه قبل ممارسة المجهود العضلي خلال ثلاثة أشهر ! 

 أي يفقد التأقلم ولا بد لإعادة النشاط العضلي بالطريقة السابقة أي تدريجياً ومن هنا ضرورة الاستمرار بالنشاط العضلي بشكل منتظم مدى الحياة . 

وهذا من أفضل وسائل الوقاية من السمنة ومن كثير من الأمراض المرافقة وأفضل طريقة أيضاً لعلاج السمنة .

4. تزداد أهمية النشاط العضلي في المحافظة على الصحة والوزن المثالي مع تقدم الشخص بالسن إذ أن معدل حرق الطاقة الأساسي يتناقص مع التقدم بالسن ، ولذلك فإن قابلة ازدياد الوزن تتفاقم أي أن الوزن يزداد بسرعة أكبر ومحاولة إنقاصه تكون أصعب كلما تقدم السن.


نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-