ابن زيدون وأضحى التنائي


ابن زيدون وأضحى التنائي IBN ZEYDOUN

ولد ابن زيدون بمدينة قرطبة سنة 1003م، وهو أبو الوليد أحمد ابن عبدالله بن زيدون المخزومي الاندلسي القرطبي، وهو من نسب عربي صريح ينتمي الى قبيلة مخزوم القرشية.

كان أبوه قاضياً في قرطبة وجيها ثرياً غزير العلم والادب وقد توفي بالقرب من غرناطة وهو متوجه اليها لتفقد بعض ضياعه. وحُمل الى قرطبة فدفن بها.ولا يُعلم شيء عن زوجة ابن زيدون ولكن يُعلم أنَّ له ابناً يُدعى أبا بكر.

نشأة إبن زيدون في قرطبة ساعدته على الانكباب على العلم والتحصيل فقد كانت قرطبة مدينة العلوم و الآداب في الاندلس.

 لقد كان ابن زيدون في الحادية عشرة من عمره عند وفاة والده، وهذا الموت المبكر لم يمنعه من متابعة علومه وقد كان كثير الميل لعلوم العرب وفنون اللغة فحفظ كثيراً من آثار الأدباء و أخبارهم وأمثال العرب وحوادثهم ومسائل اللغة وكانت له أيضاً ثقافة فلسفية. فثقافة الشاعر ابن زيدون إذن ثقافة واسعة.

لم تكن قرطبة مسرحاً للعلم فقط بل كانت مسرحاً للهو والطرب، وكان أهلها في رخاء من العيش ميالين الى هذا اللهو وهذا الطرب، ولم تبعدهم الحوادث السياسية والفتن الداخلية عن الانهماك في لهوهم.

وقد مثَّل إبن زيدون أهل قرطبة أحسن تمثيل، فقد وُصف بأنه خفيف الروح كثير الدعابة، ميّال الى المجون الى جانب طموحه السياسي، ولهذا نال شهرة واسعة في مجالس قرطبة الادبية والاجتماعية والسياسية.


ولَادة و إبن زيدون

ولّادة هي بنت المستكفي بالله الخليفة الذي جاء قبل المعتمد بالله آخر خلفاء بني أمية في الاندلس، ولم يدم حكمه إلا سنتين في فترة مضطربة، وقد ترك بنتاً ذات جمال ،كان قد اهتم بتثقيفها فأحضر لها المعلمين والمؤدبين فتفتحت مواهبها.

كانت تتمتع ولّادة بما تتمتع به المرأة العربية في الأندلس من حرية في اللهو والعبث ومجالس الأنس. يُقال أنها كتبت على أحد عاتقي ثوبها المطرز بالذهب:

أنا والله أَصْلح للمعالي

           وأمشي مِشيتي أتيه تيه

وكتبت عل العاتق الآخر:

وأُمكِن عاشقي من صحن خدي

        وأُعطي قُبلتي من يشتهيها

نرى أنَّ ولّادة  مع ميلها للأدب ونظمها الشعر كانت مولعة بالحب مستسلمة للعبث ولكنها لم تتزوج طوال حياتها، وقد أولع بها ابن زيدون و أولعت به وربط المؤرخون ذِكرها بذكره.

حب إبن زيدون و ولادة

لا شك في أن إبن زيدون كان من جملة الشعراء الذين يقصدون منتدى ولادة الأدبي، وهو في ريع الشباب، وفي هذا المنتدى تمكنت بينهما أواصر الصداقة ووقع في أشراك حبها. وقد كانت حدائق قرطبة و بساتينها مرتعاً لحبهما، وفي خمائلها أخذا يتساقيان كؤوس الهوى تغمرهما ظلال الحب و دفؤه.

القطيعة بين إبن زيدون و ولَادة

لم تلبث ولادة أن تتبدل، فتظهر الجفا و تُذيق صاحبها عذاب الهجر بينما  هو يُبدي لها من التلطف والتذلل دليلاً على  حبه. ويُقال أن السبب: أن إبن زيدون قد طلب من جاريتها أن تُعيد له صوتاً  كانت قد غنته، فظنت ولادة أنه يغازلها فغضبت غضباً شديداً وكتبت اليه أبيات شعر مطلعها :-

لو كنت تنصف في الهوى بيننا 

وهكذا لعبت  الغيرة في قلب ولَادة وتكون سبباً في  جفائها  لعاشقها الشاعر الذي أخذ يبكي و يئن. .. و  حصلت القطيعة بينهما وكانت ولادة هي البادئة، وسمحت لعاشق جديد في حياتها.


القصيدة الفذة: أضحى التنائي

كتب إبن زيدون بعد القطيعة قصيدة فذة(أضحى التنائي) يتحسر فيها على انقضاء أيام الوصال ويشكو فيها ما يحسه من الوجد المبرح والألم القاسي، وقد بعث بها الى حبيبته ولادة يستعطفها ويتلهف على أيام وصال السابقة.




نبض أقلام
بواسطة : نبض أقلام
تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-