يزيد عمر كل إنسان بمرور كل يوم دون أن يكون لذلك أدنى استثناء، إذ ليس بالوسع التغلب على هذا الكبر الطبيعي للسن.
على أننا نملك السبل الكثيرة التي تؤثر على الكبر بصورة طيبة أو بصورة سيئة. إن هنالك قواعد ذات أهمية لصحتنا، وقد عمد الطب الحديث الى تجربتها، وكل ما ينبغي علينا فعله هو أن نعمد الى تطبيقها وذلك لمصلحتنا الخاصة.
هذا ولم تتوفر في الماضي الدرجة الكبيرة من الإلمام في أمور التغذية السليمة وطريقة المعيشة الصحيحة كما هو الحال في الوقت الحاضر.
وثمة أمر آخر وهو أن اتباع تلك القواعد لا يكلف في الغالب أية نقود، بل يتطلب منا عقد النية باتخاذ هذا الامر على محمل الجد.
العمر الحقيقي للإنسان
هل يصبح الانسان هرماً عندما يبلغ الخامسة والستين من عمره؟..
ينبغي علينا ألا نكترث بالارقام، فالاطباء والباحثون في أمور الكبر، أخذوا يفرقون منذ مدة طويلة بين العمر التقويمي والعمر البيولوجي.. على أن ثانيهما هو الاكثر أهمية.. إذ بوسع أي شخص بلغ من العمر سبعين عاماً أن يكون من الوجهة البيولوجية أصغر سناً من بعض من بلغوا الخمسين من العمر.
ولا يقتصر ذلك على الجسم فحسب، بل ويشمل العقل كذلك.. إذ بوسع الانسان أن يعمل على تطوير نفسه دائماً حتى ولو أصبح طاعناً في السن. وسنطرح بعض الأمثلة على ذلك:-
- لقد كان الشاعر ثيودور فونتان صيدلياً في الأصل، ولم يبدأ بالكتابة إلا في الاعوام المتأخرة، فقد ألف عمله المعروف باسم (إيفي بريست) عندما فات عمره على السبعين عاماً.
- إن (غراندما موسس) الذائعة الصيت، لم تبدأ في رسم اللوحات إلا بعد أن بلغت الثامنة والسبعين من عمرها. والمعروف أن لوحاتها معلقة في الوقت الحاضر في أشهر متاحف العالم.
- كم من مسن يعمد الى إكمال دراسته الثانوية أو الجامعية التي لم يسعه حيازتها في سن الشباب؟؟.
طبعاً لا ينعم كل انسان بنبوغ عظيم مستتر يسعه أن يستغله عندما يصبح طاعناً في السن، بل إن توفر ذلك النبوغ ليس على وجه عام بعظيم الأهمية..إذ أنَّ المقياس الأساسي في هذا الصدد هو شعور الانسان بالسعادة عندما ينتج شيئاً مجدياً أو مفيداً على حد سواء.
هناك بعض الناس- وفيهم الكبار في السن- ممن لا يشعرون بالسعادة في حياتهم ومن البديهي أنَّ السعادة لا تدرك المرء وعلى الانسان أن يسعى إلى بلوغها، كما أنَّ عليه أن يتقبل كبر سنه بصدر رحب وأن يتابع كل الاحداث الجارية حوله بعناية واهتمام.
لا ينبغي على المرء في أي حال من الاحوال بأن لا يكترث بالمستقبل، بل عليه أن يخطط المشاريع للغد أيضاً، إذ لا يسعنا أن نفصل السعادة في الحياة عن ذلك الترقب المتلهف لما سيطرأ علينا من أحداث وتجارب جديدة.
أمور تثير البهجة في نفوسنا
في وسعنا إكتشاف أمور تثير البهجة في نفوسنا إذا ما ولينا اهتمامنا بالاحداث المتعلقة بنا على صورة خاصة وبالعالم على صورة عامة، ولكن ليس من خلال منظار موجه دائماً الى الماضي.
وسيسعنا عندئذٍ أن نتجاوب مع من هم أصغر سناً منا، إذ إننا سنفهمهم ونفهم مشاكلهم أكثر من الماضي، كما وإنهم سيبادلوننا ذلك التفاهم.
تمتع بشباب دائم
إن الرغبة في الحفاظ على الشباب الخالد قديمة كل القدم.. غير أنه لم يتيسر حتى اليوم خلق طاحونة الشباب.. وسيظل ذلك الى أبد الآبدين حلماً لن يتحقق.
ولكن هل ثمة وسائل مجدية بشأن إعادة الشباب؟؟
إن ذلك ممكن الى حد ما إذ أن بوسع بعض المعدات الطبية أن تعمل على تحسين مظاهر التحلل والإعياء المبكرين، بل وعلى القضاء عليها.
وبالامكان التخلص من العديد من الامراض التي كانت تبدو في الماضي مستعصية، إذا ما دخل الانسان سن الشيخوخة.
ولكن علينا أن نحذر من توجيه كل همنا الى أقراص الأدوية بحثاً عن الصحة والشباب الغابر.
وهنالك ملاحظة يجب علينا أن نرعاها وهي أن لا نحتفظ بالادوية التي وصفها الطبيب أو التي اشتريناها من الصيدلية. إذ علينا أن نرمي ما تبقى من هذه الادوية فيما لو تماثلنا للشفاء، لأن ما قدم من الادوية الطبية قد يصبح خطراً فيما بعد.