موسى بن نصير مؤسس المغرب العربي

موسى بن نصير مؤسس المغرب العربي Musa bin Naseer
 

يُنسب موسى بن نصير الى قبيلة بكر بن وائل ، التي كانت تسكن أرض الحيرة غربی نهر الفرات قبل ظهور الاسلام . 

و بظهور الاسلام ، و قيام الفتوح العربية على عهد الخليفة أبي بكر الصديق بدأت قبيلة بكر بن وائل تنضم الى هذه الحركة ، و ذلك أن الخليفة أبي بكر أرسل القائد خالد بن الوليد لفتح الحيرة و العراق ، و استطاع هذا القائد القضاء على مقاومة الفرس .

وقع والد موسى بن نصير أسيراً في يد خالد بن الوليد ، مع غيره ممن وقع في الأسر ، و قد أسلم نصير غداة الأسر ، ثم أنتقل الى الحجاز ، و تزوج بها فرُزق ابنه موسى سنة 19 هجري .

نشأة موسى بن نصير

لمّا شبّ موسى بن نصير عن طوقه انتظم في سلك الدراسات العلمية التي كانت تغص بها المدينة المنورة ، عاصمة الدولة العربية على عهد الخلفاء الراشدين ، فوقف على الكثير من سيرة الرسول عليه السلام ، و ما قام به من الغزوات فى سبيل نشر دعوة الاسلام .

تربى موسى بن نصير تربية دينية ، فشب على الورع و التقوى ، كما نمت فيه القدرة على البيان و الخطابة ، و الاسهام في المناظارات و المناقشات ، و كان له فيها شأنٌ علي .

إنتقال إبن نصير الى دمشق

أصبحت دمشق منذ خلافة عثمان بن عفان ، قاعدة لنشاط الأمويين الطامعين في السلطان ، فأجاد معاوية بن ابى سفيان انتقاء الرجال الذين يركن اليهم ، و اجتذب اليه والد موسى بن نصير و عهد اليه برئاسة حرسه .

فأُتيح لموسى أن ينتقل الى بيت معاوية ، و ان يتدرب على السياسة و الفروسية ، على يد دهاقنة تلك الفنون ، الذين كانوا في حاشية معاوية ، و قد أصبح معاوية خليفة على الدولة العربية و الأسلامية سنة 41 هجرياً .

البحرية الأسلامية

أسهم موسى بن نصير في تنفيذ سياسة معاوية بن أبي سفيان الحربية ، الخاصة ببناء بحرية عربية ، تعمل على حماية شواطىء دولته المطلة على البحر المتوسط من خطر الأعداء ، خصوصاً و ان البيزنطيين كانوا قد أتخذوا من جزيرة قبرص مركزاً للإغارة على الشام ، و تهديد أمن أهلها .

و قد شارك موسى بن نصير في نشاط هذه المرحلة ، و أصبح أحد أمراء البحار ، و قاد الحملة ضد جزيرة قبرص ، و ما جاورها من الجزر .

و انغمس موسى بن نصير في المشاكل السياسية الكبرى ، التي أعقبت وفاة يزيد بن معاوية ، و بأستقرار الأمر لمروان بن الحكم سنة 65 هجرياً ، و توليه عرش الخلافة ، عاد موسى بن نصير الى خدمة بني أمية ، و كان عبد العزيز بن مروان ، الأبن الأكبر للخليفة ، قد لمس مواهب موسى بن نصير ، و عمل على الأستفادة منها في خدمة الأسلام ، و اعلاء شأن العروبة .

قدوم موسى بن نصير الى مصر

عند اسناد ولاية مصر الى عبد العزيز بن مروان، اصطحب معه موسى بن نصير ، فعمل مستشاراً له فى إدارة شؤون مصر ، ثم أرسل موسى بن نصير الى العراق ، ليكون وزيراً لبشر بن مروان ، والي البصرة .

استمر موسى في البصرة حتى وفاة واليها ، ثم عاد لدمشق ، فتصادف وجود عبد العزيز بن مروان بها ، فأصطحبه معه في عودته الى مصر ، و كلفه معاونته في ادارة شؤون ولايته .

الأحوال في شمال أفريقيا

في عام 75 هجري ، عاد موسى بن نصير الى مصر ، و كان الحديث فيها يدور حول الفتوح العربية في شمال أفريقيا ، و تعثرها ، و ضياع بعض المواقع .

لذلك تطلعت العيون الى موسى بن نصير ، و رشحته للقيام بالقيادة العامة في الميدان الأفريقي ، و قد أتاح له عبد العزيز بن مروان كل أسباب القوة و النفوذ ، و وضع تحت تصرفه كل ما في مصر و دواوينها من معلومات في هذا الخصوص .

حملة موسى بن نصير على شمال أفريقيا

في سنة 85 هجري ، غادر موسى بن نصير مصر ، متجهاً الى مقر عمله بالقيروان ، قاعدة الفتوح في شمال أفريقيا ، و التي كان قد أسسها عقبة بن نافع الفهري .

و قد نظم موسى بن نصير قواته تنظيماً حربياً رائعاً ، فوزع النشاط الحربي بين مجموعة من القادة العاملين تحت أمرته ، على أن تكون ضرباتهم في وقت واحد ، لإرهاب الأعداء ، فعهد بهذا العمل الى أبنائه الأربعة وهم :-

  1. عبد الله
  2. مروان 
  3. عبد الملك
  4. عبد العزيز 

و كذلك عهد الى مجموعة من خيرة المحاربين العرب ، و من بينهم أبناء عقبة بن نافع ، و نفر من أهل البلاد الأصليين الذين حَسُن إسلامهم ، و أشهرهم طارق بن زياد ، و بالأضافة الى هذا ، أخذ موسى بن نصير يبث روح الشجاعة في نفوس جنده ، ويبعث فيهم الثقة .

سير الحملات الحربية

  • اتجهت الشعبة الأولى من حملات موسى بن نصير ، بقيادة عبد الله الخشينى الى قلعة زغوان و ما جاورها ، و هي منطقة جبلية تقع بين القيروان و تونس ، و كان يسكن تلك المنطقة جماعة من عملاء الروم ، كانوا يشكلون خطراً على القيروان ، و أستطاعت هذه القوات أن تقضي على هذا الخطر .
  • و اتجهت الشعبة الثانية من قوات موسى بن نصير ، بقيادة ابنه عبد الله الى نواحي القيروان ، لإخضاع العناصر التي شَقَّت عصا الطاعة ، فأعادها الى ولاء العرب .
  • أما الشعبة الثالثة من قوات موسى بن نصير ، فكانت بقيادة ابنه الثاني مروان ، و وجهها الى منطقة أخرى من شمال أفريقيا لعقاب الموالين للروم ، و قد أنتجت سياسة موسى بن نصير الحازمة أُكلها فاستتب الأمن و النظام في شمال أفريقيا ، و نعمت بالهدوء و الطمأنينة .

فتح المغرب الأوسط

بعد أن أصبح موسى بن نصير آمنا في أفريقيا ، أرسل أحد قادته ، و هو عياش بن أخيل ، الى قبائل المغرب الأوسط و استطاع أن يُدخلها في طاعة المسلمين . 

و قصد موسى بن نصير الى منطقة ( سجوما ) التي شاهدت من قبل استشهاد عقبة بن نافع الفهري ، و جعل على مقدمة الجيش المحارب ، عياض بن عقبة بن نافع الفهري ، و زحف الجيش حتى وصل نهر ملوبة ، و التقى بالجماعات التي سبق أن أشتركت مع الروم في التصدي لعقبة بن نافع ، و أنزل الهزيمة بهم .

فتح المغرب الأقصى

بعث موسى الى تلك الجهات ابنه مروان ، على رأس قوة كبيرة ، أتجهت الى السوس الأقصى ، على حين سير قائده زرعة بن مدرك ، الى القبائل المقيمة في جبال أطلس العليا ، و نجحت الحملتان نجاحاً باهراً .

و أصبحت بلاد المغرب تدين بالطاعة لموسى بن نصير ، و لم يبق أمام هذا القائد المظفر غير بعض المدن الساحلية بالمغرب الأقصى ، التي كانت تخضع لأمير من الروم يُدعى ( يوليان ) ، و قد استطاع موسى بن نصير الاستيلاء على تلك البلاد في سهولة . 

و لم يبق أمام موسى بن نصير غير مدينة ( سبتة ) مقر يوليان أمير الروم ، فتركها موسى بن نصير في يد أميرها ، لتكون وسيلة للمسلمين لمراقبة سكان شبه جزيرة أيبيريا ، كما ترك بولاية طنجة القائد طارق بن زياد ، و عاد هو الى القيروان .

وفاة موسى بن نصير

قد خرج موسى مع الخليفة سليمان بن عبد الملك للحج عام 97 هـ ، و مات في الطريق في وادي القرى أو بممر الظهران .



 

نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-