العناصر والأملاح المعدنية

  

تتكون الأنسجة الحية من عدد كبير من العناصر والأملاح المعدنية يزيد عددها في بعض المصادر على الأربعين وفي بعض المصادر الأخرى على الستين عنصراً . 

العناصر والأملاح المعدنية

ويمثل الكربون والهيدروجين والأكسجين والنيتروجين الجزء الأكبر من وزن الجسم الحي إذ يبلغ حوالي 96% من وزنه لأن هذه العناصر هي المكونات الأساسية في تركيب الماء والدهون والكربوهيدرات والبروتينات التي يتشكل منها الجسم الحي بشكل رئيسي.  

أما باقي وزن الجسم الحي فيتكون من العناصر الكيميائية الأخرى والتي تقسم إلى مجموعتين : 

  1. مجموعة العناصر الرئيسية (Macro elements) وتشكل حوالي 3.5% من وزن الجسم وتشمل الصوديوم ، البوتاسيوم ، الكلور ، الكبريت ، والمغنيسيوم . 
  2.  العناصر الصغرى (Micro elements) وأهمها الحديد ، الزنك ، النحاس ، المنغنيز ، الكوبلت ، اليود ، الفلور ، الكروم ، القصدير ، النيكل وغيرها .
 

أهمية العناصر الكيميائية

  1. بناء أغشية الخلايا الحية المكونة للأنسجة المختلفة في الجسم: فمثلاً يدخل الكالسيوم والفسفور في بناء العظم والأسنان ويعطيانها شكلها وقوتها. كما يدخل هذان العنصران في تركيب خلايا الدم والعضلات وغيرها . كما أن الحديد يشكل الجزء الهام في مادة الهيموغلوبين التي تدخل في بناء كريات الدم الحمراء والتي تلعب دوراً هاماً في نقل الأكسجين إلى كافة خلايا الجسم ونقل ثاني أكسيد الكربون منها إلى الرئتين . 
  2. تدخل هذه العناصر في تركيب الخمائر ( الأنزيمات ) التي تلعب دوراً حيوياً هاماً في إتمام كافة العمليات الحيوية في الجسم . 
  3. تدخل هذه العناصر في تركيب الأملاح والحوامض والقواعد الضرورية للمحافظة على حموضة الدم ضمن الحدود الطبيعية اللازمة لسير العمليات الحيوية والكيميائية بشكل طبيعي ( كربونات وفوسفات الصوديوم والبوتاسيوم وأحماض الهيدروكلوريك والفوسفوريك والكاربونيك وغيرها) . 
  4. تلعب هذه العناصر دوراً هاماً في عمل الجهاز العصبي والعضلي والقلب والأوعية الدموية والغدد الصماء و الكبد والكلى والأعضاء الأخرى .

 ولكي نضمن حصول أجسادنا على احتياجاتها من كل ما يلزمها من المواد يجب تناول الغذاء المتوازن المتعدد للمحافظة على صحة الجسم وحيويته وسنكتفي بالحديث عن بعض هذه العناصر .


عنصر الكالسيوم

 يلعب الكالسيوم دوراً هاماً في بناء ووظيفة العظام والأسنان وتخثر الدم وميوعته ووظيفة العضلات والأعصاب وتنظيم عمل بعض الأنزيمات كما ينظم عمل الأغشية الخلوية ووظائف أخرى عديدة .  

ولذلك فإن عدم كفاية إمداد الجسم بهذا العنصر الهام يؤدي إلى اختلال عمل كل هذه الوظائف والأعضاء وقد يؤدي إلى الموت في حالة النقص الشديد للكالسيوم بسبب توقف القلب .

 مصادر الكالسيوم : 

يعتبر الحليب ومنتجاته من أهم وأفضل مصادر الكالسيوم الغذائية كما أن كالسيوم الحليب ومنتجاته يمتص بسهولة وفاعلية أكثر بكثير من كالسيوم الأغذية الأخرى لأسباب موضوعية ومعروفة علمياً . 

ومن المصادر الأخرى للكالسيوم صفار البيض والأسماك والجوزيات والبقوليات والحبوب الكاملة والأوراق الخضراء كالخس والسبانخ والملفوف وغيرها .

 حاجة الإنسان من الكالسيوم : 

  • يحتاج الإنسان البالغ من 400 إلى 600 ملغم من الكالسيوم يومياً ، ومن 1000 إلى 1200 ملغم بالنسبة للحوامل والمرضعات . 
  • ولأهمية الكالسيوم الكبيرة فإن الجسم يحاول أن يحافظ على تركيز ضمن حدود معينة للكالسيوم في الدم لا يجوز تجاوزها لا بالزيادة ولا بالنقصان ، لأن كلا الحالتين تؤديان إلى عواقب وخيمة على الجسم قد تصل حد الموت . 
  • وعملية المحافظة على هذه النسبة للكالسيوم في الدم في غاية التعقيد والدقة وتتطلب عمل العديد من أجهزة الجسم بشكل متناسق ومتكامل ويساهم في هذه العملية الغدة الدرقية والغدة الجار درقية و الكبد والكليتين والجلد والجهاز الهضمي والعظام والجهاز العصبي . 
  • وتستطيع هذه الأعضاء من ترتيب عملها المتناسق في ظل نقص تزويد الجسم بالكالسيوم للمحافظة على مستوى تركيزه في الدم ضمن الحدود الطبيعية لفترة ما. 
  •  ثم يؤدي استمرار هذا النقص إلى إرهاق عمل هذه الأعضاء وعجزها عن تأمين المستوى المطلوب من تركيز الكالسيوم في الدم مما يؤدي إلى انخفاضه التدريجي . 
  • ويرافق ذلك أعراض نقص الكالسيوم التي تتفاقم مع مرور الوقت وإن لم تتخذ الإجراءات المناسبة لتعويض النقص يتعرض الجسم إلى المرض ثم الموت بسبب توقف عضلة القلب . 
  • وهنا تكمن أحد مخاطر اتباع الحميات الغذائية الخاطئة لفترات طويلة . 
  •  إذ يتوهم الشخص بعدم تأثيرها السلبي عليه طيلة الفترة التي يكون الجسم فيها لا يزال قادراً على استخدام احتياطاته ومخزوناته من هذه المواد إلى أن تستنفذ إذا ما طال أمد هذا النقص ثم يفاجئ الشخص بما لا يرغب ولا يحب . 
  • وهناك أمور وجب أخذها بعين الاعتبار : 
  • يستطيع الجسم امتصاص ما مقداره 10 إلى 30 % من الكالسيوم الموجود في الطعام فقط . 
  •  يعتمد امتصاص الكالسيوم على نوعية الاغذية الداخلة في تكوين الطعام فمثلاً يقل امتصاص الكالسيوم إذا احتوى الطعام على مواد غذائية تحتوي على كمية كبيرة من الفسفور أو المغنيسيوم أو البوتاسيوم. كما أن بعض الأطعمة تحتوي على أحماض تكون مع الكالسيوم مركبات كيماوية لا يستطيع الجسم امتصاصها . 
  • يتأثر امتصاص الكالسيوم سلبياً إذا احتوى الطعام على نسبة عالية من الدهون أو نسبة قليلة جداً من الدهون . ومن هنا فإن اتباع حميات غذائية خالية من الدهون أو قليلة المحتوى لفترات طويلة محفوف بعدد من المخاطر خاصة إمكانية تعريض الجسم إلى مخاطر اضطراب تبادل الكالسيوم .  
  • يمتص الجسم الكالسيوم بفاعلية أكبر من الأغذية ذات المصدر الحيواني كما أن احتواء الغذاء على البروتينات الحيوانية يزيد من امتصاص الكالسيوم . بينما يمتص كالسيوم الأغذية النباتية بفاعلية أقل . 
  • ومن الضروري أيضاً الانتباه إلى أن زيادة نسبة البروتين في الغذاء عن الحد المعقول يؤدي إلى زيادة فقدان الجسم للكالسيوم عن طريق تحفيز إفرازه عن طريق البول. ومن هنا يتبين عدم صحة اتباع الحميات الغذائية التي تعتمد على المحتوى البروتيني العالي بقصد علاج السمنة لفترات طويلة كونها تسيء إلى التوازن الكلسي في الجسم والذي قد يؤدي إلى هشاشة العظام أو تكوين الحصى في الكلى أو اضطرابات أخرى أو التي قد لا يشعر بها الشخص إلا بعد فوات الاوان .  
  •  يزداد امتصاص الكالسيوم إذا احتوت الاغذية على الكربوهيدرات والسكاكر وخاصة سكر اللاكتوز ( سكر الحليب ) .
 

ومن هنا نرى دليلاً آخر على ضرورة توازن الوجبات الغذائية وتنويعها وعدم اتباع الحميات الغذائية التي تبنى فقط على حساب السعرات الحرارية في الغذاء أو التي تحذف وتستثني أي من المكونات الأساسية من الأغذية مثل الدهون أو الكربوهيدرات أو البروتينات أو تخل في التوازن بين هذه المكونات . 


عنصر الحديد 

يلعب الحديد دوراً حيوياً هاماً في جسم الإنسان كونه العنصر الرئيسي في تكوين خضاب الدم (الهيموغلوبين) الموجود في كريات الدم الحمراء والذي قد يؤمن نقل الأكسجين من الرئتين إلى كافة خلايا وأعضاء الجسم وتخليص هذه الخلايا والأنسجة والأعضاء من مخلفات الاحتراق البيولوجي السامة وهي ثاني أكسيد الكربون ونقله إلى الرئتين ليتم التخلص منه عن طريق التنفس .  

كما أن الحديد يدخل في تكوين خضاب العضلات المسمى بالميوغلوبين الذي يخزن الأكسجين الضروري لعمل العضلات ، كما أنه يدخل في تركيب عدد آخر من الانزيمات الضرورية لعدد من العمليات الحيوية الأخرى . 

ويحتوي الجسم للإنسان البالغ على ما يقارب 3 إلى 5 غرامات من الحديد تشكل مخزونه من هذا العنصر الهام . 

ويتعرض هذا المخزون إلى التناقص نتيجة لعدد من العوامل والأسباب التي تفرضها طبيعة العمليات الحيوية التي تتم في الجسم وتحكمها القوانين الحيوية الموضوعية. 

مثل عمليات بناء وهدم كريات الدم الحمراء وعمليات التجديد المستمر للخلايا المبطنة للجهاز الهضمي .

 حيث يتم التخلص من الخلايا القديمة التي تحتوي على كمية من الحديد مع البراز . 

 كما يتم فقدان كمية من الحديد مع دم الطمث بالنسبة للنساء أو أثناء الولادة أو أثناء الحمل والإرضاع . 

كما يتم فقدان كميات مختلفة من الحديد عن طريق فقد الدم الناجم عن الجروح أو الكسور أو الحروق أو غير ذلك . 

فإذا لم يتم تعويض الجسم بالكميات المناسبة من الحديد عن طريق الغذاء فإن مخزونه من هذا العنصر تتضاءل تدريجياً إلى أن تستنزف وحينها يصاب الشخص بالفقر الناجم عن عدم مقدرة نخاع العظم على إنتاج الدم لعدم توفر ما يلزم لذلك من الحديد وما يرافق ذلك من أعراض لهذا المرض .  

وقد أورد الدكتور Gabovich مع عدد من زملائه في كتاب "الصحة" الصادر في موسكو عام 1984 نتائج الدراسات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية في عدد من الدول النامية في الثمانينات من القرن الماضي. 

 حيث تبين من  تلك الدراسات أن أفراد تلك المجتمعات يعانون من فقر الدم الناجم عن نقص الحديد حسب النسب التالية : 

  • 6 - 17 % من الرجال 
  • 15 - 50 % من النساء 
  • 20 - 80 % من الحوامل 

وهنا يبين بوضوح حجم المشكلة عند النساء للأسباب الموضوعية ( الطمث ، الحمل ، والولادة ) .

 

 الاحتياجات اليومية من الحديد :

  • الأطفال تحت سن 12 سنة == 0.7 - 1.8 ملغم 
  • الرجال == 1 - 1.5 ملغم 
  • النساء تحت سن 40 سنة == 2 - 2.8 ملغم (يضاف 0.5 ملغم للمرضعات و1 ملغم للحوامل)

ومعلوم أن الجسم يستطيع امتصاص حوالي 10% من الحديد الموجود في الغذاء فقط . 

وإن هناك عوامل كثيرة تؤثر سلباً أو إيجاباً على عملية الامتصاص تلك التي تمتاز بقدر كبير من التعقيد والدقة ، ومن المفيد هنا ذكر بعض الحقائق المتعلقة بتبادل الحديد :

 
  1.  إن امتصاص الحديد من المنتوجات الغذائية الحيوانية أفضل من امتصاص حديد المنتوجات النباتية .
  2. مع أن الحبوب تحتوي على نسبة جيدة من الحديد إلا أن امتصاصه أصعب من امتصاص الحديد الموجود في الخضراوات والفواكه والتي تحتوي على كمية أقل من الحديد . 
  3. يتأثر امتصاص الحديد بمكونات الوجبة الغذائية إذ إن الأغذية المحتوية على كميات كبيرة من الفوسفات يقلل من امتصاص الحديد بينما احتواء الوجبة الغذائية على كمية مناسبة من فيتامين (ج) تزيد من امتصاص الحديد . 
  4. تناول الأغذية أو الأدوية التي تخفض نسبة حموضة المعدة تقلل أو تمنع امتصاص الحديد ( مثل المشروبات الغازية أو الأغذية التي تحتوي على كمية كبيرة من كربونات الصوديوم أو ما شابهها ) . 
  5.  إن احتواء الوجبة الغذائية على منتوجات حيوانية يحسن امتصاص الحديد الموجود في الأغذية النباتية . 
  6. إن القياسات المخبرية التي تجري لمعرفة كمية احتواء المواد الغذائية من العناصر والأملاح المعدنية تختلف وتتفاوت تفاوتاً كبيراً بسبب اختلاف مصادر أخذ العينات الغذائية نظراً لأن مكونات تلك المواد الغذائية تعكس بقدر كبير تكوين الماء والتربة المنتجة لها . ومن هنا فإن احتواء الخبز مثلاً المصنوع من قمح عمان قد يختلف عن الخبز المصنوع من قمح الكرك في المحتوى من مختلف العناصر المعدنية بما يعكس اختلاف تربة وماء كل من عمان والكرك وهكذا .  
  7. إن محتوى المواد الغذائية الطازجة من مختلف العناصر الغذائية يختلف عن محتوى تلك المواد (يقل أو يتلاشى) في حالة تعليبها أو حفظها. وذلك لأن طريقة التعليب أو الحفظ تؤدي إلى تفاعلات كيماوية تؤثر على نوعية وكمية العناصر الغذائية فيها .

 ومن هنا  فإن احتواء 100 غرام من اللحوم الطازجة على نفس الكمية من السعرات الحرارية التي تحتويها 100 غرام من اللحوم المعلبة لا يعني بأي حال من الأحوال تساويهما في القيمة الغذائية .  

لذلك يجب الانتباه إلى الأغذية والحميات التي تروج لها بعض الجهات بدعوى أنها تعالج السمنة وتحقق التوازن الغذائي وتؤمن كافة احتياجات الجسم من مختلف العناصر الغذائية وذلك لصعوبة تحقيق هذه الأهداف في تركيبة واحدة . 


عنصر المغنيسييوم 

يلعب المغنيسيوم دوراً هاماً وحيوياً نظراً لأنه ضروري لتنشيط كثير من الخمائر ( الأنزيمات ) الضرورية لسير عمليات تمثيل الكربوهيدرات والبروتينات في الجسم . 

ولذلك فإن نقصه يؤدي إلى اضطراب هذه العمليات مما ينعكس على عمل الكثير من الأعضاء. 

ومن أعراض ذلك حدوث تشنجات في العضلات واضطراب عمل القلب والأوعية الدموية ( هبوط توتر الضغط الشرياني ). 

وقد يتسبب النقص الشديد في إحداث تشنجات شديدة للعضلات بشكل عام ولعضلة القلب والتنفس مما يؤدي إلى الموت المؤكد . 

ومع أن النقص الشديد في المغنيسيوم  نادر الحدوث في الظروف العادية إلا أن حدوثه ممكن عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض الجهاز الهضمي المصحوبة باسهال مزمن أو نتيجة الاستخدام المفرط للملينات الدوائية أو العشبية بقصد علاج السمنة أو علاج الإمساك المزمن .

 

 الاحتياجات اليومية من المغنيسيوم :

 يحتاج الإنسان البالغ 300 ملغم من المغنيسيوم يومياً. 

وحيث أن الجسم يستطيع امتصاص 45% من المغنيسيوم الموجود في الغذاء فقط فإن الغذاء اليومي لا بد أن يحتوي على ما لا يقل عن 600 ملغم منه لتأمين احتياجات الجسم .

 مصادر المغنيسيوم : 

تعتبر الخضراوات الورقية والحبوب من أهم مصادره . 

في حين تحتوي المنتوجات الحيوانية على كميات قليلة منه. 

ولهذا فإن من الضروري تنويع الغذاء بحيث يتكون من كميات مناسبة من المنتوجات الحيوانية والنباتية لتحقيق التوازن الغذائي وتأمين كافة احتياجات الجسم من مختلف العناصر اللازمة لصحته . 

فالمنتوجات الحيوانية غنية ببعض العناصر الغذائية التي تفتقر إليها المنتوجات النباتية وفي ذات الوقت فإن المنتوجات النباتية غنية بعناصر أخرى تفتقر إليها المنتوجات الحيوانية . 

ومن هنا نرى ضرورة اتباع مسلك غذائي صحيح لنتمكن من الحصول على احتياجات الجسم من العناصر الغذائية التي يحتاجها . 






نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-