الرازي


أبو الطب العربي The father of Arab medicine

 وُلد الرازي في مدينة الري في بلاد فارس عام 865م (251هـ). 

كانت للرازي منزلة رفيعة في الطب، وقد استحق بجدارة الالقاب التي أُطلقت عليه مثل( ابو الطب العربي) و ( جالينوس العرب) و ( أكبر طبيب بين المسلمين) واستحق ما قاله الطبيب والعالم الاوروبي دي بور: ( كان الطب معدوماً، فأحياه جالينوس.. وكان الطب متفرقاً، فجمعه الرازي). 

ان فضل الرازي لم يقتصر على جمع المعارف الطبية المتفرقة في مؤلفاته، بل تجاوز ذلك الى اضافات جوهرية هامة ما زال يذكرها تاريخ العلوم الطبية:-

  • - كان الرازي اول من استخدم الموسيقى كعلاج لبعض الامراض.
  • - اول الذين عرفوا أثر الضوء على حدقة العين.
  • - صاحب الفضل على طب الاطفال، اذ جعله فرعاً قائماً بذاته من فروع الطب، وكتب فيه كتابة مستقلة.
  • - اول من قال بضرورة تجربة الادوية على الحيوان قبل ان يتناولها الانسان، فعندما اراد ان يقدم مركبات الزئبق كملين لبعض المرضى، جرب صلاحية الدواء في بادئ الامر على القرود.
  • - اول من توصل الى استخدام الخيوط المصنوعة من امعاء الحيوانات في خياطة الجروح المفتوحة بعد العمليات الجراحية، ويقول الرازي ان السر في ذلك راجع الى ان الخيوط المصنوعة من الامعاء يمتصها الجسم فتصير جزءاً منه.
  • - اول من قام بمعالجة الحمى مستخدماً الماء البارد، فسبق بذلك اطباء العصر الحديث.
  • - من اوائل الاطباء الذين تنبهوا الى العدوى الوراثية وانتقال الامراض من الاباء والامهات الى الاولاد.
  • - اول من وصف بوضوح امراض الجدري والحصبة وميز بينها.

هذه فقط بعض الجوانب الطبية التي كان للرازي فضل الريادة والسبق، وهي بدورها تؤكد دوره الخلاق الذي يعلو فوق مستوى مجرد الجمع والتسجيل. 


نبوغ الرازي في الكيمياء

لم يكن نبوغ الرازي مقصوراً على الطب وحده، فقد اضاف اليه نبوغه في الكيمياء وعلم اعداد الادوية.

ويقول احد الباحثين الاوروبيين:(ان الرازي تفوق على رائد الكيمياء العربي جابر بن حيان في تعريفه الدقيق على طبيعة المواد، وفي اوصافه الواضحة للعمليات والاجهزة الكيميائية).

قد وضع الرازي كتاباً نفيساً في علم الكيمياء وهو كتاب (سر الاسرار)، وضح فيه المنهاج الذي يسير عليه في اجراء تجاربه، فكان يبتدئ بوصف المواد التي يشتغل بها، ثم يصف الادوات والالات التي يستعملها، وبعد ذلك يصف الطريقة التي يتبعها في تحضير المركبات. 

وصف الرازي في كتابه هذا وغيره من الكتب ما يزيد على عشرين جهازاً منها الزجاجي ومنها المعدني وصفاً على نمط ما نراه الان في الكتب الحديثة في الكيمياء. 

وفوق ذلك كان يشرح كيفية تركيب الاجهزة المعقدة ويدعم شروحه بالتعليمات التفصيلية الواضحة، وهذا هو نفس الاسلوب الذي يتخذه العلماء اليوم في مثل هذا المجال.

و فيما يلي إنجازات الرازي في الكيمياء:-

  • - قسم المواد الكيميائية المعروفة في زمانه الى اربعة اقسام اساسية وهي المواد المعدنية، والمواد النباتية، والمواد الحيوانية والمواد المشتقة.
  • - استحضر الرازي بعض الحوامض وما تزال الطرق التي اتبعها في ذلك مستعملة حتى اليوم.
  • - اول من ذكر حامض الكبريتيك واسماه( زيت الزاج) او ( الزاج الاخضر).
  • - استخرج الكحول بتقطير المواد النشوية والسكرية المختمرة.وكان يستخدم الكحول الذي يستخرجه في تحضير الادوية التي يصفها لمرضاه.
  • - لديه تجارب في حساب الكثافة النوعية للوسائل والتي دفعته الى ابتكار ميزان خاص يستخدمه في حسابها اسماه( الميزان الطبيعي ).

بهذه الكشوف الرائدة استحق الرازي بجدارة ان يُوصف على لسان الكثير من علماء الشرق والغرب بأنه( مؤسس الكيمياء الحديثة) .


اتساع مدارك الرازي

أشار الرازي في كتاباته الى اختلاف خطوط الطول والعرض للبلدان المختلفة و أثر ذلك على علاج الامراض واستعداد الاجسام للأدوية والعقاقير. 

وهو يقول: ان ما يُعتبر علاجاً ناجحاً وامرا مفيداً بالنسبة الى شخص ما في مكان معين، قد يُصبح عديم الاهمية او قليلها بالنسبة لشخص آخر يعيش في مكان آخر بعيد.

والرازي من اوائل من عرفوا قيمة الآثار النفسية في العلاج والتطبيب وقد دعا الاطباء الى ان يعملوا ما في وسعهم لرفع الروح المعنوية عند المريض. وفي ذلك يقول: ان على الطبيب ان يوهم المريض بالصحة ويعده بالشفاء حتى ولو لم يعتقد في ذلك، لان الحالة الجسمانية للمريض تتوقف على حالته النفسية.


هبوط الظلام عالرازي

بعد حياة حافلة بالعمل والجهد المثمر ونتيجة لها، أخذ نظر العالم العربي الكبير في الضعف يوماً بعد يوم حتى فقد بصره بالكامل.

قال المؤرخون: إن الرازي أكثر من القراءة والكتابة، فكان لا يُرى الا قارئاً أو كاتباً، ولكثرة عكوفه على القراءة والكتابة في ضوء القناديل ضعف بصره، وما زال يضعف ويضعف حتى غشيت وأظلمت عيناه بسبب ماء نزل عليهما، افقدهما قوة الابصار.

لم يعش الرازي طويلا بعد مرضه هذا وتختلف الاراء في سنة وفاته بين 923م(311هـ) و 925م(313هـ).

لقد اعترفت جامعات الغرب بفضل هذا العالم العربي الكبير،فخصصت جامعة برنستون الامريكية اجمل جناح في مبانيها لمآثر الرازي اعترافاً بفضله كعلم من اعلام الحضارة الخالدين. كما أنشأت داراً لتدريس اللغة العربية تهدف بذلك الى التمكن من نقل مخطوطاته التي لم تطبع بعد الى اللغة الانجليزية حتى يمكن نشرها واشاعتها في انحاء العالم وحتى يطلع العالم على عظمة التراث العربي .

في باريس تُعلق كلية الطب على حوائطها صورة للرازي ضمن أكبر اطباء أنجبتهم الانسانية من عهد ابوقراط الاغريقي.

هكذا يعترف الغرب بفضل هذا العالم الجليل الذي اضاف الى المعارف الطبية الكثير مما دفع بالطب خطوات الى الامام في طريق التقدم والكمال.

هبط الظلام على أعين الرازي ولكنه ترك لنا إرث أضعناه من بين أيدينا، أبصره الغرب فأنار لهم الطريق وبقينا نحن في الظلام.



نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-